كتبت - زهراء حبيب:
بعد أن شغلت قضية ضرب أطفال حضانة بالحد الرأي العام البحريني خلال الأيام القليلة الماضية، استمعت النيابة العامة أمس لشهادات الأطفال وذويهم وشاهدة الإثبات بالقضية، وهيأت كل الأسباب المطلوبة لحث الأطفال على الحديث وكشف ما غمض من ملابسات الدعوى، وهي وفرت لهذه الغاية باحثات اجتماعيات ذوات خبرة واسعة في التعامل مع الأطفال.
الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين سنة ونصف و3 سنوات عبروا عما تعرضوا له من سوء معاملة، بالتصريح حيناً وبالإيماء أحياناً، وقال بعضهم إن وسائل التعنيف مورست بحقهم من قبل صاحبة الحضانة والعاملات.
هؤلاء عرضوا أمام الباحثات الاجتماعيات بعض ما تعرضوا له من سلوكيات خلال ساعات وجودهم بالحضانة، مثل النظرة الغاضبة من المعلمات أو الصراخ بوجوههم.
شاهدة الإثبات بالقضية أصيبت بانهيار نفسي وهي تروي تفاصيل الواقعة، فيما تواصل النيابة العامة الاستماع لإفادتها اليوم، وتستمع أيضاً لشاهدات إثبات أخريات خلال الأيام القليلة المقبلة.
على لسان الأطفال
وشكلت النيابة العامة فريق عمل من 3 رؤساء نيابة ـ بينها نيابة الأحداث ـ ومثلهم من الأعضاء، وشرطيتين، ومشرفتين اجتماعيتين، لكشف ملابسات قضية تعرض أطفال حضانة بالحد لسوء معاملة وتعنيف، من قبل صاحبة الحضانة والعاملات الآسيويات، مثل حرمانهم من تناول الطعام، وتقييدهم على الكراسي، وضربهم على وجوههم، في قضية أثارت الرأي العام البحريني.
وقالت رئيسة نيابة الأحداث الشيخة نورة آل خليفة، إن النيابة العامة استقبلت نحو 14 طفلاً مع ذويهم، ووفرت ركناً لانتظار الأهالي لحين استماع الأخصائية النفسية والباحثات الاجتماعية لأقوال الأطفال المتعرضين للعنف. وأوضحت أن الأخصائية النفسية كانت تستمع لأقوال المجني عليهم، وهم أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة ونصف و3 سنوات، لافتة إلى أن بعض الأطفال عبروا عما تعرضوا له من سوء معاملة، وآخرون عبروا بملامحهم عن تعنيف تعرضوا له من صاحبة الروضة، سواء كان بالنظرة الغاضبة أو الصراخ عليهم، ومثل بعضهم ما تعرضوا له من سلوكيات طوال ساعات وجودهم بالروضة. ولفتت إلى أن نيابة الأحداث تحتوي على غرفة خاصة مجهزة بالمعدات والألعاب والكراسي والديكور الخاص بالأطفال، بغية توفير بيئة مريحة للطفل والحدث تحثه على الإدلاء بأقواله عما تعرض له من سوء معاملة، بأريحية ودون أن يشعر بالارتباك.
وأكدت أن بعض الأسر حضرت إلى النيابة العامة بعد أن نما لعلمها، باستماع النيابة لأقوال المبلغين، وبعضهم كان يرفض جلب أطفاله لسماع أقوالهم خوفاً على نفسيتهم، مستدركة «لكن هؤلاء غيروا وجهة نظرهم بعد اطلاعهم على آلية التحقيق، وطلبوا في منتصف التحقيق السماح لهم بجلب أبنائهم».
شهود الإثبات
وعلى الصعيد نفسه قالت المحامية سهام صليبخ التي حضرت التحقيق مع الشاهدة الرئيسة بالدعوى، إن النيابة العامة استمعت لأقوال شاهدة الإثبات أمس من الساعة 12 ظهراً وحتى الخامسة مساءً، ومن المقرر أن تستكمل النيابة الاستماع لأقوالها اليوم.
وأوضحت أن هناك شاهدات إثبات أخريات تستمع النيابة العامة لإفادتهن خلال الأيام المقبلة، مشيرة إلى أن إحدى الشاهدات خارج البلاد، ومن المقرر أن تدلي بشهادتها فور وصولها البحرين بعد أسبوع تقريباً.
وعما دار في التحقيق بينت أن الشاهدة أصيبت بلحظات من الانهيار النفسي وأجهشت بالبكاء، كلما تذكرت ما تعرض له الأطفال من سوء معاملة، إذ أكدت في أقوالها تعرض الأطفال للضرب على الوجه والكتف والسحب من ملابسهم، وحرمانهم من الطعام، وتقييدهم على الكراسي.
شهادة أولياء الأمور
أم علي حضرت مع ابنها ذي الربيعين و9 أشهر، ليدلي بما تعرض له من سوء معاملة منذ دخوله الحضانة لفترة لا تتجاوز شهرين، ورغم ملامحه الطفولية البريئة إلا أنه أوضح للباحثات الاجتماعيات ما تعرض له من سوء معاملة بالضرب على يده، والصراخ بوجهه، والنظر إليه بصورة يملأها الغضب من قبل صاحبة الروضة، حسبما أكدت والدته.
ولفتت أم علي إلى أنها طوال فترة وجود ابنها في الروضة، حاولت مراراً وتكراراً معرفة اسم صاحبة الحضانة لكن الأخيرة رفضت على حد قولها، واكتفت بمنادتها باسم «أم فلان».
ولاحظت الأم أن ابنها يلح دوماً على شرب الماء من أول دقيقة لخروجه من الحضانة، ولا يستطيع الانتظار لحين الوصول إلى المنزل، وبعد سؤالها للمديرة عن الموضوع، أخبرتها أن ابنها يكثر من شرب الماء، وطلبت منها إرسال زجاجتي ماء معه يومياً، وقالت «تعرض لالتهاب في أذنه دون أن يسبقها حمى أو وعكة صحية».
وكانت أم علي فوجئت من طلبات مديرة الروضة غير المبررة، فتارة تطلب منها إرسال «روب» مع ابنها رغم علمها أن طفلها لا يحب الـ«روب»، ومرة طلبت الهريس بحجة أن الطفل يعشق تلك المأكولات.
وفي إحدى المرات لاحظت تعكر مزاج ابنها وغضبه المستمر دون سبب، وبالاستفسار منه أخبرها أنه تعرض للضرب في الحضانة، كما استغربت من تغير سلوكه وميله للعنف، وتلفظه بألفاظ غير لائقة. أولياء أمور آخرين قالوا إنهم فوجئوا بصور أبنائهم منشورة على حساب الحضانة على «الأنستغرام» وهم في رحلة دون علمهم المسبق بالأمر، أو أخذ موافقتهم. وهذا ما أكده ولي أمر طفلة تعرضت لسوء المعاملة أثناء وجودها في الحضانة، وتطرق إلى ما تعرضت له طفلته من تقييدها على الكرسي عنوة، وربطها لحين قدومه لاصطحابها إلى المنزل، ومنع الأطفال من تناول الطعام وتخويفهم، وقال «كانت مديرة الحضانة ترفض دخول أولياء الأمور للداخل ومشاهدة أبنائهم داخل أسوار الحضانة، بذريعة خصوصية المكان والعاملات فيه»، لافتاً إلى أنه يدفع نحو 300 دينار لكل فصل دراسي بواقع 900 دينار في السنة. ويقول ولي أمر طفل إنه يعتزم عرض طفله على معالج نفسي ليساعده من تجاوز المرحلة الحرجة من حياته، حتى لا تشكل له عقدة تستمر معه طوال حياته. ورغم الضجة الإعلامية المثارة حول القضية لما لها من أبعاد إنسانية واجتماعية، كرر أولياء الأمور سؤالهم أين وزارة التنمية من هذه التجاوزات؟ كيف لم تلحظ هذه المخالفات الجسيمة والحضانة مفتوحة منذ 2006؟ ماذا فعلت بعد افتضاح القضية أمام الرأي العام؟
970x90
970x90