أكدت رئيسة المشاريع الهندسية بوزارة الثقافة نورا السايح أن متحف موقع قلعة البحرين، ليس حصالة تاريخية ولا حقيبة إسمنتية للوقت، بل يلامس بكثافة كل الحالات الجمالية المحيطة، ويحاول أنسنة العمران من خلال استراتيجيات عديدة عمرانية، تفاعلية، اجتماعية، بيئية وغيرها.
وأضافت أن فكرة أن يكون المتحف مزاراً أو موسماً لم تعد تجدي أمام الحضارات التي نملك، ونسعى لأن نخلق مصالحة مع فكرة المتاحف في مملكة البحرين، ولا ننتظر السائح فقط، بل نريد فعلياً أن يشعر الناس بالانتماء إلى أجيالهم السابقة وأمكنتهم القديمة وحضاراتهم البعيدة، لأننا مسؤولون عن صناعة التاريخ المقبل.
وأوضحت أن المتاحف في كل أنحاء العالم تشتغل على نسج صداقات وطيدة مع السكان وتكون جزءاً مهماً من حياتهم، من خلال تفعيل دور المتحف وانتقالاً بدوره من حارسٍ زمني إلى صديق الإنسان، وذلك عبر إحياء المكان وإلغاء الصمت فيه بالعديد من الفعاليات والأنشطة.
وتابعت السايح أن المعمار والحياة داخل المكان هي التي تشترط السلوكيات الإنسانية أو تواجدها. حاولنا منذ اللحظة الأولى أن نفعل ذلك بتصميم كان يستلهم البحارة ويضع المتحف أمام مدينة حديثة وأخرى قديمة، هذا الالتباس المقصود كان جسـراً بين أجيال مختلفة، حضارات، أناس وتوجهات، وكنا نصنع الصلح مع الوقت والفكرة والمضمون.
ولفتت إلى أن تجربة المقهى كانت تجعل من هذا المكان لقاءً حيوياً ينتقل من موضعه في المدن والمجمعات التجارية إلى الموقع التاريخي، مما يضفي المقهى كفخٍ جميل وذريعة البحرِ كمحاولة صادقة يقترب فيها الناس من المتحف دون الشعور بالملل أو الروتينية أو حتى التهرب من درسٍ تاريخي أو جغرافي ما. أما الأنشطة والفعاليات فهي التجربة الأكثر شغفًا وانفتاحًا لأنها تكرس لحياةٍ ما في قلبِ المتحف، وتنقله من دوره التقديمي والاستعراضي إلى التفاعلي.
وأضافت السايح أن المتحف ليس كما هو السائد في مجتمعاتنا ينقبض على فكرة زمنية أو على موضوع معين، بل هو قادرٌ على محاكاة الحيوات واقتباس الجمال كمشروع إنساني ممتد وصانعٍ للهوية، لافتة إلى أن متحف موقع قلعة البحرين يصنع كذلك برامجه وأحداثه ملتفاً حول اهتمامات الناس، توقعاتهم، وتطلعاتهم.
وتساءلت السايح: كيف يمكننا أن نكون قريبين من الآخرين ونحن نركن إلى فكرة واحدة أو معتقد واحد؟ مهمة المتحف أن يقترب من الجميع لأنه لهم ومنهم ومعهم، ولا يمكن أن يصغي إليك أحد أو يراك إن لم تكن بالنسبة له مفهومـاً ومرئيـاً، لذا فكل الفعاليات هي تلك التي يمارسها الشارع ويعيشها أو تثير فضوله كي يصير المتحف صديقًا له.
وأكدت أن البرامج والفعاليات والأنشطة هي موازنة بين الكثافة التاريخية والثقافية والفكرية وبين الوعي العام والسائد، وذلك ما يتيح المساحة لأن يشارك الجميع وأن يتمكنوا من استخدام المرافق والمساحات المفتوحة، كما تنسجم المواضيع مع الممارسات العامة وحياة الناس حيث يعيش الجميع فرصة الاحتفاء ومعايشة مناسباتهم داخل المتحف.
وذكرت أن المتحف ومنذ تأسيسه حقق العديد من الفعاليات، من ضمنها: الأمسيات السينمائية، الحفــــلات الموسيقية، جلسات القراءة، المحاضـــرات والندوات، ورش العمل، الحِرف اليدوية، عيد الأضحى وغيرها من الفعاليات التي كانت ملتقى لكل العائلات والشباب. وفي ذلك استلهام من الحياة الطبيعية وتاريخ المكان في الوقت ذاته، كما ركز متحف موقع قلعة البحرين أيضًا في تأملاته ونشاطاته على الصغار باعتبارهم الأجيال المقبلة، التي تحتاج كل الأدوات لاستيعاب الإرث الحضاري والإنساني، ومعايشة الموقع.