ولتحقيق ذلك، بدأنا بالتسامح وبالعفو الشامل عن من في الداخل أو في الخارج دون قيد أو شرط وبحسب الصلاحيات التي أقرها الدستور والقانون، لنبدأ صفحة جديدة سطرها الميثاق الوطني، ودعونا المواطنين إلى أن يعبروا عن تطلعاتهم وآرائهم بحرية وبجميع الوسائل القانونية، وأن يمارسوا حقوقهم السياسية علناً لا سراً ويشكلوا مؤسساتهم وجمعياتهم التي تعينهم على ذلك حسب الميثاق والدستور والقوانين، ولله الحمد والشكر فقد سخر لهذه الأرض الطيبة رجالاً ونساء مخلصين يقدرون التحولات الكبيرة الإيجابية في بلادنا وما أنعم الله سبحانه به علينا من إرادة وطنية حققت أنتصاراً قوياً على من أراد المس بقيمنا ووحدتنا الوطنية والإخلال بالأمن، حيث إن وحدتنا الوطنية والتوافق الوطني ركن أساسي للاستقرار الذي يؤدي إلى مزيد من التطوير والإصلاح: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهوَ خيرٌ لكمْ وَعسى أن تُحبوا شيئاً وَهوَ شرٌّ لكمْ وَالله يعلمُ وأنتمْ لا تعلمونَ) صدق الله العظيم، وستبقى راية البحرين بإذن الله راية عربية مسلمة خفاقة جيلاً بعد جيل، نهجها التسامح والتعايش مع مختلف الطوائف منذ أمد بعيد وقد تأصل هذا النهج في حياتنا اليومية وتم التأكيد عليه في دستورنا وقوانيننا، وسيبقى مبدأ الحوار من أجل التوافق الوطني حاضراً بيننا بعون الله تيمناً بقوله تعالى: (والذينَ استجابوا لرَبهم وَأقاموا الصلاةَ وَأمرُهم شورَى بينهم ومما رزَقناهم ينفقونَ، والذينَ إذا أَصاَبهمُ البغيُ همْ ينتصرُونَ) صدق الله العظيم.
الإخوة والأخوات،،
«إن مجلسكم الموقر سبق وأن تحمل بكل أمانة وصدق تحويل مرئيات حوار التوافق الوطني إلى واقع ملموس من خلال تعديلات دستورية وأدوات تشريعية ساهمت في تطوير تجربتنا الديمقراطية، وزيادة الصلاحية الرقابية للمجلس المنتخب وتفعيل مبدأ المساءلة السياسية ودعم الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية. فلكم منا جميعاً الشكر والتقدير على إنجازاتكم الكبيرة.
وهنا نستذكر بكل تقدير، وقفتكم الوطنية المشرفة ضد الإرهاب والتطرف والمحرضين عليه ورفضكم القاطع للتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي، فكان اجتماع المجلس الوطني الأول الذي دعونا إليه برغبة منكم اجتماعاً تاريخياً، وجاءت توصياتكم معبرة عن استراتيجيتنا للدفاع والأمن الوطني في المرحلة المقبلة من مسيرتنا الوطنية».
«وفي هذا الوقت الذي تستمر فيه حواراتنا الوطنية، فإن مجلسكم التشريعي سيظل الركن الأساسي في مسيرتنا الإصلاحية، مؤكدين حرصنا على استمرار الحوار بين الجميع، فالبحرين للجميع، وقضايانا الوطنية لا تعالج إلا بالحوار المتزن القائم على المسؤولية الوطنية. وبفضل الله سبحانه ومنته فإن البحرين ستظل في تطور ونمو مستمر، وبعزيمتنا وحرصنا على تطوير مكتسباتنا الاقتصادية حقق اقتصادنا الوطني نسبة متقدمه تعكس القدرة في المحافظة على السمعة الطيبة التي تتمتع بها البحرين عالمياً، وسنشهد بأذن الله في الفترة المقبلة المزيد من الاستثمار في مختلف المجالات وخصوصاً في قطاع الطاقة.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل للحكومة الموقرة بقيادة صاحب السمو الملكي العم العزيز الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وبمساندة الابن البار صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظهما الله، على عملهم الدؤوب لتحقيق تطلعات شعبنا في التقدم والبناء، وحفظ الأمن والاستقرار، والنهوض بمستوى الخدمات، ورفع معدلات النمو في جميع المجالات. وعلى ما تم إنجازه من تنفيذ ومتابعه مستمرة لتوصيات مجلسكم الوطني.
وشكر خاص لرجالنا المخلصين في قوة دفاع البحرين والأمن العام والحرس الوطني على سهرهم وإخلاصهم وتفانيهم في حفظ الأمن والاستقرار وصيانة منجزات هذا الوطن وشعبه الكريم، كما نقدر ما قدموه ويقدمونه من تضحيات جسام من أجل البحرين وأهلها. ختاماً، ومن هذا المنبر ندعو الله سبحانه وتعالى أن ينعم علينا وعلى دولنا العربية والإسلامية الشقيقة والعالم أجمع ، بالاستقرار والأمن والأمان والطمأنينة لشعوبنا كافة، وأن يصرف عنا وعنهم عبث العابثين من أهل التطرف والإرهاب. ولا ننسى في خضم الأحداث التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية، قضيتنا الرئيسية الأولى فلسطين ومعاناة شعبها، مؤكدين وقوفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني في مطالبه المشروعة، ومساندين الجهود المتواصلة من أجل الوصول إلى حل عادل وشامل ودائم وذلك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية وما يحقق مصالح الشعب الفلسطيني الشقيق.
نسأل الله تبارك وتعالى إن يحفظ مملكتنا الغالية البحرين، وسائر بلاد العرب والمسلمين، وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يديم علينا وحدتنا وأخوتنا، وينشر علينا رداء السلم والأمن والاطمئنان، ويوفق هذا البلد إلى كل خير وصلاح، إنه سميع مجيب الدعاء.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .