بعد مرور سنتين على سقوط نظام معمر القذافي، يخيم شبح الحرب الأهلية على ليبيا حيث تفرض الميليشيات المسلحة نفوذها وتحول دون بناء دولة مستقرة. فعندما اعلن الثوار «تحرير» البلاد من قبضة نظام معمر القذافي في 23 أكتوبر 2011 بعد 3 أيام على مقتل الزعيم المخلوع الذي حكم ليبيا زهاء 40 عاما، كان الليبيون يصبون لأن تصبح بلادهم الغنية بالنفط بمثابة دبي جديدة. أما اليوم فبات هاجس السيناريوهين الصومالي والعراقي يسيطر عليهم. وفي الواقع، فإن الثوار السابقين الذين قاتلوا النظام السابق خلال 8 أشهر من النزاع والذين كانوا يحملون كل الآمال، اصبحوا بعد بضعة اشهر مصدر كل مصائب البلاد والفوضى السائدة فيه. من جهته، قال رئيس الوزراء علي زيدان إن «قوى عدة تعوق بناء الجهاز الأمني للدولة». وأتى خطف رئيس الوزراء بداية الشهر الجاري على يد ميليشيا «شبه رسمية» ليظهر هشاشة السلطة المركزية في مشهد سياسي مشرذم ومعقد حيث غالبا ما تعلو الولاءات والخصومات المحلية والقبلية والأيديولجية على الانقسام بين «الإسلاميين» و»الليبراليين». وهكذا تقع اشتباكات بصورة منتظمة بين الميليشيات او القبائل خاصة في إطار نزاع من أجل السيطرة على حركات التهريب على الحدود. ولشراء السلام وزعت السلطات الانتقالية بشكل مكثف ملايين الدولارات على عشرات الميليشيات، مما أتاح المجال أمام انحرافات مافياوية. وعندما تتوقف الحكومة عن توزيع «المكافآت» او تسعى الى حل الميليشيات، فان الاخيرة لا تتوانى عن مهاجمة مؤسسات الدولة وخطف مسؤولين او تعطيل مواقع نفطية.
«فرانس برس»