عواصم - (وكالات): أكدت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيفيان ريدينغ أن على الولايات المتحدة التحرك بصورة عاجلة «لاستعادة الثقة» مع الأوروبيين التي زعزعتها فضيحة التجسس الجديدة على قادة الاتحاد الأوروبي. وقالت ريدينغ في واشنطن إن «الأصدقاء والشركاء لا يتجسس بعضهم على بعض، وتحرك شركائنا الأمريكيين لاستعادة الثقة أمر ملح وأساسي».
وثارت عاصفة دبلوماسية بسبب ما كشف في الآونة الأخيرة من معطيات بشأن تجسس مكثف على الاتصالات في فرنسا وإسبانيا قامت به الوكالة الوطنية الأمريكية للمخابرات إضافة إلى احتمال التنصت على الهاتف الجوال للمستشارة الألمانية انغيلا ميركل.
واعتبرت ريدينغ في خطابها أمام مركز بيترسون الفكري أن ما كشف مؤخراً يثير «قلقاً خطيراً» في أوروبا وأدى إلى «اضطراب وأضرار» في العلاقات مع الولايات المتحدة.
وأضافت «أن التجسس ليس بأي حال عامل ثقة». في الوقت ذاته، قالت متحدثة باسم الممثلية الأمريكية للتجارة الخارجية إنه «سيكون من المؤسف أن تحرفنا هذه المسائل أياً تكن أهميتها عن هدفنا المشترك إجراء مفاوضات حول اتفاق نوعي كبير للقرن الحادي والعشرين».
من جانبه، أعلن مدير وكالة الأمن القومي الأمريكية الجنرال كيث الكسندر أن ما كشفته صحف «لوموند» الفرنسية و»ال موندو» الإسبانية و»ليسبريسو» الإيطالية عن تجسس الوكالة على اتصالات مواطنين أوروبيين «خاطئ تماماً». وقال الكسندر خلال جلسة استماع أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب أن الأمر يتصل بـ «معلومات تلقتها وكالة الأمن القومي» من شركائها الأوروبيين.
ونقلت صحف أوروبية استناداً إلى وثائق سلمها المستشار السابق في الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن أن الوكالة الأمريكية تجسست على أكثر من 70 مليون اتصال هاتفي في فرنسا و60 مليون اتصال في إسبانيا خلال شهر. من جانبها، أوردت ليسبريسو نقلاً عن الصحافي غلين غرينوالد أن الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تجسست على الإيطاليين. وأكد مدير الوكالة ما كشفته صحيفة «وول ستريت جورنال» عن أن التجسس الهاتفي الذي جرى في تلك الدول ونسب إلى الوكالة الأمريكية قامت به فعلياً أجهزة الاستخبارات الأوروبية ثم «سلمته» للوكالة الأمريكية.
من جهته، قال مدير المخابرات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر إن حلفاء أجانب يقومون بصورة منتظمة بأنشطة تجسس على زعماء الولايات المتحدة وأجهزة المخابرات الأمريكية.
وفي مواجهة غضب الأوروبيين المستمر، وعد البيت الأبيض بالسعي لاحتواء أنشطة التجسس، بينما يفكر الرئيس باراك اوباما في احتمال حظر التنصت على قادة بلدان حليفة.
وأكد الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني ان «هناك جهودا جارية لتحسين الشفافية والعمل مع الكونغرس من اجل التوصل الى الوسائل التي تسمح بمراقبة افضل واحتواء المؤسسات المتورطة في البرامج».
في الوقت نفسه ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن اوباما يفكر في إمكانية اعتبار التنصت على محادثات قادة دول حليفة، كما جرى مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل ولسنوات، غير قانوني.
وما زالت واشنطن تواجه غضب الدول الأوروبية التي استهدفتها عمليات تجسس.
ويوماً بعد يوم تغذي الجدل معلومات تكشف عن حجم إجراءات مراقبة المعطيات الإلكترونية من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية، والتي كان آخرها يتعلق بإسبانيا.
ووصل وفد من البرلمان الأوروبي في زيارة تستغرق 3 أيام إلى الولايات المتحدة لمفاوضات تتعلق «بتأثير برامج المراقبة على الحقوق الأساسية لمواطني الاتحاد الأوروبي».
وأكد البيت الأبيض أن عمليات المراقبة يجب أن يكون هدفها أمن الأمريكيين ونفت أن يكون لنشاطات وكالة الأمن القومي أهداف للتجسس الاقتصادي.
من جهته، قال اوباما في مقابلة متلفزة لفيوجن المحطة الجديدة لشبكة ايه بي سي «نحن نعطيهم توجيهات». لكنه أضاف «لكن في السنوات الأخيرة رأينا قدراتهم تتطور وتتوسع». وتابع «لهذا السبب أطلقت عملية مراجعة لهذه العمليات لنتأكد من أن ما يستطيعون فعله لا يتحول إلى ما يجب عليهم فعله». وذهبت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الديمقراطية ديان فينستاين أبعد من ذلك بإعلانها عملية «مراجعة كبرى» لعمليات التجسس الأمريكية.
وأكدت الحليفة السياسية لاوباما «فيما يتعلق بجمع المعلومات عن قادة الدول الحليفة للولايات المتحدة، أنا أعارض ذلك بشدة». في المقابل، دافع رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، مايك روجرز، بشدة عن إجراءات التجسس التي تقوم بها أجهزة الأمن الأمريكية في أوروبا، قائلا إنها «تبقي حلفاء الولايات المتحدة في أمان». وأثار الكشف عن التجسس في المانيا على ميركل صدمة حقيقية. وسيعقد النواب الالمان في 18 نوفمبر المقبل جلسة طارئة مخصصة لموضوع تجسس الاستخبارات الامريكية.