عواصم - (وكالات): حطت الطائرة التي تقل اللبنانيين الذين كانوا محتجزين لدى مجموعة من المعارضة المسلحة شمال سوريا منذ 17 شهراً، في مطار بيروت الدولي مساء أمس قادمة من إسطنبول، وعج المطار بالوفود الشعبية والمسؤولين السياسيين الذين انتظروا لساعات وصول اللبنانيين التسعة المفرج عنهم لاستقبالهم، في الوقت ذاته، أقلعت طائرة تقل الطيارين التركيين المفرج عنهما بعد أكثر من شهرين من الاحتجاز في لبنان من مطار بيروت الدولي نحو تركيا، وذلك في إطار عملية تبادل تشمل الإفراج عن عشرات المعتقلات السوريات في سجون النظام السوري، وهو المطلب الأساسي للمجموعة المنتمية إلى المعارضة السورية المسلحة. وقال وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور إن الطائرة التي تقل السجينات إلى تركيا «يفترض أن تكون أقلعت أيضاً بموجب الترتيبات اللوجستية التي كان تم التوصل إليها».
ويشكل هذا التبادل جزءاً من صفقة وافقت السلطات السورية عليها بناء على طلب لبناني. وشاركت في المفاوضات الشاقة التي أوصلت اللبنانيين التسعة وذويهم إلى النهاية السعيدة، دولة قطر بحكم علاقاتها الوطيدة مع المعارضة السورية المسلحة.
وقالت مصادر مطلعة على ملف التفاوض إن الصفقة التي تم التوصل إليها قضت بحصول «تزامن» بين انطلاق الطائرة التي تقل اللبنانيين من إسطنبول نحو بيروت، والطائرة التي تحمل المعتقلات السوريات إلى تركيا بناء على طلب مجموعة «لواء عاصفة الشمال» المعارضة للنظام السوري التي كانت تحتجز اللبنانيين. وكان شربل أشار إلى أن الخاطفين سلموا بيروت لائحة بأسماء 200 معتقل «يقول ذوو المخطوفين اللبنانيين إن غالبيتهم من النساء» يريدون الإفراج عنهم، مشيراً إلى أن السلطات السورية وافقت على الطلب لتسهيل عملية إطلاق اللبنانيين.
وخطف اللبنانيون، وكلهم من الشيعة - وكان عددهم 11 قبل أن يطلق اثنان منهم بعد أشهر- أثناء عودتهم من زيارة حج براً إلى إيران عبر تركيا وسوريا في مايو 2012، على أيدي مجموعة مسلحة اتهمتهم بأنهم موالون لحزب الله اللبناني المتحالف مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وأعلنت المجموعة الخاطفة منذ البداية أنها لن تفرج عنهم قبل الإفراج عن النساء المعتقلات في سجون النظام.
من ناحية أخرى، قتل 31 عنصراً من القوات النظامية السورية ومسلحي المعارضة أمس في تفجير سيارة مفخخة واشتباكات جنوب شرق دمشق، فيما بدأ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي جولة إقليمية في مصر تهدف إلى التحضير للمؤتمر الدولي حول السلام في سوريا، المعروف إعلامياً باسم «جنيف 2».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان «ارتفع إلى 15 عدد شهداء الكتائب المقاتلة الذين قضوا خلال الاشتباكات بين القوات النظامية السورية من طرف وألوية الحبيب المصطفى وكتائب شباب الهدى وجبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام من طرف آخر» في بلدة المليحة جنوب شرق العاصمة السورية.
وبدأت الاشتباكات «بتفجير مقاتل من جبهة النصرة نفسه بعربة مفخخة على حاجز القوات النظامية في محيط معمل تاميكو» الواقع بين بلدة المليحة ومدينة جرمانا. وأشار المرصد إلى «مقتل 16 جندياً من القوات النظامية» في الانفجار والاشتباكات.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن مقاتلي المعارضة «يحاولون إحكام سيطرتهم على الحاجز» الذي تم تفجيره، مشيراً إلى أن النظام «يشن غارات جوية على المنطقة لمنع تقدم المقاتلين». وأشار إلى أن الاستيلاء على الحاجز الاستراتيجي والمنطقة المحيطة به من شأنه أن يجعل مدينة جرمانا، أحد أماكن ثقل النظام، «مكشوفة» أمام مقاتلي المعارضة.
في المقابل، تحدثت وكالة الأنباء السورية سانا عن «تفجير إرهابي انتحاري نفسه بسيارة مفخخة بكمية كبيرة من المتفجرات في محيط شركة تاميكو للصناعات الدوائية» عند مدخل جرمانا من جهة المليحة ما تسبب في «إصابة 15 مواطناً»، «إصابة معظمهم بليغة»، بالإضافة إلى «وقوع أضرار مادية كبيرة في المكان». وبعد التفجير، اندلعت معارك عند أطراف جرمانا تخللها سقوط قذائف هاون مصدرها مسلحو المعارضة على هذه الضاحية التي تسيطر عليها القوات النظامية، بحسب سكان من جرمانا والمرصد.
وعلى جبهة ثانية في حلب شمال البلاد، «اعتقل مقاتلو دولة الإسلام في العراق والشام أكثر من 35 مقاتلاً من الكتائب المقاتلة». ورفع الائتلاف الوطني السوري المعارض من حدة لهجته أخيراً منتقدا دولة الإسلام في العراق والشام «داعش» ومتهماً إياها «بسرقة الثورة». دبلوماسياً، يواصل المجتمع الدولي جهوده لعقد مؤتمر دولي لحل الأزمة السورية يتوقع انعقاده في نوفمبر المقبل. ولهذه الغاية، بدأ الموفد الخاص للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي في مصر جولة تقوده إلى عدد من بلدان المنطقة بينها دمشق وطهران، بحسب ما أعلنت المتحدثة باسمه.
وتأتي هذه الجولة قبل أيام من عقد اجتماع في لندن لـ «مجموعة أصدقاء سوريا» الذي سيتناول أيضاً مؤتمر جنيف 2. والتقى الإبراهيمي في القاهرة وزير الخارجية المصري نبيل فهمي على أن يلتقي الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وصرح الإبراهيمي إثر اللقاء مع فهمي للصحافيين أن «المباحثات تناولت الأزمة في سوريا وهي أزمة قاتلة يتخبط فيها الشعب السوري الشقيق منذ عامين ونصف عام».
وأضاف أن «هناك الآن جهداً حثيثاً من قبل جهات مختلفة على المستوى الدولي والإقليمي لعقد مؤتمر جنيف 2 ووضع الإخوة السوريين على طريق الحل السياسي الذي يعد وحده القادر على أن ينهي هذه الأزمة بما يحقق طموحات الشعب السوري في الحرية والاستقلال ووحدة الشعب والتراب السوري وبناء كما يسميه البعض وأنا منهم الجمهورية السورية الجديدة». من جهته، قال فهمي عقب المباحثات إن «الحديث مع الابراهيمي دار حول الوضع في سوريا وما يتم حالياً من جهد للأعداد لمؤتمر جنيف 2، وقد أكدت من جانبي في هذا الإطار تأييد مصر الكامل للحل السياسي للمشكلة السورية والحل الذي يحقق تطلعات وآمال الشعب السوري في حياة حرة ديمقراطية وكريمة للجميع ويحافظ على وحدة سوريا كدولة وعلى صيانة أراضيها».
في موازاة هذه التطورات، تستمر عملية تفكيك الترسانة الكيميائية السورية. وبث التلفزيون الرسمي السوري في نشرته الإخبارية لقطات مصورة تظهر قيام مفتشي البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة بتفكيك وإتلاف تجهيزات في مواقع لإنتاج هذه الأسلحة وتخزينها. واعتبرت موسكو أن اقتراح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بنقل مخزون الأسلحة الكيميائية السورية «في سفينة إلى خارج المنطقة» لتدميره بشكل آمن، «سابق لأوانه».
وفي بروكسل، أعلنت النيابة الفيدرالية البلجيكية أن جيجوين بونتيك البلجيكي البالغ من العمر 18 عاماً والمقرب من أوساط المتشددين والذي أمضى في سوريا 8 أشهر، اتهم بالانتماء إلى مجموعة إرهابية غداة عودته إلى بلجيكا.