دعت فعاليات إلى استثمار مناسبة عاشوراء بالدعوة للتسامح والإصلاح ولم الشمل وتوحيد الكلمة، تمثلاً لقيم الحسين (ع) ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وقالوا «من الخطأ الكبير اعتقاد أن موسم عاشوراء مناسبة لطائفة دون أخرى».
ونبهت الفعاليات إلى ضرورة الابتعاد عن الطائفية المفتعلة بين المسلمين، وقطع الطريق وغلق الأبواب أمام أي أجنبي يريد التدخل بشؤون البحرين الداخلية.
وأكدوا أهمية الاقتداء بالمعاني السامية لعاشوراء، في تعزيز وحدة الصف وترسيخ مبدأ الوحدة الاسلامية والإصلاح وبث روح المآخاة وتوسعة دوائر المثل الأخلاقية التي نادت بها عاشوراء ورسختها على الدوام.
مناسبة الوحدة
وأكد رئيس الأوقاف الجعفرية محسن العصفور، أن منابر الشيعة في موسم عاشوراء - ما بين العاشر من محرم وحتى الأيام العشر الأخيرة من صفر- هي منابر تحث على الإصلاح ولم الشمل وتوحيد كلمة الشعب البحريني، وقال «يحرص الخطيب في تلك المنابر على إصلاح سلبيات المجتمع وإيقاف سلوكيات الأفراد الخاطئة».
وأضاف «من الخطأ الكبير الاعتقاد أن موسم عاشوراء مناسبة لطائفة دون أخرى»، معرباً عن اعتقاده أن المناسبة التقاء واجتماع للمسلمين في جميع المذاهب حول الذكرى التاريخية.
وأوضح أن جميع الكتب الدينية والمؤلفات الإسلامية ومصادر التشريع والأحكام الفقهية، تجمع بمختلف المذاهب الإسلامية على حرمة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجوب احترامهم ومحبتهم، ما يحتم تأثرهم واهتمامهم بما وقع عليهم.
وأكد العصفور أن جميع أئمه السنة صرحوا وكتبوا في مصنفاتهم وصحاحهم عن واقعة كربلاء وما جرى فيها، لافتاً إلى أن ما كتبه المؤرخين والعلماء السُنة بهذا المجال أكثر من الشيعة.
وقال العصفور إن ذكرى عاشوراء حسب موردها التاريخي والديني والاجتماعي، تعتبر أكبر موسم ثقافي يجذب الكثير من الفئات البحرينية، ويركز فيها الأئمة والخطباء على الدعوة للتمسك بالقيم والأخلاق والسلوك الحسن والابتعاد عن الانقسام ونبذ العنف، كما جاء عليه الإمام الحسين رضي الله عنه.
ولفت إلى أن تضحيات الإمام الحسين هي السبيل لرجوع الأمة إلى أصالتها ومجدها وعزها وتمسكها بنهج الإسلام الصحيح، وإنقاذ الأمة بعد ما أصابها من الوهن والضعف.
وأضاف أن إحياء ذكرى عاشوراء تأكيد لضرورة وجود الأمة وتصحيح مسارها وتحقيق عزتها وكرامتها، وقال «على مدى العقود الأربعين الأخيرة، كل خطباء وعلماء الشيعة يحثون بهذه المناسبة على الوحدة الوطنية والدعوة لتصحيح الفكر الإسلامي وتأكيد النهج الإسلامي الأصيل البعيد عن كل أنواع التطرف والعنف، وترك كل ما يسيء إلى ثقافة المسلم وشخصه وكرامته والعيش بمظاهر سلمية في المجتمع، وإن هذا لا يمنع وجود شواذ لكنه مرفوض جملة وتفصيلاً ولا يؤخذ به ويجب تداركه».
نبذ الطائفية
من جانبه أثنى رئيس جمعية العدالة والتنمية كاظم السعيد، على ما يقدمه جلالة الملك المفدى للمعزين خلال المناسبة، وقال «دعم جلالته للمعزين والخطباء في هذه الآونة لا يقدر بثمن، وسماحه للجميع بممارسة شعائره الدينية بحرية دليل على ديمقراطيته وفكر قيادته الحكيمة». وأشاد بتوجيهات سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، أجهزة الدولة ومؤسساتها الحكومية لخدمة المعزين وتسخير خدماتها لتوفير تسهيلاتها للمعزين كافة، مثل وزارات الصحة والبلديات والأشغال والداخلية، وبذلها الجهود في سبيل توفير الأمن والسلامة للجميع. ودعا السعيد إلى الابتعاد عن الطائفية المفتعلة بين المسلمين، وقطع الطريق أمام الأجنبي أو أي باب يلج منه، مضيفاً «الحسين ليس لفئة معينة دون أخرى، بل هو حفيد المصطفى عليه السلام الذي أتى للعالمين، فأيام محرم توحدنا شيعة وسنة، وحرمة هذا الشهر لدى السنة صيامهم لعاشوراء، ما يدل على احترامهم للأيام الفضيلة، وهو عند الشيعة تعزية ومواجب دينية، فاتحاد السنة والشيعة درس نتعلمه ونعلمه لأولادنا ونربيهم عليه».
وأضاف «أيام عاشوراء لها دور فاعل متواصل في تطوير الوعي الإرشادي للفرد الذي يستقيم في حياته ويقدم لآخرته، فقرب الإنسان من الله عز وجل يجعل المواطنين مخلصين إلى دينهم وبلدهم ومحافظين عليه، ما من شأنه تعزيز المواطنة في القلوب وترسيخها».
التمثل بقيم الحسين
بدوره دعا المتحدث الرسمي باسم علماء الشيعة المستقلين عبدالله المقابي، المواطنين والمقيمين إلى استغلال هذا الموسم في التقارب والإخاء لما تحمله من معان سامية.
وقال «من المعاني السامية لأيام عاشوراء الوحدة الإنسانية والدينية والإسلامية والوطنية، ومعنى التسامح عند الحسين رضي الله عنه في أرض كربلاء وهذه دعوة بارزة وواضحة للتسامح، وآخر أهم معانيها هو التركيز على عبادات تفيد الأوطان والأمة الإسلامية، وتعزز القيم الإسلامية داخل الإنسان، فكما هذه المعاني تجسدت في عاشوراء علينا الآن الاقتداء بها والعيش على هديها، من أجل الوحدة الوطنية وإعلاء كلمة الحق».
وحث المقابي المواطنين على الاستفادة من أجواء عاشوراء عن طريق استشعار التعايش والتعاون بين المسلمين والمقيمين في إحياء هذه الشعائر والأجواء العاشورائية، واستثمارها أكثر في التلاحم الوطني وزرع الثقافة الوطنية والأخلاق النبيلة التي جاءت بها الرسالة العاشورائية من أجل الوطن.
وأثنى على ما تقدمه القيادة الرشيدة من حرية لممارسة الشعائر الدينية، وقال «وفرت قيادتنا الرشيدة في البحرين تسهيلات تمكن الجميع من أداء شعائره دون حدود، ما لا يتوفر في دول أخرى».
تعزيز وحدة الصف
وأكد الأخصائي الأول بجامعة البحرين جمال الدسمال، أن كل ما تقدمه المآتم الشيعية ما هو إلا دعوات للإصلاح والتلاحم والوحدة الوطنية، مضيفاً «تنظم وزارة العدل والشؤون الإسلامية منذ سنوات فعاليات موسم عاشوراء في البحرين ومحاضرات يقدمها نخبة من المشايخ، لتعزيز الوحدة الوطنية وإطلاق الحريات والمعتقدات وبث روح التسامح، والمشاركة الفعالة للمشايخ من الطائفتين الكريمتين في حضور الندوات والفعاليات».
وقال «المعاني السامية التي تحملها عاشوراء للاقتداء بها في مجتمعنا، تشمل تعزيز وحدة الصف وترسيخ مبدأ الوحدة الاسلامية والإصلاح، وبث روح المآخاة وتوسعة دوائر المثل الأخلاقية التي نادت بها عاشوراء ورسختها».
وأضاف «الشعائر الدينية لا تقتصر على نوعية واحدة وفكر واحد، فعلى الوزارة تنويع الدعوات للمشايخ من ذوي الأفكار الوسطية، والمشاركة الفعالة للمشايخ من الطائفتين الكريمتين في حضور الندوات والفعاليات». وعبر أن «عاشوراء بالنسبة للمسلمين عامة من أهم الأحداث التي وقعت للمسلمين، وتمثل عظمة موقف الإمام الحسين مقابل جيوش مجيشة بشجاعة وثقة علينا التحلي بها في الوقت الراهن».