شددت فرنسا والمكسيك لهجتهما مطالبتين واشنطن بإيضاحات إثر كشف معلومات جديدة حول التجسس الأمريكي دفعت بباريس إلى استدعاء سفير الولايات المتحدة احتجاجاً على ممارسات «غير مقبولة»، وطلبت فرنسا من السفير الأمريكي أن يقدم لها ضمانات بعدم إجراء تنصت على اتصالات فرنسيين بعد الآن على إثر الكشف عن معلومات جديدة، بحسب الخارجية الفرنسية.
واستقبل مدير مكتب وزير الخارجية لوران فابيوس، اليكساندر زيغلر السفير الأمريكي تشارلز ريفكين.
وصرح نائب مدير قسم الإعلام في الوزارة اليكساندر جيورجيني في لقاء صحافي «ذكرناه بأن هذا النوع من الممارسات بين شركاء غير مقبول وينبغي تقديم ضمانات لنا بأنها لن تجري» بعد الآن.
وطلبت باريس «تقديم رد ملموس في اقرب وقت على مخاوفنا».
وسيبحث وزير الخارجية لوران فابيوس هذا الموضوع مع نظيره الأمريكي جون كيري في لقاء مرتقب في مقر الخارجية الفرنسية اليوم قبل اجتماع لأصدقاء سوريا في لندن.
وقد عبر رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك ايرولت في كوبنهاغن عن «صدمته» للمعلومات عن تجسس أمريكي على فرنسا وطالب الولايات المتحدة بتقديم «أجوبة واضحة» حول هذه الممارسات.
وقال ايرولت أمام الصحافيين «لقد أصبت بصدمة شديدة، أن تتمكن دولة حليفة مثل الولايات المتحدة من الذهاب إلى حد التجسس على اتصالات خاصة بدون أي مبرر استراتيجي أو مبرر الدفاع القومي»، مطالباً الولايات المتحدة «بردود واضحة وبأن تبرر الأسباب التي كانت وراء استخدام هذه الممارسات وخصوصاً عبر إيجاد ظروف الشفافية ليتم وضع حد لها».
من جانبه، اعتبر وزير الداخلية مانويل فالس أن المعلومات الصحافية عن تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على نطاق واسع على اتصالات الفرنسيين «تثير الصدمة وتستدعي إيضاحات دقيقة من السلطات الأمريكية خلال الساعات المقبلة».
وكشف موقع صحيفة «لوموند» الفرنسية على الإنترنت استناداً إلى وثائق سربها العميل السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية «أن اس ايه» ادوارد سنودن في يونيو الماضي أن الوكالة الأمريكية سجلت 70.3 مليون تسجيل لمعطيات هاتفية للفرنسيين طيلة 30 يوما بين 10 ديسمبر 2012 و8 يناير 2013.
وقال مانويل فالس «في ظل تقنيات الاتصال الحديثة، يجب بطبيعة الحال وضع قواعد، وهذا الأمر يعني كل البلدان»، مضيفاً «إذا كان بلد صديق، حليف يتجسس على فرنسا أو على بلدان أوروبية أخرى، فإن هذا الأمر غير مقبول». وتصف تلك الوثائق التي كشفها سنودن في يونيو الماضي التقنيات المستخدمة بطريقة غير شرعية لرصد أسرار الحياة الخاصة للفرنسيين، وفق الصحيفة.
وأضافت لوموند أن الوكالة الأمريكية تستعمل عدة سبل لجمع المعلومات. فعندما يتم استخدام بعض أرقام الهاتف في فرنسا، تقوم بتفعيل اشارة تطلق تلقائيا عملية تسجيل بعض المكالمات، كذلك شمل التنصت الرسائل الهاتفية القصيرة ومضمونها بالاستناد إلى كلمات مفاتيح. وأخيراً، تحتفظ وكالة الأمن القومي الامريكية بشكل منهجي بسجل الاتصالات لكل رقم مستهدف. وتعطي الوثائق إيضاحات كافية تدفع إلى الاعتقاد أن أهداف وكالة الأمن القومي الأمريكية تشمل أشخاصاً يشتبه في علاقتهم المفترضة بنشاطات إرهابية أو لمجرد انتمائهم إلى أوساط الأعمال أو السياسة أو إلى الإدارة الفرنسية.
ويظهر الرسم البياني لوكالة الأمن القومي الأمريكية رصد معدل 3 ملايين معطى يوميا مع ارقام قياسية بلغت 7 ملايين في 24 ديسمبر 2012 و7 يناير 2013، بحسب الصحيفة. كذلك طلبت الحكومة المكسيكية إيضاحات من واشنطن اثر كشف مجلة «دير شبيغل» الألمانية معلومات تفيد أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تجسست على رسائل إلكترونية للرئيس السابق فيليبي كالديرون.
وافادت «دير شبيغل» استنادا الى الوثائق التي كشفها سنودن ان وكالة الامن القومي الامريكية تجسست على اتصالات الحكومة المكسيكية طيلة سنوات عدة.
وقالت وزارة الخارجية المكسيكية إن «هذه الممارسة غير مقبولة وغير مشروعة ومخالفة للقانون المكسيكي والقانون الدولي». وطالبت بتحقيق «في أقرب وقت ممكن». وعلقت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف الشهر الماضي زيارتها إلى الولايات المتحدة بعد كشف معلومات حول التجسس الأمريكي على اتصالاتها الخاصة واقرب معاونيها وعلى اتصالات شركات كبرى مثل عملاق النفط البرازيلية «بتروبراس». ووعد الرئيس باراك اوباما حينها بفتح تحقيق حول المسالة.
في المقابل قلل البيت الأبيض من شأن الجدل الناجم مما كشف من فضائح حول التجسس الأمريكي في فرنسا، مؤكداً أن واشنطن تجمع من الخارج معطيات «من النوع نفسه التي تجمعه كل الدول».
وأوضحت المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكية كايتلن هايدن «لن نعلق علناً على كل أنشطة الاستخبارات المفترضة، وقلنا بوضوح إن الولايات المتحدة تجمع معطيات استخباراتية في الخارج من النوع نفسه الذي تجمعه كل الدول».
«فرانس برس - «لوموند» الفرنسية - «دير شبيغل» الألمانية»