قال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء إن مجلسه الأسبوعي مكان لـ«التوافق وأداة للتواصل مع الناس ولا يمكن القبول بتسييســـه». وأضاف «آثار الأزمة لم تنته لكن الوضع بات أفضل (...) تأخرنا خلال السنوات الـ 3 الماضية جراء تدخلات لا معنى لها (...) العمل مستمر لتقريب وجهات النظر».
وأضاف سموه، في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط اللندنيـــة خـــلال مجلســـه الأسبوعـــي، أن «البحرينييـن المنتمين لكل الطوائف والأفكار هم مواطنون صالحون، واعتبر هذا المجلس أداة للتواصل بيني وبين الناس، وبين الناس وبعضهم البعض. التسامح جزء أصيل من تركيبة الإنسان البحريني، وهو يظهر الآن مجدداً(..)هذه هي البحرين التي عهدناها».
وشدد سموه على رفض «تسييس هذا المجلس، فللآراء السياسية منافذها، نريد أن يكون مجلسنا مكاناً للتوافق، فلو طرح أحدهم رأياً سياسياً، لربما رد عليه أحد برأي مخالف، وأصبحت ساحة جدل، ليس هذا مكانها. نحن هنا للتواصل مع الناس من التيارات كلها، للاطمئنان عليهم، وأشكر كل من يحضر لهذا المجلس لتأكيد التوافق».
وحول آثار الأزمة، قال سمو ولي العهد: «هذه الآثار طبعاً لم تنته، لكن الوضع الآن أفضل بكثير من السابـــق، العمل مستمر لتقريب وجهات النظر، وتصفية النفوس، وهذا عمل لا ينتهي بين يوم وليلة ولا خلال أشهر قليلة، بل يتطلب نفساً طويلاً، وعملاً دؤوباً»، مضيفاً: «نحن في البحرين ننتمي إلى طوائف وأعراق مختلفة، كما إننا نتأثر بأحداث المنطقة من حولنا، وتدخلات من هنا وهناك».
وأكــد سمو ولي العهد: «إننا قادرون بعون الله علـــى تجاوز الأزمة تماماً، إذا ما قدم الجميع مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية، فمن لا يفعل ذلك سيعرض الوطن للخطر، وستتضرر مصالحه الشخصية أيضاً، صحيح أننا تأخرنا خلال السنوات الثلاث الماضية، بحكم تدخلات لا معنى لها».
ورداً على سؤال حول وجود أخطاء، قال سموه: «بالطبع، لدينا أخطاء، الكمال لله وحده، لكننا عالجنا ونعالج الأخطاء، طلبنا تقريراً دولياً، وأصلحنا الكثير من مكامن الخلل، ولايزال أمامنا الكثير من أجل بلادنا وأهلنا في البحرين»، مثمناً دور «قوات الأمن التي تعمل ليل نهار على حفظ أمن الناس وسلامتهم، بأقل القدر الممكن من استخدام القوة، فقد طورت قوات الأمن نفسها بشكل لافت، ويجب أن نشكرهم لأنهم ساهموا في إشاعة الأمن في البلاد».
وتابع سموه: «لا شك في أن هناك أناساً وجودهم قائم على التخريب، لكنهم قلة، وسيفشلون، فطبيعة إنسان البحرين المتسامحة تتغلب دائماً، وتركيبة البحرين ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي، لن تسمح لهؤلاء بأن تنجح مخططاتهم التخريبية، أؤكد لك أن من لا يبحث عن التوافق سيفشل فشلاً ذريعاً».
وعن الوضع الاقتصادي بالمملكة، قال سمو ولي العهد: «أنا شخصياً مرتاح للوضع الاقتصادي، لكننا نطمح إلى الأكثر، لا يوجد مشاكل تماماً، الناس تريد أن تعمل، وهذا العام بلغ مستوى النمو 5%، ونتطلع إلى أن نصل إلى مستوى نمو 8%».
ونقلت الصحيفة اللندنية عن أحد حضور مجلس سمــو ولي العهد قوله إن «مجلس سمو ولي العهد أحد مميزات الاستثمار في البحرين»، مشيراً إلى أنه «عندما يواجه مستثمر عقبة أو مشكلة، فإنه يأتي ليقابل ولي العهد ورئيس مجلس التنمية الاقتصادي، ويشرح له مشكلته، وهذه خاصية يصعب توافرها في غير البحرين».
وفيما يلي نص الحوار:
لا يمكن أن تهبط مطار البحرين الدولي من دون أن يطرأ في ذهنك متى أسس هذا المطار، وربما تستغرب عندما تعرف أنه أنشئ عام 1937؛ أي إن عمره 77 عاماً.
إنه شيء من قدرة هذه الجزيرة على الجمع بين التاريخ العريق والحداثة. تخرج من المطار، ليواجهك أول دوار وقد امتلأ بأعلام البحرين الحمراء ترفرف كأنها تريد تأكيد وحدة هذه المملكة، الصغيرة حجماً، الكبيرة بأهلها وثقافتها وتسامحها. أكثر من عشرين علماً، صنعت بشكل نصف دائرة مشهداً جميلاً. تمخر السيارة عباب طريقها متجهة عبر المحرق، فتقف أمام مدرسة حكومية، زين سورها بلوحات بينها نخيل تسمق على أرضية العلم البحريني الأحمر. يخترق النخيل، ربما، تأكيداً لسموها، عبارة: وطن المحبة.
تسير قليلاً فتقابلك لوحات إرشادية لحلبة البحرين الدولية، لسباق السيارات الشهير «فورمولا 1»، ثم ترى مبنى مستشفى الملك حمد الجامعي، فالكلية الملكية للجراحين في أيرلندا بالبحرين، فمرفأ البحرين المالي الذي تبدأ بناياته الشامخة بالظهور أمامك، لتصبح المنطقة الدبلوماسية على يسارك فمنطقة الوزارات.
كل شيء يبدو هادئاً بعيد خروج الموظفين من أعمالهم، وتبقى حركة السيارات في المناطق الرئيسة غير منقطعة.
نقلتنا السيارة إلى قصر الرفاع، الخاص بولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الذي كان مقراً لوالده الملك حمد بن عيسى، يوم كان ولياً للعهد.
كانت مصادفة محضة أن يوافق المجلس الأسبوعي المفتوح لولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة يوم أمس، المجلس الستون، يوم ميلاد الأمير الـ44.
بدأ المجلس منذ عامين، لينعقد أسبوعياً، وهو مجلس مفتوح يعقد من بعد عصر كل اثنين، حتى أذان المغرب، ويستقبل فيه الأمير سلمان البحرينيين من الأطياف كافة، إضافة إلى المسؤولين التنفيذيين في الشركات المستثمرة بالبحرين، وجمع من أبناء الأسرة الحاكمة، والوزراء والمسؤولين. يشهد المجلس حضور نحو ألف زائر، يمرون بإجراءات سلسة للدخول، ويدخلون كمجموعات ليستوعبهم المجلس الذي يتسع لنحو مائتي شخص.
ويعد المحللون مجلس الأمير سلمان، أحد الأماكن التي تذكرهم ببحرين ما قبل الأزمة، ويقول أحد الحضور إن ميزة المجلس أنه يجمع الفرقاء من كل الأطياف في مكان واحد، وربما جلسوا إلى جانب بعض في مقعدين متجاورين.
سألت ولي العهد عن هذه الميزة، فأجاب: «هذه هي البحرين التي عهدناها. يجب أن أؤكد أن البحرينيين المنتمين لكل الطوائف والأفكار هم مواطنون صالحون، وأعتبر هذا المجلس أداة للتواصل بيني وبين الناس، وبين الناس وبعضهم البعض. التسامح جزء أصيل من تركيبة الإنسان البحريني، وهو يظهر الآن مجدداً».
وهل يمكن أن يكون مجلسكم مكاناً للآراء السياسية المتباينة؟ رد الأمير الشاب: «لا نقبل بأن يسيس هذا المجلس، فللآراء السياسية منافذها، نريد أن يكون مجلسنا مكاناً للتوافق، فلو طرح أحدهم رأياً سياسياً، لربما رد عليه أحد برأي مخالف، وأصبحت ساحة جدل، ليس هذا مكانها. نحن هنا للتواصل مع الناس من التيارات كلها، للاطمئنان عليهم، وأشكر كل من يحضر لهذا المجلس لتأكيد التوافق».
قلت لولي عهد البحرين: هل انتهت آثار الأزمة السياسية من البحرين؟، فرد: «طبعاً، لم تنته. لكن الوضع الآن أفضل بكثير من السابق. العمل مستمر لتقريب وجهات النظر، وتصفية النفوس، وهذا عمل لا ينتهي بين يوم وليلة ولا خلال أشهر قليلة، بل يتطلب نفساً طويلاً، وعملاً دءوباً. لا تنس أننا في البحرين ننتمي إلى طوائف وأعراق مختلفة، كما أننا نتأثر بأحداث المنطقة من حولنا، وتدخلات من هنا وهناك، ولكننا قادرون بعون الله على تجاوز الأزمة تماماً، إذا ما قدم الجميع مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية، فمن لا يفعل ذلك سيعرض الوطن للخطر، وستتضرر مصالحه الشخصية أيضاً. صحيح أننا تأخرنا خلال السنوات الثلاث الماضية، بحكم تدخلات لا معنى لها».
وسألت ولي العهد: هل يعني ذلك أن لا أخطاء لديكم في البحرين؟، فقال فوراً: «بالطبع، لدينا أخطاء. الكمال لله وحده، لكننا عالجنا ونعالج الأخطاء. طلبنا تقريراً دولياً، وأصلحنا الكثير من مكامن الخلل، ولايزال أمامنا الكثير من أجل بلادنا وأهلنا في البحرين، لكنني أشكر في هذه المناسبة قوات الأمن التي تعمل ليل نهار على حفظ أمن الناس وسلامتهم، بأقل القدر الممكن من استخدام القوة، فقد طورت قوات الأمن نفسها بشكل لافت، ويجب أن نشكرهم لأنهم ساهموا في إشاعة الأمن في البلاد. لا شك في أن هناك أناساً وجودهم قائم على التخريب، لكنهم قلة، وسيفشلون، فطبيعة إنسان البحرين المتسامحة تتغلب دائماً، وتركيبة البحرين ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي، لن تسمح لهؤلاء بأن تنجح مخططاتهم التخريبية. أؤكد لك أن من لا يبحث عن التوافق سيفشل فشلاً ذريعاً».
عند سؤال الأمير سلمان بن حمد: هل أنتم متفائلـــون بالوضع الاقتصادي البحريني؟، يجيب: «أنا شخصياً مرتاح للوضع الاقتصادي، لكننا نطمح إلى الأكثر. لا يوجد مشاكل تماماً. الناس تريد أن تعمل. وهذا العام بلغ مستوى النمو 5%، ونتطلع إلى أن نصل إلى مستوى نمو 8%».
شكرت ولي العهد، الذي كان يقتطع من وقت ضيوفه ليجيب عن أسئلتي، وعدت لمقعدي بين الزوار، فسألت جاري عن ما يميز هذا المجلس، فقال: «إنها إحدى مميزات الاستثمار في البحرين! عندما يواجه مستثمر عقبة أو مشكلة، فإنه يأتي ليقابل ولي العهد ورئيس مجلس التنمية الاقتصادي، ويشرح له مشكلته، ألا ترى أن هذه خاصية يصعب توافرها في غير البحرين؟».