كتب مهند أبوزيتون:
حملت الشام إلى البحرين، آلفت الشرق والغرب، زاوجت التراث بالحداثة، أرقصت الجمهور على الكلاسيك والجاز معاً، حاورت البيانو والكونترباص والترومفيت والقانون، فعلت الأرمنية السورية لينا شماميان هذا وأكثر على مدى ساعتين من الفرح والوجع أمس في الصالة الثقافية.
صوت لينا القادم من بعيد، من عذابات الأرمن، ومن قريب، من عذابات الشام، القادم من الجنة ربما، كان ختاماً مذهلاً لمهرجان البحرين الدولي للموسيقى.
على دفء «الروزنا»، و«يا مال الشام»، و«على موج البحر»، «وهالأسمر اللون»، من الموشح إلى القد إلى حداء الإبل، أعادت لينا للجمهور صورة الشام الجميلة المصلوبة اليوم بألف حقد، والمذبوحة اليوم بألف كراهية، أبكتهم على مشارف الفرح، وأوجعتهم على أبواب الحلم، علمتهم بعض ألفاظ أرمينيا لغة، وحفرت في ذاكرتهم وجعها موسيقى.
«ليلة حالمة» بصوت شرقي غربي بامتياز، قدمت لينا كصوت تتجاوز مساحته الآلة، وكمشروع مؤلفة موسيقية تعرف بالضبط ماذا تريد، وكشاعرة تحول أحلامها الطفولية لأغان ينام على كتفها عصفور دون أن يذبح أحد طير الحمام، رفقة فرقة موسيقية متناغمة كان الأكثر إبهاراً قدرة العازفين الغربيين على موسيقى العرب وإيقاعهم، وخصوصاً عازفة الإيقاع الألمانية، وعازف الكونترباص الفرنسي.
غزلت لينا مما قالت للجمهور إنها اكتشفته من جوانب خفية في شخصيتها العامين الماضيين من عمر الوجع السوري، كلمات وموسيقى، أسمتها «غزل البنات» وفاجأت البحرين بإطلاقها ألبوماً في نهاية الحفل من المنامة.
انفض الجمهور وهو يردد أغنية «شآم» التي غزلتها لينا في 2007، في ألبومها «شامات»، وفي وجدانه موسيقى الشام وفاكهة الشام ورائحة الشام وحواري الشام، صورة سرمدية لا يشوش عليها سوى أخبار عن عدد القتلى السوريين اليوم و12 مليون سوري تحت خط الفقر.