أكد وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أن المنبر الديني لا يعطي حصانة لخطيبه، بل إن الخطيب هو الذي عليه مسؤولية المحافظة على مكانة المنبر وإعلاء شأنه، وإن استغلاله لبث الفرقة أو التحريض فهي مخالفة قانونية صريحة يحاسب عليها، أياً كان هذا المنبر، وأياً كان هذا الخطيب.
وأشار الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، في كلمة خلال لقائه صباح أمس عدداً من شيوخ الدين والوجهاء في البحرين بحضور أعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والمحافظين ومديري مديريات الشرطة، إلى الدور السلبي لبعض المنابر خلال الفترة الماضية لم يقدم مصلحة الوطن، ولم يخدم تحقيق الاستقرار الاجتماعي.
وقال إن ممارسة السياسة ليست محظورة ومكانها في الجمعيات السياسية والتعبير عنها في وسائل الإعلام، وعلى المنابر الدينية أن تتولى مسؤولية جمع الكلمة وفق مقاصد الشريعة الإسلامية والثوابت الوطنية إذا ما اختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر.
وأوضح أن المظاهر التي خرجت فيها بعض المواكب الحسينية مؤخراً لا علاقة لها بعاشوراء، بل إنها تمثل مخالفة صريحة يحاسب عليها القانون.
خطر المذهبية والطائفية
وهنأ وزير الداخلية الحضور بالسنة الهجرية النبوية؛ مستذكراً هجرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة. فالهجرة معلم أساسي في تاريخ الإسلام وتحول مهم في الدعوة الإسلامية وبها بدأ بناء الدولة الإسلامية وبناء الأمة التي بلغت رسالة التوحيد في مشارق الأرض ومغاربها.
وأضاف «أجدها مناسبة كريمة لألتقي بهذا الجمع الطيب من شيوخ الدين ووجهاء البلاد للحديث عن دور المنبر الديني في المحافظة على وحدة المسلمين، فالمنابر أيها الإخوة أمانة إسلامية جليلة يتحمل مسؤوليتها الخطباء وأجهزة الدولة المعنية بالأمر، فدورها واضح وجلي في إعلاء كلمة المولى عز وجل، والتذكير بسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم».
وقال إن أخطر ما يكون على الإسلام أن تأخذ المنابر الدينية صفة المذهبية والطائفية أو التسييس، فهي وجدت لجمع كلمة المسلمين وتعزيز الاستقرار والثبات الاجتماعي، لأن مبادئها السامية ثابتة، وهي الجامعة للناس حول كلمة الحق والخير، مصداقاً لقوله تعالى «ومن أحسنُ قولاً ممن دَعا إلى الله وعملَ صالحاً وقال إنني من المسلمين» وقوله تعالى «وأنّ المساجدَ للهِ فلا تدعوا مع اللهِ أحداً».
وأشار الوزير إلى أن المنبر لا يعطي حصانة لخطيبه، بل إن الخطيب هو الذي عليه مسؤولية المحافظة على مكانة المنبر وإعلاء شأنه ، وإن استغلاله لبث الفرقة أو التحريض فهي مخالفة قانونية صريحة يحاسب عليها، أياً كان هذا المنبر، وأياً كان هذا الخطيب.
وأضاف «يأتي التذكير بهذا الأمر في هذا المقام لما كان لبعض المنابر خلال الفترة الماضية من دور سلبي لم يقدم مصلحة الوطن، ولم يخدم تحقيق الاستقرار الاجتماعي. وإن تحقيق الثبات والاستقرار عند حدوث ما يعكر الأمن الاجتماعي بحاجة إلى مراكز ثقل مبادئها ثابتة ومعانيها راسخة، ومن أهمها المنابر الدينية التي تشكل ركناً أساسياً في ثقافتنا الإسلامية لتعزيز التمسك بمبادئ الإسلام والدعوة إلى التآخي والتآلف والتآزر بين المسلمين وغيرهم، وترسيخ روابط الوحدة الوطنية.
مواكب لا علاقة لها بعاشوراء
ودعا الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة الخطباء للمحافظة على أماناتهم أمام الله، وهم يخاطبون المصلين الخاشعين الذين حضروا إلى بيوت الله، لتكون المنابر للهدى والصلاح، وإذا ما خرجت عن دورها وأصبحت منابر للسياسة فهي تفقد مكانتها وقداستها، وإن ممارسة السياسة ليست محظورة ومكانها في الجمعيات السياسية والتعبير عنها في وسائل الإعلام، وعلى المنابر الدينية أن تتولى مسؤولية جمع الكلمة وفق مقاصد الشريعة الإسلامية والثوابت الوطنية إذا ما اختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر.
وأضاف «تعودنا في كل سنة في مثل هذا الوقت أن نلتقي لتبادل الرأي وإبداء بعض الملاحظات الخاصة بالشعائر التي تقام بمناسبة عاشوراء والتي نحرص على احترام أجوائها الروحانية ومعانيها الجليلة، وقد حافظ المعنيون والمشاركون عبر السنوات الماضية على إظهارها بالشكل الذي يعكس مضمونها، شاكراً المآتم الملتزمة بإقامة الشعائر والحفاظ على معاني المناسبة، إلا أن المظاهر التي خرجت فيها بعض المواكب الحسينية مؤخراً لا علاقة لها بعاشوراء، بل إنها تمثل مخالفة صريحة يحاسب عليها القانون، ومسؤوليتكم أيها الإخوة التأكد من احتـرام هذه المناسبة حتى لا تتحول إلى أيام تزداد فيها المخالفات ويوقف أو يقبض على عدد من الأشخاص».
وقال «لقد أعاننا الله سبحانه وتمكنا بفضل إرادتنا الوطنية بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى من احتواء كيد ما نصب لنا، وفي هذا الصدد فإنني لن أنسى ما حييت دماء شهداء الواجب وجراح المصابين من رجال الأمن العام وآلام الأمهات على من فقدوا وأصيبوا من الضحايا أو من غرر بهم».
وأكد الوزير أننا اليوم أصبحنا في مواجهة مواقف المنظمات المدعومة والموجهة من أجل اتخاذ موقف محدد من البحرين دون الرجوع إلى حقيقة الأمر؛ متجاهلة كل الإنجازات الحقوقية والسياسية التي تحققت، وقد كانت تلك المنظمات سبباً في مخالفة القانون من قبل الذين تأثروا بمواقفها، لقد شكلت التقارير والتصريحات الصادرة عن بعض المنظمات إجحافاً في حق الإنجازات الإنسانية في البحرين، وهذا الأمر لا يعكس النزاهة والموضوعية المتوقعة من الدول التي تعتقد أنها متقدمة حضارياً.
التدخل السلبي ضد البحرين
وقال وزير الداخلية إن المساحة السياسية وحرية التعبير المتاحة في هذا البلد كانت سبباً رئيساً في التدخل السلبي ضد البحرين بدلاً من أن يكون العكس.
وأشار إلى أن اهتمام جلالة الملك المفدى بترسيخ وضمان حقوق الإنسان في البحرين وحرياته الأساسية هو أمر منبثق من اهتمام جلالته الكبير بوضع شريعتنا الإسلامية الغراء موضع التطبيق قولاً وعملاً. فحرية العقيدة وحرمة دور العبادة وحرية إقامة الشعائر الدينية والمساواة والعدل والشورى هي أمور أكدها ميثاقنا الوطني، ونص عليها الدستور.
وأضاف «لقد حرص جلالة الملك على إقامة المؤسسات الدستورية والقانونية لضمان الحقوق والحريات من خلال السلطة التشريعية بمجلسيها والمحكمة الدستورية والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وتشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق واللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة التقصي وإنشاء مكتب التظلمات وإنشاء مفوضية لحقوق السجناء والمحتجزين وتنفيذ الالتزامات الدولية من خلال الاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة».
وقال «بعد هذا العرض الموجز للإنجازات الكبيرة في مجال حقوق الإنسان وضمان حرية التعبيـر لنا أن نتساءل عن الدوافع والأسباب لدى بعض الدول والمنظمات لتجاهل كل هذه الإنجازات الإنسانية المشرفة».
وأوضح أننا في هذا الوطن قادرون على تجاوز الصعاب من خلال التمسك بوحدتنا الوطنية وثوابتنا التي توافقنا عليها. وأننا نملك كل المقومات التي تمكننا من الحفاظ على مكتسباتنا وقيمنا الحضارية التي نشأنا عليها.
من جانبهم، عبر الحضور الكريم عن خالص شكرهم واعتزازهم بما تقوم به وزارة الداخلية ورجال الأمن من جهود للحفاظ على أمن الوطن وتعزيز استقراره من خلال تطبيق القانون وفرض النظام العام، منوهين إلى أن هذا اللقاء يدخل في إطار المساعي الوطنية المخلصة للوزير لحماية النسيج الوطني الواحد والحفاظ على مكتسباتنا الوطنية.