عواصـــم - (وكالات): شـــن رئيـــس المخابرات السعودية السابق الأميــر تركي الفيصل هجوماً غير مسبوق علـــى أداء الإدارة الأمريكيـــة حيـــال ملفات المنطقة، منتقداً سياسة «فتح الذارعين» لإيران، فيما شــدد على أن «من يعتقد بقبول الرياض استيلاء إيران على البحرين فهو واهم». وأضاف الأمير تركي خلال محاضرة ألقاها بمؤتمر عربي أمريكي أن السعودية ستقف بحزم ضد أي تدخل إيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية خاصة التي بها شيعة مثل البحرين والعراق والكويت ولبنان واليمن.
وقال إن «القضية الأولى التي تعني السعودية حيال طهران هو ضرورة عدم حصولها على سلاح نووي».
ولفت إلى أن «الرئيس باراك أوباما يتصرف حيال سوريا بطريقة تبعث على الأسى»، موضحاً أن «اتفاق نزع السلاح الكيميائي شكل مخرجاً له من تعهدات تنفيذ ضربة عسكرية».
وتابع الفيصل، في محاضرته المطولة «القيادة الإيرانية تتخذ منذ وصولها إلى السلطة موقفــاً صداميـــاً مـــع المجتمع الدولي، وفي الوقت الذي تقوم فيه السعودية برعاية الحرمين الشريفين ما يجعلها بموقع قيادة العالم الإسلامي تقدم إيران نفسها على أنها ليست القائدة للأقلية الشيعية في العالم الإسلامي فحسب، وإنما لكل الثوريين الإسلاميين المهتمين بمواجهة الغرب». وأشار إلى أن»السعودية معنية بأمرين على صلة بإيران، الأول ألا تحصل طهران على سلاح نووي، ولذلك فهي تدعو إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي، ما يعني ضرورة تخلي إيران وإسرائيل عن ذلك»، داعياً إلى «مظلة دعم اقتصادي وسياسي للدول التي تقرر المشاركة في هذا المشروع، بالتوازي مع فرض عقوبات عسكرية على الدول التي تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل». وحذر الفيصل من أن «العقوبات وحدها لن تردع القيادة الإيرانية عن محاولة امتلاك أسلحة نووية» وقال إنه «يدرك العواقب الكارثية لضربة عسكرية ضد طهران ولكن - لسوء الحظ - فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي «يراقب الأداء الباعث على الأسى للرئيس أوباما في سوريا قد ينفذ الضربة بمفرده، وقد ترحب القيادة الإيرانية بضربة مماثلة بل قد تدفع نحوها» مضيفاً «بعد الكلام المعسول لروحاني وفتح أوباما ذراعيه له فسيقف الشعب الإيراني بالتأكيد خلف قيادته». وأردف الأمير السعودي بالقول «أما الأمر الثاني الذي يعني السعودية، فهو جهود طهران من أجل التدخل في الدول ذات الغالبية الشيعية، مثل البحرين والعراق، وكذلك في الدول التي فيها أقليات شيعية، مثل الكويت ولبنان واليمن، مضيفاً أن بلاده ستقف بحزم ضد أي تدخل إيراني في الشؤون الداخلية لتلك الدول».
واعتبر الفيصل أن أي خطوة تساعد على «تحريــر إيـــران مـــن براثـــن المتشددين في الدائرة المحيطة بالمرشـــد أيــة الله علي خامنئـــي والحرس الثوري ستجلب الاستقرار إلى المنطقة،» ولكنه حذر في الوقت نفسه من أن «قوى الظلام في قم وطهران متجذرة بقوة،» مبدياً قلقه من أن «تتحطم الكلمات المنمقة لروحاني على صخرة تصلب خامنئي، كما حصل مع الرئيسين السابقين، محمد خاتمي وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني».
وحذر الفيصل من أن لبنان بات على حافة حرب أهلية مع مواصلة حزب الله تطبيق أجندته الخاصة «دون أي اعتبار للقانون والنظام وهو مستعد للمجازفة بالأسس التي بني عليها النظام اللبناني برمته من أجل منع انهيار نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا ووقف مسار عمل المحكمة الدولية الخاصة بالنظر في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري».
وحول سوريا قال الفيصل «يجب انتزاع السلطة من يد نظام الأسد وآلته القمعية، إلا إذا كان المجتمع الدولي يرغب في استمرار المجازر. إن الطريقة المعيبة التي يوافق عبرها العالم على منح الحصانة للجزار هي وصمة عار على جبينه. إن عار مساعدة الأسد سيلاحق روسيا والصين، أما القيادة الإيرانية فيحب أن تقدم للمحاكمة في محكمة الجنايات الدولية بسبب الفظائع في سوريا».
وأضاف الفيصل «مسرحية وضع ترسانة السلاح الكيماوي السوري تحت الإشراف الدولي كانت لتعتبر مضحكة للغاية إن لم تكن مثيرة للسخرية بشكل واضح ومصنوعة بطريقة لا تمنح أوباما فرص التراجع عن العمل العسكري فحسب بل تساعد الأسد على ذبح شعبه، إذا ظننتم أن كلمات وزير الخارجية جون كيري، التي سمحت لروسيا بالتحرك كانت زلة لسان، فأنتم لا تعرفون شيئاً». ورأى الفيصل أن منع الأسد من استخدام آلة القتل بما في ذلك ضرب سلاحه الجوي ومراكز السيطرة العسكرية، «هي الطريقة الوحيدة التي تسمح بالتوصل إلى اتفاق سلمي عبر التفاوض». وتوجه إلى القيادة الأمريكية بالقول «لماذا تراجعتم عن وعد دعم المعارضة السورية بالسلاح بعد الوعود التي قطعها علناً كيري وأوباما؟ لماذا تدلون بهذه التصريحات التي لا تجلب إلا السرور للمجرمين؟». وأكد الفيصل أن «السعودية لن تقبل على الإطلاق إمساك إيران بالسلطة في البحرين»، قائلاً إن «من يعتقد في الغرب أن هذا الأمر قد يحصل في نهاية المطاف هو واهم». في سياق متصل، شدد مسؤول أمريكي على أن «العلاقات بين أمريكا والسعودية مازالت قوية»، مستبعداً المعلومات الصحافية التي تحدثت عن رغبة الرياض في الحد من تعاونها مع واشنطن بشأن سوريا. من جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف إن «علاقتنا وشراكتنا مع السعوديين قوية، ونولي أهمية كبرى لمبادراتهم في عدد كبير من المجالات».
وأضافت «نعمل معاً على مشاكل مهمة ونتقاسم معهم الأهداف نفسها سواء لناحية وضع حد للحرب في سوريا والعودة إلى حكومة ديمقراطية في مصر أو لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي».
وذكرت أن وزير الخارجية جون كيري التقى نظيره السعودي لمدة ساعتين في باريس ووصفت اللقاء بأنه كان «مثمراً». وخلال هذا اللقاء حض جون كيري السعودية على القبول بمقعدها داخل مجلس الأمن الدولي.
من جانبه، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أن بين الولايات المتحدة والسعودية علاقة قوية ومستقرة وشراكة طويلة، معتبراً أن قرار قبول عضوية مجلس الأمن أو رفضها أمر يعود للرياض.
وأوضح كارني خلال مؤتمر صحافي عن موقفه مما نقل عن رئيس الاستخبارات العامة السعودية بندر بن سلطان بأنه يخطط لتقليص التعاون مع الولايات المتحدة، أن «بين الولايات المتحدة والسعودية شراكة طويلة وتتشاوران بشكل وثيق حول مجموعة من القضايا الإقليمية والسياسية والأمنية بما في ذلك إيران وسوريا والشرق الوسط وعملية السلام ومصر». وشدد على أن بين واشنطن والرياض علاقة جوهرية في المجالات الأمنية الوطنية، وهي مستقرة ومهمة للمصالح الأمريكية والسعودية. ورأى محللون أن تصريحات ما نسب إلى الأمير بندر بن سلطان وتصريحات الأمير تركي الفيصل، هزت أعصاب واشنطن ودفعت الإدارة الأمريكية إلى أن تسارع لتأكيد متانة العلاقات بين الرياض وواشنطن.
من جهته، قال وكيل وزارة الخارجية الكويتية خالد الجار الله إن الوقت مبكر جداً للحديث عن إمكانية أن تأخذ الكويت مقعد السعودية في مجلس الأمن. وأضاف أن الكويت جزء من الجهود الرامية لإقناع السعودية بقبول المقعد. كانت السعودية قد اعتذرت عن عدم شغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي لمدة عامين احتجاجاً على فشل المنظمة الدولية في إنهاء الحرب في سوريا والتعامل مع قضايا الشرق الأوسط الأخرى.
وسرت تكهنات بأن تكون الكويت هي المرشحة لهذا المقعد بعد اعتذار السعودية.