كتب - أحمد الجناحي:
قال باحثون وأكاديميون، إن: «السلام هو نوع من التناغم بين الجسد والروح والعقل»، ورأوا أن المرء لا يمكن أن يعيش في سلام ويسلب حقوق وسلام الآخرين، ذلك أن السلام النفسي لا ينتقص أبداً من سلام الآخر».
وأضافوا أن «السلام مع الذات ينعكــــس على الآخرين في التعامل وغيره، والسلسلة تغذي بعضها البعض، الفرد يؤثر علـــى الأسرة، والأسرة تؤثر على المجتمع وتكتمل السلسلة، والأمر بالمثل من الجهة الأخرى، حيث سياسة الدولة المبنية على السلام تورد السلام للمواطنين وتغذيهم بها».
ونصحوا بإدخال مناهج تربوية وتطبيقها عملياً بأنشطة رياضية مثل مباريات فيها خاسر وفائز بقصد تعليم روح الود والمحبة بعيداً عن المشاحنات وتصفية النفس أولاً وقبل كل شيء، مضيفين أن «ثقافة السلام النفسي يجب أن يوردها الكبار للصغار، فالبيئة الجغرافية ملائمة والإرث المبني على السلام موجود، وعلينا أن لا نسمح للعوامل الخارجية أن تسلب من العوائل هذا الإرث والكنز العظيم، وأكدوا ضرورة التعديل على البرامج الإعلامية والمناهج التربوية في كل المؤسسات التعليمية».
وأكدوا أن «الإنسان يستطيـــع بالســـلام النفسي، أن يغير العالم، مضيفين أن من الممكن أن نغير كثير من الأمور بالسلام لا بالحروب، بشرط أن يملك الشخص الســـلام الداخلي، وبعض المشاكل التي يتعرض لها الإنسان تهز السلام النفسي بداخلة بحكم عوامل الضغوطات الحيايتة، وعليه أن يجعل السلام النفسي المتحققة بالإيمان قيمته الأولى ليحافظ على الاستقرار، حيث يعتبر السلام النفسي نوعاً من التناغم بين الجسد والروح والعقل».
وتشير الأبحاث العلمية الصادرة من الجمعية الأمريكية للعلوم النفسية أن الضمير يشكل الدور الأساســي لخلـــق الســـلام الداخلـــي للنفس البشرية، حيث يبدأ سلام العالم مع سلام النفس والمجتمع، والهدوء، والرضـــا، والحياة الكريمة، والراتب الجيد، والتعليم المتواصل، والفرصة في حياة مستقرة، إلى جانب الإيمان والقناعة والاستقرار الذاتي، لأن السلام الداخلي هو الأساس، وقيمــة السلام تكمن في الحياة.
وعرف البعض السلام النفسي والاصطفاف الذاتي بقمة الهرم الروحي للعيش بسعادة وهناء وراحة بال بعد تأسيس المبادئ التي تحقق عملية شحن القلوب بتحقق مبدأ «بناء الأفراد من خلال إنجاز المهام»، وهو مختلف عن «أداء المهام من خلال الأفراد»، والبعض الآخر أشار إلى أن السلام النفسي هو اتصال ذاتي لتحقيق نداء داخلي غالباً ما يكـــون نداء الخير في القلوب، والإنصات والاستماع له بما يتماشى مع قوانين الطبيعة التي تخلق التوازنات في الحياة، ورأى البعض أن السلام النفسي أكثر من مجرد غياب الحرب النفسي والصراع مع الضمير بل هو السلام الذي يتعلق بعمق حياتنا الذاتية من الداخل والمتعة في خضم هذه الحياة وليس الانسحاب منها، باعتمادها على الأسس الأربعة لقيام السلام النفسي في الحياة، الحب، والتعلم، والذكرى الطيبة، مع استخدام الملكات الأساسية التي تكمن في إدراك الذات والوعي والإرادة المستقلة.
السلام الداخلي
ويقــول رئيــس قســـم العـــلاج المهنــــي بمستشفى الطب النفسي د.هيثم علي جهرمي، إن: «السلام النفسي أو السلام الداخلي هو حالة نفسية من الرضا والارتياح «السلام النفسي- أو السلام الداخلي الـ inner peace هو حالة نفسية من الرضـــا والارتياح يصل لها الفرد عندما يتقبل المرء نفسه والبيئة المحيطة به فتكون أقواله وأفعاله ومشاعره منسجمة دون تناقض في المواقف والآراء ودون تعدي على الآخرين فنجد أن الإنسان يشعر ويفكر ويتصرف بنفس الطريقة أمام الأمور الحياتية»، ويضيف «يذكر دائماً علماء النفس أنه يمكن تحقيق السلام للعالم وللمجتمع من خلال السلام الداخلي، حيث يتبين دور المسؤولية الفرديـــة إذ إنــــه يجــــب أولاً أن نتوصــــل للسلام داخل أنفسنا بتقبل أنفسنا وتقبل الآخرين، ثم التوسع تدريجياً لشمل عائلاتنا والأصدقاء المقربون وزملاء العمل ومجتمعنا والعالم كاملاً حيث إن طبع الإنسان السوي هو تقبل والتعايش مع الآخرين»، ويرى أن الصلاة والتأمل وتقبل الآخرين إلى جانب العمل لخدمة الناس والوطن من أهم الأمور التي تحقق السلام النفسي الداخلي، مستدلاً بالآية الكريمة «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»، سورة التوبة 105، «نجد أن الآية الكريمة تحث على العمل من أجل الرضا للنفس ورضا الله عز وجل اقتداءً بالنبي صلى عليه وسلم، حتى نستطيع أن نورد السلام للناس المحيطين بنا».
وفي إجابته عن مدى وجود ثقافة السلام النفسي، بشكل كافي في المجتمع البحريني ليتعامل الفرد بها مع المجتمع يقول الدكتور «نعم وبكل تأكيد، فالشخص البحريني معروف بشخصيته المتكاملة الايجابية التي تطمح دوما لخدمة الناس والمجتمع. مثلاً نجد الطبيب عضواً في لجان ومؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات والنوادي المتعلقة بالأمـــراض والإعاقـــة. ونجـــد أن المدرس عضو في لجان ومؤسسات المجتمع المدني المتعلقة بالسمو بالأخلاق والمعارف والبحث العلمي، ويرجع ذلك كله للخدمات التي توفرها مؤسسات الدولة من تعليم وإعلام وصحة وخدمات اجتماعية تهيئ الفرد للعطاء اللامتناهي».
السلام مع الذات
وترى القائم بأعمال مدير عام السياسات والتطوير بالمجلس الأعلى للمرأة د.دنيا أحمد، أن «السلام النفسي، يأتي من السلـــم التي يدخل الأمان، وتدخل الراحة في مضامينه، وتقول «إن كنت في سلام مع نفسي، أستطيع أن أورد السلام للآخرين، ولا يمكن أن يعيش المرء في سلام ويسلب حقوق وسلام الآخرين، السلام النفسي لا ينتقص أبداً من سلام الآخر»، وتضيف «السلام مع الذات ينعكس على الآخرين في التعامل وغيره، والسلسلة تغذي بعضها البعض، الفرد يؤثر على الأسرة والأسرة تؤثر على المجتمع وتكتمل السلسلة، والأمر بالمثل من الجهة الأخرى، حيث سياسة الدولة المبنية على السلام تورد السلام للمواطنين وتغذيهم بها».
وتشير د. دنيا أحمد إلى عدة مؤثرات تسلب السلام النفسي، الذي اكتسبه المجتمع البحريني، من البيئة الجغرافية والإرث السلوكي وتقول إن» المجتمع البحريني يعيش بطبيعة جغرافية رطبة ومطلة على البحر، أي يعيش في مناخ محب للسلام، ليس بجاف وقاسي، والطبيعة السلوكية التي ورثها المجتمع بطبيعة حالها مسالمة، الوضع الدولي والتربية التي ورثناها كلها تنادي بالسلام»، وتضيف «هناك مؤثرات وعوامــل خارجيـــة جعلتنـــا نفقـــد بعـــض الأطباع والسلوكيات السلمية، ومن أهم هذه المؤثرات الخارجية، ألعاب الفيديــــو الإلكترونية التي يلعبها الأطفال بجو الحروب والقتال والعنف بلغة التسلية، التي تنعكس على شكل سياسات وأطباع وسلوكيات عند النشأة في التعامل مع الآخرين، تجد الشاب لا يطيق أن يسمع كلمة من زميلة، أو يتشاجر معه بسبب طاولة أو كرسي بالمدرسة».
مناهج تربوية
وتوضـــح، أن «السلام النفسي المـــوروث موجود، لكن لا يجب التعويل عليه، وتنصح بإدخال مناهج تربوية وتطبيقها عمليـــاً بأنشطة رياضية مثل مباريات فيها خاسر وفائز بقصد تعليم روح الود والمحبة بعيداً عن المشاحنات وتصفية النفس أولاً وقبل كل شيء، وتضيف «ثقافة السلام النفسي يجب أن يوردها الكبار للصغار، فالبيئـــة الجغرافية ملائمة والإرث المبني على السلام موجود، وعلينا أن لا نسمح للعوال الخارجية أن تسلب منها هذا الإرث والكنز العظيم»، مؤكده أنه من الضروري التعديل على البرامج الإعلامية والمناهج التربوية في كل المؤسسات التعليمية».
وترى الدكتورة أن السلام الداخلي يتحقق بالرضا عن الذات «الرضا عن الذات يجعل الإنسان يعيش بسلام دون حروب وصراعات داخلية تنعكس على الآخرين، والحصول على كنز القاعة دون قتل الطموح والنظرة المستقبلية الإيجابية، وعندما يتحقق ذلك يمكننا أن نصدر ونورد السلام للآخرين، ونمنح طاقتنا الإيجابية لهم، إن انعكاس السلام النفسي على الممارسات والسلوكيات دون المساس بحريات الآخرين يبعث السلام للعالم»، وتشيد الدكتورة دنيا بدور المرأة في السلام «الأم تغذي الطفل بمفاهيم معينة، يجب أن يكون أحدها السلام النفسي، لأن المرأة تلعب دوراً كبيراً وغير محدود في بناء المجتمع، فهي مربية بالمقام الأول للأجيال».
مدرسة الطب الشرقية
ويقول إبراهيم التميمي المختص والقارئ في علم الاجتماع، إن» قيمة السلام النفسي تكون بالإيمان بالله سبحانه وتعالى، مضيفاً أن مدرسة الطب الشرقية تدعو بمعالجة المشاكل النفسية التي بدورها تعالج المشاكـــل الصحية، أي أن السلام النفســـي يبدأ بالسلام مع الجسد الذي يقود إلى السلام مع كل شيء يحيط بالإنسان» السلام النفسي من أهم الأسباب الصحة النفسية التي تؤثر على الصحة الجسدية، حيـــث إن المرض الجسدي أصله مرض نفسي يتحول إلى عرض جسدي».
ويضيف مستغرباً من البعض الذي يتسترون تحت العباءة الدينية في دعوتهم لما يخالف السلام «يقول الله سبحانه وتعالى في القران الكريم «ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلما لرجل»، أي رجل يملك سلام داخلي، وآخر يملك مشكلة نفسية قد تكون حقد أو غيره، إن كل الأديان تدعو إلى السلام، واليوم نستغرب ممن يدعون الإيمان أنهم يملكون مشاكل مع الناس، حتى أصبح ذلك يؤثر على الخطاب الديني الذي لا يكاد يخلو من كره الآخر»، ويستدل التميمي بما يخص ارتباط المرض الجسدي بالنفسي بـمقولة «لويس هلري» الكاتبة بالسلام النفسي، التي شخصت حوالي 118 مرض في العالــــم وربطته بالعامل النفسي بذكرها في كتاب القوانين الروحية «كما تكون أنت بالداخل تكون بالخارج.. وكما تكون أنت في الأرض تكون في السماء» ويفسر ذلك «ما بقلبك يخرج للعالم المحيط بك، إن كان بك حقـــد وكره فستسرب ذلك إلى من حولك، وعندما تكون عندك مع الخلق تكون في الأساس عندك مشكلة مع الخالق»، ويضيف «أن من جملة الأمراض التي ذكرتها الكاتبة، الدسك وربطت بالتوتر والخوف من المستقبل المالي، والروم الذي يصيب مقدمة الرأس بالعناد ورفض إعادة برمجة النفس وتقبل التغيير، وألم المرارة بالغضب الغير متحلل»، كما يستدل بربط السلام النفسي بالإيمان بدراسة قدمها الدكتور العراقي عبدالرحمن ذاكر التي أشار فيها بعد دراسته 180 عصـراً من العصور الإسلامية القديمة أن الأمراض النفسية في الأزمنة الإسلامية القديمة نادرة بسبب ارتفاع نسبة الإيمان في المجتمع بذاك الوقت، والإيمان بقضاء الله وقدره والتعامل الحسن مع الله.
السلام يغير العالم
ويشير التميمي إلى أنه «من خلال السلام النفسي يستطيع الإنسان أن يغير العالم»، من الممكن أن نغير كثير من الأمور بالسلام لا بالحروب، بشرط أن يملك الشخص السلام الداخلي.
وبعض المشاكل التي يتعرض لها الإنسان تهز السلام النفسي بداخله بحكم عوال الضغوطات الحيايتة، وعليه أن يجعل السلام النفسي المتحققة بالإيمان قيمته الأولى ليحافظ على الاستقرار، حيث يعتبر السلام النفسي نوعاً من التناغم بين الجسد والروح والعقل.
وعن تأثير السلام النفسي على التعايش المجتمعي يقول «كلما تشعر به من الداخل يتسرب إلى الخارج، إن كنت حاقداً وترغب بالصراع سيخرج ذلك ويؤثر في علاقاتك مع الآخرين، وبالتالي يؤثر على المجتمع وتسقط فيه القيم، فيصبح المجتمع مادي، يصبح المجتمع متذابحاً، ويصل لمرحلة طغيان الجسد على الروح».
ويضيــف «الأركــان الدينيـــة والاجتماعيــــة والنفسية والروحانية لا بد أن يتوازع فيها الإنسان من خلال الجسد والروح والعقل والقلب، وكما قال النبي صلى عليه وسلم «إن لنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقــــه».