كتبت - شيخة العسم:
كانت بعض الأمهات بالأمس يلجأن إلى الكذب البريء لتجنيب أطفالهن سلوكيات غير محمودة العواقب، كأن يخوفونهم بأن كثرة أكل الفستق يسبب العقم، وأن حبوب البطيخ تزرع في البطن، لكن يبدو أن كثيراً من هذه النصائح تحولت لعقد في نفوس أبنائهم.
عائشة حمد مثلاً لاتزال تخاف أن تأكل «حبة الفستـــق السوداني»، «عندما كنت صغيـــرة كنـــت أحـــب أن آكــل «الصلوم» أي الفستــق السوداني بكثرة، وكانت أمي تحذرني من عدم كثرة الأكل وتقول لي بأنه يسبب العقم للفتاة، حتى بدأت أخاف أن يصيبني العقم ولا أستطيع أن أنجب، فبدأت التخفيف من أكله. ورغم أنني اكتشفت أنها معلومة خاطئة وكات أمي تخبرني بهذا خوفاً علي من الإكثار منه ليس إلا، إلا أنني مازلت أبتعد عن تناوله إلى الآن خوفاً من العقم».
ويذكر حسين الجار أنه عندما كان صغيراً كانت والدته تحذره من أكل حبة البطيخ، لأنها تعلم أنها تضره، «لكنني لم أكن أكترث بما سيحدث من ألم، حتى أخبرتني قصة الفتى الصغير الذي كان يأكل حبة البطيخ وشرب بعدها الماء فزرعت في بطنة وخرجت من فمه شجرة كبيرة من البطيخ!، كنت طفلاً وصدقت الكذبة».
ويضيف الجار: أنا اليوم أضحك على نفسي لتصديقي أكاذيب أمي من أجل حمايتنا من أمور ليس لها من الصحة شيء، فهي لاتزال تعتقد أن حبة البطيخ مضرة للجسم والمعدة.
بدورها تتذكر بدرية جاسم، «عندما كنت صغيرة أذكر أن والدي كان في كل عيد بعد أن أجمع النقود وأظل أعدهم كل ثانية، وخوفاً من أن أضيعهم، يقوم والدي بتحذيري ويقول أنه كلما قمت بعد النقود فإنها ستنقص، فكما يقول «كثرة العد ينقصها»، وكنت أصدقه، وأخاف عدها، واليوم اكتشفت حقيقة أنه لا يمكن للنقود أن تختفي لوحدها».
وتخشى نورة عد النجوم، «أخاف «الثالول» حيث إنني عندما كنت صغيره كانت أمي تحذرنا من عد النجوم حتى لا نصاب بالثالول في ظهر يدنا، وكنا نعدها «بنحاس» حتى ظهرت لدى أخي حبوب صغيرة على ظهر يده، فقالت لنا أمي هذا جزاؤكم، ورغم أنني عرفت بعد زيارة أبي للطبيب أنها حساسية، إلا أن العقدة ظلت في داخلي، وإلى اليوم أتجنب عد أكثر من خمس نجوم، ولكني مازلت أتساءل ما الهدف من منعنا من عد النجوم».
ويذكر خالد عبدالله أن قصة البعبع وأم حمار كانتا تطاردانه أيام الصغر، بسبب حكاياتهما على ألسنة الجدات، «كانت أم حمار المعروفة بأم رجل واحد والبعبع يطاردانني أنا وكل من في سني، في أحلامنا ويقظتنا!، كانت أمهاتنا تخبرننا بأن البعبع وأم أحمار يأتيان للأطفال الذين لا ينامون، ويقولون «إذا مارقدتوا بياكلكم البعبع» أو «بتاكلكم أم حمار»، وبوصفهم للبعبع بأنه وحش أسود اللون أشعث الشعر له أسنان كبيرة وعينان حمراوتان، «وكنا نخاف منه كوننا نتخيل شكله، والآن أقوم بتخويف أبنائي بنفس الأسلوب إلا أنهم لا يخافون، لأن هذا الجيل واعٍ، بعكس السذاجة التي كنا عليها».
وقص الأظافر كذبة أخرى أيضاً بالنسبة لبلقيس خالد، «عندما كنا نقلم أظافرنا ونرميها على الأرض كان والدانا ينهيانا عن هذا بقولهم لنا بأن ترك الظافر ورميها على الأرض تسبب المشاكل والشجار في المنزل ما هو حال الـ«نعال» الحذاء المقلوب، وإلى اليوم لا أترك الأظافر مرمية وحتى عند رؤيتي لحذاء أو نعال مقلوب أقوم بوضعه بالوضعية الصحيحة للاعتقاد الذي رسخ في بالي، رغم أنه ليس حقيقي ولا دخل له بالشجار».