كتب - عبدالله إلهامي وأحمد الجناحي:
اختار المنظمون للنسخة الـ«22» من مهرجان البحرين الدولي للموسيقى، الأوبرا فاتحة لمهرجان هذا العام، عبر حفل «أوبرا مجنونة» أمس الأول على مسرح البحرين الوطني.
وعزفت الأوركسترا النشيد الوطني البحريني، لتبدأ إبداعات أدهشت الجمهور ما بين الغرابة في العرض وحتى عزف الأوكسترا بطريقة مجنونة ومختلفة أدهشت الجمهور بإيقاعاتها السريعة كموسيقى أفلام «المهمة المستحيلة» حافظت فيها على تناغم الآلات، لتنطلق بعده في نسج فنون عديدة ومواهب جميلة، تصنع مشهد الأوبرا ما بين مقطوعات غربية وإيقاعات عربية أصيلة، جرت فيها مغنية السوبرانو سمر سلامة صوتها إلى روائع الغناء والموسيقى العربية والغربية.
ودمجت الفرقة جمال الآلات الشرقية بالغربية كالعود والدف بالبيانو والكمان، ومشاهد متتالية رومنسية وزومبي وقفزات على خشبة المسرح أقحمت الجمهور بالعرض بذهول وإعجاب عبر عنه تصفيقهم الحار عند كل مشهد، عبر أسلوب خيال الظل الذي لجأ إليه المخرج لأداء بعض المشاهد التي غنيت بلغات مختلفة وأوبرا بصوت القطط مع لبس متناسق ومناسب، ما جعل العرض مجنوناً أكثر بنظر الجمهور.
وقدم العرض حركات رشيقة وإضاءة استرخائية عبر أمزجة مختلفة من المقطوعات الأوبرالية في قوالب تجمع ما بين الموسيقى والرقص والغناء، صنعتها فرقة «أوبرا مجنونة» المكونة من كل من مغنية السوبرانو سمر سلامة، الفنانين زياد نعمة وروجيه أبي نادر، والمايسترو توفيق معتوق، إضافة إلى أوركسترا وفرقة الغناء من الجامعة الأنطونية.
وقالت نجمة الأوبرا «المجنونة» مغنية السوبرانو سمـر سلامة لـ«الوطن» إن أكثر ما يؤثر على الجمهور هو الغناء بإحساس في جو موسيقي متناغم مع اللبس والديكور وحتى عزف الآلات، ولولا إتقان أفراد الفرقة أداءهم كل في مجاله لما ظهر هذا العمل بالمستوى الذي نشهده اليوم، فتركيب الفساتين والإضاءة والديكور تناغمت لتعطي هذا الجو الأوبرالي المجنون والمبهر، مشيرة إلى أن الفكرة كانت بحاجة لفريق عمل مجنون يعيش الجو نفسه كما هو الحال الآن.
وذكرت أنها دخلت الوسط الأوبرالي مصادفة في البداية عندما واجهت صعوبة في غناء أغنية «زومبي» كانت تسمعها على أحد الإذاعات بالراديو مما جعلها تقبل التحدي وتدخل المجال بتمكن وإتقان لتوصل رسالة تختلف تفاصيلها وتجتمع أهدافها عبر الأوبرا المجنونة، مخاطبة الجمهور «كونوا كريزي».
وسبق لسلامة أن صرحت أن عرض أوبرا مجنونة يعمل على إنتاج شكل مختلف وحديث للأوبرا، يخرجها من صورتها النمطية في ذهن الجمهور العربي ويقربها لهم عبر دمج عدد من الآلات الشرقية مع الأوركسترا الكلاسيكية الغربية.
بدوره أعرب مخرج العمل عبر عن سعادته بتقديم عرض مختلف خرج فيه من إطار الأوبرا الغربية بإدخال آلات شرقية وغربية ورقصات تتناغم مع كل آلة وإضاءة خصصت للمسارح إلى جانب الديكور، التي كونت مشاهد ومقاطع متناسقة ومنسجمة توالت واحدة تلو الأخرى دون أن يشعر الجمهور بأي قطع.
وقال: برأيي كمخرج أن مشهد دمج العود مع الأوبرا والبيانو الذي عكس انسجام الآلات الغربية والشرقية إلى جانب المشهد الأساسي «الزومبي» الذي انسجم الراقصون فيه مع عزف الآلات، أكثر المشاهد التي شدت الجمهور وأثرت به، مشيراً إلى أن الأوبرا لم تأخذ حقها في الوسط الشرقي لذا دمج الأوبرا الغربية بالشرقية لينقل الفكرة بأسلوب مبتكر يسعى من خلالها لخلق أوبرا شرقية خاصة.
وأكد أن الأوبرا الشرقية تحتاج للتشجيع، مردفاً: لدينا من الإمكانات والفنانين والرقاصين وحتى الآلات الكثير والمبدعين لخلق أوبرا شرقية، لكننا بحاجة لتشجيع هذه المواهب لنكتفي نحن بطاقاتنا عوضاً عن الاستعانة بالمواهب الأجنبية، وثلاث أرباع العالم يقدمون الفن الشرقي،
وتقدم أفراد الفرقة بالشكر لمملكة البحرين لاختيارها الفرقة لافتتاح المهرجان ولاستقبالها الطيب.
يذكر أنه قبل ابتكارها لفكرة «أوبرا مجنونة»، كانت مغنية السوبرانو اللبنانية سمر سلامة تنمي حرْفتها في عاصمة الأوبرا العالمية إيطاليا، حيث تنقلت بين أرجائها كعضوة في فرقٍ أوبرالية ومغنية منفردة، ونالت شهادة في فن الغناء من كونسرفاتوار روما الوطني العام 2006. ومكنتها موهبتها الفذة وخلفيتها متعددة الثقافات من إطلاق مشروعها الجديد الذي أطلقت عليه اسم «أوبرا مجنونة» للتعبير عن محتواها المبتكر، إذ تتراقص فيها المقطوعات الأوبرالية الغربية على أنغام الإيقاعات والغنائيات العربية الأصيلة، وتستعرض فنون الغناء الأوبرالي والكورالي والرقص في مشهد فني رائع.
ويأتي المهرجان هذا العام في سياق الاحتفاء بالمنامة عاصمة السياحة العربية 2013 وبمناسبة اليوم العالمي للموسيقى الذي يصادف مطلع أكتوبر، وبهذه المناسبة، قالت وزيرة الثقافة في كلمتها في افتتاح المؤتمر مهرجان البحرين الدولي للموسيقى 22: إن «الموسيقى لغة كل الشعوب، نجتاز بها المسافات، نخاطب شعوب العالم، ونصافح حضاراتهم وثقافاتهم»، شاكرة الإعلاميين والمثقفين على مواكبتهم الدائمة للنشاطات الثقافية التي تقدمها وزارة الثقافة، ورحبت بالفرق الفنية القادمة من أنحاء العالم معبرة عن سعادتها بتقديمهم للعروض التي سيتعرف إليهم من خلالها الجمهور البحريني.