أكد د.بسيوني عبدالرحمن من مركز دراسات البحرين بجامعة البحرين، أن البحريين كانت تحتضن 4 مصارف فقط في العام 1960 أحدها بنك البحرين الوطني الذي تأسس في عام 1957 لترتفع إلى 129 بنكاً، بنهاية عام 1992 ومن ثم إلى 409 مصارف ومؤسسة مالية في العام 2011. من جانب آخر تطرق عبدالرحمن في محاضرة نظمتها جمعية المنتدى مساء أمس الأول، بعنوان «تجربة البحرين في التنويع الاقتصادي: من النمو إلى التنمية» إلى تنويع مصادر الدخل في المملكة، موضحاً أن استراتيجية البحرين للتنمية الاقتصادية استهدفت زيادة الدخل وتنويع مصادره من خلال تعظيم الاستفادة من الموارد المحلية.
كما استهدفت إقامة قاعدة صناعية متكاملة قادرة على البقاء والاستمرارية، تحويل البحرين إلى مركز مالي إقليمي، إلى جانب الارتقاء بمستوى العمالة المحلية مهنياً ومهارياً وتوفير فرص عمل كافية لتحقيق العمالة الكاملة لقوة العمل الوطنية. ولكن على مسار التنمية الاقتصادية، كما تشير الأدبيات والتجارب الفعلية، قد تجد الجهات المعنية نفسها مضطرة للتنازل عن تحقيق بعض المكاسب في اتجاه معين لتقليل الخسائر في اتجاه آخر.
وقال: «مع أواسط سبعينات القرن الماضي انتهجت البحرين سياسة تقوم على توسيع القاعدة الاقتصادية للبلاد وتنويع مصادر دخلها لتقليل الاعتماد على الموارد النفطية المتناقصة، ومن ثم تجنب مشكلات الاعتماد على قاعدة ضيقة للموارد».
وفي إطار استراتيجية شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفقاً للمفاهيم النظرية السائدة آنذاك. قاد قطاع الثروة المعدنية، والنفط تحديداً، عملية التنمية بالمملكة، لتلمس الآثار المنسابة لعائداته كافة قطاعات الاقتصاد، وتطال تأثيراتها المتضاعفة Multiplying effects كل أركان المجتمع البحريني.
وواصل: «نظراً لصغر مساحة البحرين وطبيعة جغرافيتها، لا تتمتع البحرين بأي تباين جغرافي طبيعي ينبئ بتعدد في الموارد الطبيعية، ومن ثم الخيارات الاقتصادية. إطار بيئي يعرض القليل من الفرص، ويفرض الكثير من القيود. عاشت البحرين طوال تاريخها الاقتصادي بقاعدة اقتصادية ضيقة، إلى جانب نشاط اقتصادي رئيسي واحد: لؤلؤ ثم نفط.
وباكتشاف النفط عام 1932 وتصدير أولى شحناته في العام 1934 بدأ هيكل اقتصادي جديد للمملكة في التشكل، وبنية وظيفية مختلفة في الظهور، لكنه اقتصاد قام على مورد طبيعي واحد قابل للنضوب. في مواجهة سوق عالمية تتميز بالتقلب الشديد والمفاجئ. فضلاً عن أن أي تراجع في الطلب ينتج عنه هبوط كبير في أسعار النفط. ناهيك عن نفاذ المورد ذاته الذي سيمثل كارثة اقتصادية بالتأكيد.
وأثار هذا الموقف مخاوف جادة بشأن البنية الاقتصادية للمملكة ومستقبلها وآفاق تنميتها، لأسباب 4 أولها أنه لا يجب اعتبار عائدات النفط مكوناً من مكونات الناتج المحلي الإجمالي أو عنصر من عناصره، كما إن الثروة الناجمة عن مورد معدني معين لا ترتبط بالضرورة بحالة متقدمة ومتطورة من التنمية الاقتصادية.
كما يرتبط استمرار نمو عائدات النفط بحجم الاحتياطات النفطية وموقف الأسعار العالمية إلى جانب أن الموارد الهيدروكربونية المتاحة تنضب وتستنفذ بمعدلات أسرع كثيراً من معدل تكوين رأس المال البشري والمادي الذي يتم بناؤه ليحل محل هذه الموارد الطبيعية.
وأضاف المحاضر: «ومن ثم وجب استخدام عائدات النفط والغاز لمعالجة الخلل بين عوامل الإنتاج الأخرى، وخلق قدرات إنتاجية جديدة للإسراع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية».