أعلن دبلوماسيون أمميون أمس أن ألمانيا والبرازيل تعملان على إعداد قرار في الأمم المتحدة حول حماية الحريات الفردية في غمرة المعلومات التي كشفت عن برنامج التجسس الدولي للولايات المتحدة.
لكن القرار الذي سيرفع إلى لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة لن يشير تحديداً إلى الولايات المتحدة. وبحسب دبلوماسيين فإن القرار سيحال إلى الجمعية العامة للتصويت عليه قبل نهاية نوفمبر المقبل.
وسيهدف القرار إلى توسيع الشرعة الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1966 ودخلت حيز التطبيق في 1976 لحماية الحقوق الفردية، بحيث تشمل الأنشطة على الإنترنت.
وقال دبلوماسي أوروبي إن «دبلوماسيين ألماناً وبرازيليين وأوروبيين ومن أمريكا اللاتينية التقوا لمناقشة مشروع القرار».
وأضاف المصدر أن فرنسا والسويد والنرويج والنمسا تدعم بقوة القرار. وأوضح المصدر أن القرار يهدف إلى توجيه رسالة إلى كل الذين يستغلون النظام».
وتأمل البرازيل وألمانيا في أن تشير المادة السابعة عشرة من الشرعة إلى موضوع الإنترنت، علماً بأنها تورد الآتي «لن يتعرض أي شخص لتدخل تعسفي أو غير قانوني في حياته الخاصة وعائلته ومنزله أو بريده، ولأي مساس غير قانوني بكرامته أو سمعته». وأبدت ألمانيا والبرازيل استياء كبيراً من المعلومات الأخيرة عن تجسس الأمريكيين على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف.
في شأن متصل، بدأت ألمانيا حملة دبلوماسية إثر كشف معلومات عن تجسس الولايات المتحدة على هاتف ميركل النقال ما أصابها بخيبة أمل بعد اكتشاف الوجه الجديد لـ«الصديق الأمريكي». وأفادت الصحف الألمانية استناداً إلى مصادر في أجهزة الاستخبارات أن وفداً ألمانياً رفيع المستوى يشمل عناصر استخباراتية سيتوجه الأسبوع المقبل إلى الولايات المتحدة لطلب توضيحات.
وأعلن مساعد الناطق باسم المستشارة جورج شترايتر ان «ممثلين رفيعي المستوى للحكومة سيزورون قريبا الولايات المتحدة بهدف المضي قدماً في المباحثات مع البيت الأبيض ووكالة الأمن القومي «إن اس ايه» بشأن المزاعم التي تم التطرق إليها مؤخراً». وأفادت صحيفة «فرانكفورتر الغيماني زايتونغ» أن قائد الاستخبارات الإلمانية غرهارد شيندلر سيكون ضمن الوفد على غرار رونلد بوفالا رئيس المستشارية والمكلف بالاستخبارات، وفق وسائل إعلام أخرى.
وقد كشفت مجلة «دير شبيجل» الألمانية أن الولايات المتحدة ربما تنصتت على هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لأكثر من 10 سنوات وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أبلغ ميركل بأنه كان سيمنع التنصت لو كان علم به.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين ساكي إن الولايات المتحدة تراجع كل أنشطتها في التجسس بعدما كشفت وثائق سرية سربها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن أن الولايات المتحدة راقبت مكالمات تليفونية في أكثر من 35 دولة في العالم. وأقرت ساكي بأن التسريبات أضعفت علاقات واشنطن مع بعض الحلفاء الرئيسيين خاصة ألمانيا وإيطاليا وفرنسا. وأدى الكشف عن عمليات تنصت أمريكية واسعة على الاتصالات في العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة إلى تهديد الإنجازات في مجال العلاقات الخارجية التي كان حتى الساعة يفتخر بها الرئيس باراك أوباما، الذي كان يعتبر أنه أعاد الثقة إلى العلاقات مع حلفاء واشنطن بعد سنوات التوتر في عهد الرئيس السابق جورج بوش.
ولخص وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مظاهر قلق الدول الحليفة عندما قال قبل أيام «لقد دخل في أذهان القادة الأجانب أنه في الوقت الذي نتفاوض فيه مع إيران ونتفاوض حول عملية السلام في الشرق الأوسط، هل نستطيع أن نثق بالأمريكيين؟».
في سياق متصل، اعتبر نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي أيه» السابق مايكل موريل أن التسريبات التي قام بها المستشار السابق في وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن هي «الأخطر» على الإطلاق في تاريخ الاستخبارات الأمريكية.
وبالنسبة إلى الرجل الثاني سابقاً في الـ»سي آي أيه» فإن أخطر ما سربه سنودن هو الميزانية المفصلة لجميع وكالات الاستخبارات الأمريكية والمسماة «الميزانية السوداء»، معتبراً أن تسريب هذه الموازنة يتيح لمنافسي الولايات المتحدة «تركيز جهودهم في ميدان مكافحة التجسس على المجالات التي ننجح فيها وعدم إيلاء الكثير من الاهتمام للمجالات التي لم نحقق فيها أي نجاح».
«فرانس برس - رويترز»