قال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء إنه في حين يتركز انتباه العالم على التطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط فإنه يتوجب كذلك الانتباه إلى المحرك الذي يدفع بالحل والكامن في التنمية الاقتصادية وتطوير التعليم وما ينضوي عليه ذلك من تعزيز الفرص.
وأضاف سموه، خلال كلمة أمام جلسة القادة في المنتدى العالمي التاسع للاقتصاد الإسلامي في لندن أمس أن «الانطلاق من أسس التنمية الاقتصادية لتطوير الدول والمجتمعات يحقق تحولات إيجابية تتجاوز حدود الانتماءات الضيقة المذهبية والدينية وتعلي من قيم الشراكة في إطار المواطنة الفاعلة».
وأكد سموه «أهمية استضافة المنتدى العالمي للاقتصاد الإسلامي في لندن، في أول انعقاد له خارج نطاق الدول الإسلامية منذ انطلاقته في 2004 ، نظراً للأهمية المحورية لهذه العاصمة في النظام الاقتصادي العالمي»، مشيداً بـ»اختيار شعار (عالم متغير وعلاقات جديدة) مما يخاطب اهتمام مملكة البحرين خاصة في ظل تصاعد أهمية دعم دائرة التكامل بين البلدان والمنظومات للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية عالمياً عبر تعزيز التكامل والتنسيق».
وتطرق سموه خلال كلمته إلى واحدة من أهم التحديات المتمثلة في خلق فرص العمل في الوطن العربي، والذي يعد من أكثر مناطق العالم ازدياداً في نمو تعداد الشباب، فحسب الأرقام المحصاة هناك حاجة لضخ 100 مليون وظيفة في أسواق العمل العربية.
وأشار سموه إلى أن «البحرين تعرفت على هذا التحدي قبل أكثر من أربعين عاماً وأطلقت جهوداً متواصلة للتصدي لهذا التحدي ومعطياته والتي تم توجيهها ضمن جملة من المبادرات والبرامج الهادفة إلى تنويع الاقتصاد والاستثمار في تطوير التعليم والمهارات»، مؤكداً التزامه بـ»مواصلة هذه البرامج والتأكد من استمرار تطويرها للتعامل مع المستجدات والمتغيرات التي تواجه هذا الجيل».
وأضاف سموه أن «مملكة البحرين أدركت أهمية تنمية الصناعات المختلفة وأهمية تفعيل دور القطاع الخاص في مختلف المجالات كمحرك للنمو والإنتاجية مع تثبيت مبدأ أن الاستثمار في القوى البشرية يتساوى في الأهمية مع الاستثمار في البنى التحتية»، مؤكداً أن «المؤسسات المالية القوية والأطر التنظيمية يكونان عنصراً مركزياً في هذا التوجه».
وتناول سموه القطاع المالي المصرفي في مملكة البحرين الذي هو أحد الأعمدة الراسخة في الاقتصاد البحريني، مشيداً بدوره في الدفع بنمو القطاعات الأخرى، إذ أشار سموه إلى «إسهام القطاع الخاص في تمويل مشاريع حكومية كبرى في تنمية البنى التحتية والإسكان والنقل، بالإضافة إلى ما أدت إليه من استثمار خاص في القطاعات ذات المردود العالي مثل التصنيع والبتروكيماويات والسياحة والعقارات مما أسهم كذلك في صنع الوظائف وتحفيز النمو الاقتصادي».
وتحدث سموه إلى موقع مملكة البحرين في قلب السوق الخليجي الذي يقدر بترليون ونصف دولار أمريكي، مشيراً إلى دور القطاع المالي في المملكة لتلبية احتياجات المنطقة، واليوم مع تنامي القطاع المالي الإسلامي فإن البحرين تضم أكبر عدد من المؤسسات المالية الإسلامية في العالم. وأرجع سموه النمو المضطرد للقطاع المالي الإسلامي والذي تجاوز حجمه الترليون دولار إلى ثلاث عوامل رئيسية هي «تنامي الاقتصادات في العالم الإسلامي ككل وإلى اهتمام المستثمرين العالميين بالدخول في هذه الأسواق وثالثاً الرغبة المتزايدة لدى المستثمرين غير المسلمين في النظر في المنتجات المالية الإسلامية بما تستند عليه من عوامل ومبادئ تم التعارف عليها كمنتجات استثمارية ترتكز على أخلاقيات ذات بعد شرعي مع الاهتمام بإدخالها في منظومة أنشطتهم، وهنا يكمن تحدي ارتفاع الطلب على هذه الأدوات وتلبيته مع ضمان ثبات الأسس الشرعية التي بنيت عليها وأعطتها قوتها». وأكد سمو ولي العهد «التزام البحرين الدائم بالعمل المشترك لتطوير القطاع المالي الإسلامي، خاصة مع الرائد الماليزي، إضافة إلى المنصات الدولية النامية فيه مثل لندن»، مشدداً على «ضرورة تدعيم تنظيمات هذا القطاع بصورة يمكن تطبيقها عبر جميع منصاته على اختلافها بما يضمن أن يكون جاذباً وموثوقاً وتعزيز قوته عبر إضافة وتنويع الأدوات وتطوير المنظمات المعنية وتعزيز دورها».
وشارك وزير المواصلات القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية كمال أحمد أمس في الجلسة الوزارية التي تناولت أطر السياسات التنموية، فيما يشارك غداً محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج في جلسة حول مواءمة المعايير العالمية للقطاعات المالية الإسلامية. حضر جلسة القادة جلالة الملك عبدالله الثاني عاهل المملكة الأردنية الهاشمية وجلالة السلطان حسن بلقيه سلطان بروناي والسيد دايفيد كاميرون رئيس وزراء المملكة المتحدة وفخامة السيدة عطيفة يحيى آغا رئيسة كوسوفو وفخامة السيد حامد كرزاي رئيس أفغانستان وعدد من رؤساء الوفود في المنتدى العالمي التاسع للاقتصاد الإسلامي الذي بدأت أعماله أمس في العاصمة البريطانية لندن بتنظيم مشترك من حكومتي ماليزيا والمملكة المتحدة.