كتبت - عايدة البلوشي:
يقول المثل الشعبي القديم «حظ أعطينـــي وفي البحر ارميني» لكـــن الواقــع استبدل كلمة «حظ» بمفـــردة «واسطــة»، فلم يعد الحظ أو حتـــى الكفاءة تلعب دوراً كبيراً في تحقيق الآمال والطموحات أو تسيير العالق من الأمور، بل أصبح فيتامين «واو»، أي الواسطة، الوصفة السحرية التي تغير الأحوال والقوانين والأنظمة بسرعة البرق.
فقد انتشرت في المجتمعات ظاهرة تسمـــى (الواسطة)، هذا الفيتاميـــن الذي يساعد البعض على إيجاد وظيفة خلال أيام معدودة، في حين لا يجد آخرون لا تتوفر لديهم ميزة (الواو) إلا سنوات طويلة من البحث عنها مراراً وتكراراً، وهناك أيضاً من يترقى في عمله بشكل سريع لا بسبب تفانيه في العمل واستحقاقه لهذا الترقي بل بسبب علاقته القوية بمسؤول ما وتلاقي مصالحهما معاً، في حين يجد الموظفون الأكفاء أنفسهم قابعين في مكاتبهم لا يتقدمون إن لم يتأخروا في مسيرتهم المهنية.
إهمال الجهات الرسمية
وفي هذا الصدد يتحدث (م.ع)/موظف عن تجربته، فيقول: في الحقيقة بعد تخرجي من الجامعة، حاولت البحث عن وظيفة، فبدأت رحلة البحث عن الوظيفة من خلال تقديم السيرة الذاتية عبر الحضور الشخصي للوزارات والبريد الإلكتروني، ورغم المراجعات المستمرة إلا أنها بدون جدوى، حينها وقفت وقفة جادة وعرفت واستخدمت سلاح (الواسطة)، ومن جعلني ألجأ إلى الواسطة هو مستقبلي وإهمال الجهات في توظيف الخريج الذي بحاجة ماسة إلى الوظيفة، وبعد الواسطة توظفت في الشهر الثالث، لذا الإنسان لا يستخدم الواسطة ولا يلجأ إلى معارفة إلا إن وجد الإهمال من قبل الجهات المعنية.
فيتامين «واو»
أما الخريجة من جامعة البحرين (ر. م) تقول: تخرجت في عام 2009، وقد حصلت على وظيفة بعد سنتين، في حين زميلاتي ممن هن أقل مني معدلاً تراكمياً في الجامعة توظفوا قبلي بسبب (فيتامين واو) لا غير، بمعنى تلقى الدرجات والمعدلات والكفاءة أمام من يملك (واسطة)، وما يحز في النفس أنني تعبت وتفوقت على غيري واجتهدت، ومن ثم الوظيفة تكون لمـــن هـــم أقـــل منـــي معـــدلاً؟!
قانون يمنع «واو»
أما (ن.أ) فضلت عدم ذكر اسمها، تقول: أصبحنا في زمن نحتاج فيه إلى قانون يمنع الواسطة، لأنه في الحقيقة ضاعت حقوق ناس بسبب هذه الظاهرة المتفشية في المجتمع، فما ذنب من ليس لديهم واسطة.
تردف: دعونا نتحدث عن الواقع، فعلى سبيل المثال وأبسطها تبدأ في المدارس، عندما يريد طالب الانتقال من صف إلى آخر يمنع، بينما طالب آخر يريد الانتقال يسمح له والسبب في ذلك (لأن والدته بمعرفة بمديرة المدرسة)، وعلى صعيد العمل فحدث ولا حرج موظف يجتهد ويجتهد ولا يجد كلمة (شكراً)، بينما الآخر يغيب يوم ويستأذن في اليوم الثاني لظروف وهمية، للأسف يراه المدير هو (الموظف المثالي)، أما غيابه لليوم الأول واستئذانه في اليوم الثاني يفسر بـ(ظروف)، ولو كان موظف آخر مكانه لما قيل (ظروف) بل تترجم (عيارة)، أما في مجال المستشفيات والمواعيد، أيضاً تستطيع أن تحصل على موعد حسب طلبك إن كنت على علاقة جيدة بأحد يعمل في تلك العيادة وإلا عليك الانتظار طويلاً.
«لا أحد يكلمني»
ويقول عبدالله علي: للأسف انتشرت ظاهرة خطيرة في المجتمع (الواسطة) وضاعت حقوق الناس بينها، فتجد من لديهم واسطة يقولون (عندي واسطة.. لا أحد يكلمني) لعله يخالف ويخالف ولكن لا أحد يحاسبه، فالواسطة بصراحة منتشرة بشكل كبير رغم خطورتها الا أن الكثير منا يغفل هذه الخطورة، فعلى سبيل المثال يحصل الولد رخصة السياقة في أول امتحان رغم أنه لا يجيد السياقة بالشكل المطلوب ولكنه لديه (واسطة)، وهنا تكمن خطورة الواسطة وينتسى الأب بأن سلامته أهم من حصول على الرخصة في الوقت المطلوب. لذلك نحتاج إلى قانون يمنع الواسطة، لأنها تضيع الحقوق وتقتل البشر.
ويعترف (ع.ج) أنه كان دائماً يسجل مواده الدراسية خلال المرحلة الجامعية عن طريق أحد المعارف، ففي يوم التسجيل ما عليه سوى رفع الهاتف والطلب منه تسجيل المواد وبالأوقات الذي يناسبه، مضيفاً أنه ليس الوحيد الذي يتبع هذه الطريقة، فمن لديه معرفة يقوم بذلك، ولا يكلف نفسه عناء التسجيل والتعب وفي النهاية لا يحصل على الصف الذي يريده.