قبل أن يلج المبدع عالم الكتابة، ويبدأ برسم المعالم الأولى من خطوط قصيدته أو روايته أو قصته، يهيئ نفسه للحظة الخلق والإبداع، ونرى أن لكل كاتب طريقته الخاصة في عالم التدوين الفسيح الرحب.
كان الشاعر الأمريكي أدجاربو يضع قطاً على كتفه أثناء الكتابة، والأديب النرويجي هنريك أبسن يضع أمامه صورة للأديب سترندبرج وهو ألد أعدائه، وكان يقول «إنما أردت أن أغيظه وهو يتفرج على إبداعي قبل نشره على الناس!».
الأديب عثمان صبري كان يغلق الباب على نفسه، ويجلس على كرسي صغير ويأخذ قلم الرصاص، وقصاصات من الورق ويبدأ بتدخين السجائر ويسير في الغرفة لدقائق ويبدأ بالكتابة وحيداً ثم يبيض ما كتبه بقلم ناشف آخر، قبل أن يبدأ بدقه على الآلة الكاتبة التركية.
الشاعر جكرخوين قال ذات مرة إن شيطان الشعر يأتيه فجأة ويبدأ بتدوين ما يجول في مخيلته الشعرية فوراً قبل نسيان الصور الشعرية الجميلة، وفي دمشق أيضاً كان جكرخوين يأخذ معه دفتراً سميكاً إلى مكتبة الظاهرية، ويطالع الكتب التاريخية، وفجأة يترك التاريخ وأوزاره ويمتطي صهوة الإبداع ويحلق في سماء الشعر راسماً أحلى القصائد خارجة من لدن شاعر كبير.
الشاعر السوري الكبير نزار قباني كتب أولى قصائده على ظهر سفينة كانت تمخر عباب البحر متوجهة إلى إسبانيا، وأمير الشعراء أحمد شوقي كان يكتب على أي ورق يصادفه، وحسن هشيار يكتب في البداية على أوراق الدفتر بعناية وأناقة فائقة ثم يدقها على الآلة الكاتبة بنفسه وتدوم الكتابة عنده أياماً وأسابيع قبل أن يرى العمل النور.
الأديب الفرنسي فيكتور هيغو يطلب من خادمه أن يأخذ معه أي ملابس لا يحتاجها، ويعود ليلاً ليكون عارياً ويبدع على راحته، على طاولة واحدة قديمة ومتواضعة.
والروائي الفرنسي بلزاك يضع إلى جواره دلواً من القهوة، والأديب د.هـ.لورانس كان يكتب عارياً، أما الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، فهو يملي ما يرويه على سكرتيرته وتنضد بدورها ما يمليه عليها، ولا يكتب إلا عندما يشعر أن الحزن يساوره.
بعض الأدباء الدمشقيون يكتبون في ضجة المقاهي وكأنهم في دنيا أخرى، وبعض الأدباء يكتبون في الحدائق العامة.
أميل زولا لا يكتب إلا على نور شمعة واحدة، وباولو كويلو يقول إنه لا يكتب إلا بعدما يصافح الناس في الطرقات، ولا يكتب توفيق الحكيم إلا بعد أن يشرب عدة فناجين من القهوة.
وكان عزيز نيسين يكتب عندما يشعر بصداع الرأس، ويبدأ محمد الماغوط بالكتابة عندما يشعر بالعزلة والوحدة، والشاعر الهندي طاغور كان يتحدث للبحر قبل الشروع بكتابة قصيدته.
ويشرع الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش بكتابة قصيدته في مكتبه وهو بكامل أناقته، بينما يبدع نجيب محفوظ وهو بملابس المنزل ويشرب فنجاناً من القهوة لا أكثر!