أكدت دراسة نفذها المجلس الأعلى للمرأة، بالتعاون مع المجلس الأعلى للقضاء حول «أثر تطبيق قانون أحكام الأسرة - القسم الأول - في القضاء الشرعي»، ضرورة الإسراع في إصدار القسم الثاني من قانون الأحكام الأسرية للعمل على استقرار المراكز القانونية لأفراد المجتمع الواحد».وأبرزت الدراسة التي أجراها القاضي بمحكمة التمييز د.طه عبد المولى طه، بتكليف من المجلس الأعلى للمرأة، ضرورة الاهتمام بمقار محاكم القضاء الشرعي والعناية بها، وإنشاء محاكم خاصة للقضايا الأسرية «القضايا الشرعية»، مراعية لخصوصية المجتمع البحريني.وتأتي هذه الدراسة في إطار تنفيذ الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية في الجوانب المتعلقة بالبحث المستمر نحو ما يحقق استقراراً وتلاحماً أكبر للأسرة البحرينية خصوصاً وأن قانون الأسرة في شقه الأول قد حمل العديد من الاجتهادات المستنيرة التي تحفظ حقوق أفراد الأسرة، وقد خلصت الدراسة إلى ضرورة أن يكتمل هذا التشريع ليشمل كافة أفراد المجتمع البحريني مع مراعاة الخصوصية المذهبية للمتقاضين.وتهدف الدراسة بشكل رئيس إلى التعرف على وضع القضاء الشرعي قبل صدور قانون أحكام الأسرة، وموقف القضاء الشرعي في ظل قانون أحكام الأسرة، والصعوبات والتحديات التي تواجه تطبيق القانون.واعتمدت الدراسة، على عدد من المناهج البحثية، منها» منهج الملاحظة في جمع المعلومات من أجل التعرف على الاتجاهات الفعلية لتطبيق قانون أحكام الأسرة، ومتابعة سيرها واتجاهاتها بقصد التفسير وتحديد العلاقة بين المتغيرات، ومنهج التحليل الاستقرائي من خلال تحليل وشرح بعض أحكام القانون، ومنهج المقارنة من خلال مقارنة وضع القضاء الشرعي قبل وبعد إصدار القانون».أهمية الدراسةوتنبع أهمية هذه الدراسة من خلال تسليط الضوء على الجهود التي بذلتها الدولةُ لتجسيد المبادئ الدستورية المتعلقة بالأسرة، وتحويلها إلى واقع عملي ملموس، وذلك بتقنين مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين ووضعها في نصوص قانونية محددة وواضحة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، والوقوف على ما إذا كان هذا القانون بعد تطبيقه خلال هذه السنوات الثلاث قد حقق الأهداف التي صدر من أجلها أم أنه لم يزل به بعض مظاهر القصور التي تحتاج إلى تدخل تشريعي سريع؛ لاستكمال أوجه القصور أو تعديل بعض النصوص والتي تكشفت خلال فترات تطبيقه أمام القضاء، ولإظهار الآثار الإيجابية على مركز الأسرة البحرينية بعد تطبيق قانون الأسرة في قسمه الأول.وحرصت الدراسة على تقديم شرح مختصر عن نظام محاكم القضاء الشرعي في البحرين، تتضمن بياناً بترتيب هذه المحاكم وتحديد اختصاصها وضوابط هذا الاختصاص وآلية فض التنازع الاختصاصي بين القضاء الشرعي والقضاء المدني، وأهم الجهات المعاونة للقضاء الشرعي، وبيان أهم القوانين التي يعتمد عليها القاضي الشرعي في عمله حالياً.وأوضحت الدراسة وضع القضاء الشرعي قبل صدور قانون أحكام الأسرة، والمصادر التي كان يستنبط منها القاضي الشرعي حكمه على النزاع المطروح عليه في ظل غياب تقنين محدد وواضح يلتزم به، ما يؤدي إليه ذلك في كثير من الأحيان من اختلاف الحلول القضائية للمشكلة الواحدة، وما يترتب على ذلك من عدم الاستقرار في أوضاع الأسرة، ثم بياناً موجزاً لما بذل من جهود وطنية على كافة الأصعدة للدفع نحو إصدار قانون أحكام الأسرة وأهمية هذا القانون.وقدمت الدراسة شرحاً بسيطاً لنصوص القانون، وبيان الأهداف التي أراد المشرع تحقيقها من خلاله، وإبراز أهم ما تضمنه من نصوص تعد علامات مضيئة تجسد إرادة الدولة في العمل على استقرار الأسرة، وبيان أهم ما تميز به هذا القانون من خصائص ومميزات. إضافة إلى عرض الأحكام القضائية الصادرة من محاكم القضاء الشرعي السني على مختلف أنواعها ودرجاتها تطبيقاً للقانون، مع إبراز الجوانب الإيجابية لهذه الأحكام، وإجراء مقارنة بين هذه الأحكام وتلك الصادرة قبل صدور هذا القانون.ولم تغفل الدراسة، عن تقديم أهم التحديات التي تواجه تفعيل القانون وتحول دون تحقيق أهدافه، منها عدم وضوح بعض نصوص القانون وقصور في البعض الآخر، وحاجة قضاة الشرع الجدد إلى فهم القواعد القانونية الإجرائية التي لا يستغني عنها من يشتغل في القضاء، خصوصاً في ظل قصور قانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية عن مواجهة كافة المشكلات التي تعرض للقاضي أثناء نظر الدعوى الشرعية، فضلاً عن قلة عدد القضاة بصورة لا تتناسب مع الكم الهائل من الدعاوى الشرعية، وأيضاً مشكلات تنفيذ الأحكام الشرعية ومعرفة أسبابها وغير ذلك من الصعوبات العديدة التي تناولتها الدراسة بالتفصيل.وخلصت الدراسة، إلى عدد من التوصيات، سواء ما تعلق منها بضرورة التدخل التشريعي لسد النقص، أو الحاجة إلى التطوير الإجرائي، التنظيمي، ولعل من أبرزها:» ضرورة وضع مذكرة توضيحية للقانون، تتولى شرح نصوصه بشكل مبسط بصياغة قانونية تبتعد عن الخوض في تفصيلات آراء المذاهب المختلفة. سرعة التدخل لحل مشكلة قصور الإجراءات أمام القضاء الشرعي بإعادة النظر في المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 1986، إما بإضافة نص جديد إلى نصوصه يقضي بإلزام القاضي الشرعي بالرجوع إلى قانون المرافعات المدنية رقم 12 لسنة 1971 وتعديلاته، عند خلو هذا المرسوم من نص يعالج المسألة الإجرائية المعروضة عليه، أو بإلغاء هذا المرسوم كلية وتعديل قانون المرافعات بالنص على سريانه على محاكم القضاء الشرعي، ورجحت الدراسة الخيار الأخير. تعديل المادة 245 من قانون المرافعات بجعل الأحكام الصادرة بتقرير نفقة واجبة أو أجرة حضانة أو رضاع أو مسكن أو تسليم الصغير لأمه نافذة نفاذاً معجلاً بقوة القانون.التركيز بشكل مكثف على أهمية إحاطة القضاة الشرعيين الجدد بالجوانب الإجرائية والقانونية وتكثيف ذلك من خلال دورات متخصصة، مع ضرورة زيادة عدد القضاة الشرعيين في الدائرة السنية وتكثيف الدورات التدريبية وورش العمل لهم بمعهد الدراسات القضائية والقانونية بوزارة العدل والشئون القانونية والأوقاف. الاهتمام بمقار محاكم القضاء الشرعي والعناية بها، وإنشاء محاكم خاصة للقضايا الأسرية «القضايا الشرعية»، مراعية لخصوصية المجتمع البحريني. وجوب عرض كافة النزاعات الزوجية على مكتب التوفيق الأسري ابتداءً قبل عرضها على القضاء تغليباً للإصلاح والحل الودي بين الزوجين بديلاً عن استمرارهما في الخصومة بين أروقة القضاء الشرعي. تعديل قانون محكمة التمييز بفتح باب الطعن بطريق التمييز في الأحكام الانتهائية الصادرة من محاكم القضاء الشرعي أسوة بتلك الصادرة من محاكم القضاء العادي».