كتب – أحمد جناحي:
وجدت مجموعة القراءة «نلتقي لنرتقي» التابعة لفريق «قوة الكلمة لتطوير الذات»، في كتاب «كخه يا بابا» للسعودي عبدالله المغلوث، صفحات تؤكد أننا محشوّون بعادات تقربنا من الموت.
وخلال ندوتهم الأخيرة، بين أعضاء المجموعة أن الكتاب يعرض نماذج لسلوكيات وظواهر اجتماعية، حولت المجتمع إلى محبط ويائس، لا يجيد الفرح.
وقال فيصل الخياط: استطاع الكاتب أن يسطر أبرز العادات الاجتماعية الخاطئة التي يمارسها بعض الناس في حياتهم اليومية وتصرفاتهم مع الآخرين، كما بين الخلل الموجود في التعامل مع الآخرين وبعض الأعراف الخاطئة التي تناقلنها وأصبحت جزءاً من سلوكياتنا، لافتاً إلى أهمية موضوع الابتسامة وتأثيرها السحري التي ذكرها الكاتب في أحد فصول الكتاب.
وأضاف أن الموضوع الذي يخص الابتسامة ومدى تأثيرها وقوة سحرها ومدى فاعليتها في التغلب على المشاكل وحواجز الحياة، من المهم تطبيقه في كل وقت وحين، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم بين مدى تأثير الابتسامة في أكثر من حديث صحيح، ولا يخفى على أحد أن الابتسامة في وجه المسلم بحد ذاتها صدقة.
التطبيق أولاً
بدورها ذكرت دانة عريقات أنها قبل البدء بقراءة الكتاب، كانت تسمع عنه الكثير من عبارات المدح والإطراء وانه كتاب رائع ويجب قراءته، لكن عنوان الكتاب لم يشجعها على اقتنائه وقراءته، حتى حصلت عليه.
وقالت عريقات: من السهل جداً تطبيق ما قد جاء في الكتاب من ناحيتين، الأولى في السلوكيات التي انتقدها الكاتب والأخرى من حيث توجيه أفراد المجتمع إلى الحلول المناسبة التي يجب تطبيقها.
وأضافت أن كتاب « كخه يا بابا « لطيف، سهل اللغة وبسيط المعاني، ينتقد بشدة السلوكيات الخاطئة المتكررة بشكل يومي والتي يراها بعض أفراد المجتمع عادية، والكتاب يسلط الضوء على أبرز ما قد يمنع تطور ورقي المجتمعات من سلوكيات وظواهر بسيطة في المظهر وخطيرة في الجوهر.
وتابعت عريقات: أختلف مع الكاتب في نقطتين، الأولى عنوان الكتاب الذي يصوّر للقارئ منذ الوهلة الأولى أنه كتاب ساخر ولا يحتوي على مضمون هام – و قد كان هذا رأيي عندما سمعت عنه للمرة الأولى، أما النقطة الثانية فهي أن الكاتب لم يضع الحلول المناسبة للحد من بعض الظواهر الخاطئة المنتقدة وهذا ما قد يحتاجه البعض منا ليسير باتجاه تصحيح الخطأ، فالكثير منا يحدد الخطأ ولكنه يريد من يرشده إلى الطريقة المثلى لتصويبه.
أهمية الإدراك
من جانبها أكدت دانة البوعركي استفادتها من الكتاب من خلال محور الوالدين التي يبين فيها الكاتب خطورة العبارات التي يخاطب بها الوالدان أولادهما، وثانيها محور السعادة والتي يشير فيه الكاتب في الكتاب إلى الفرق بين السعادة التقليدية وهي السفر، الطعام،...والسعادة الحقيقية والتي تكمن في العطاء. أما المحور الثالث فيخص المجتمع.
وأضافت البوعركي أن إمكان تطبيق محاور هذا الكتاب في الحياة اليومية يعتمد على إدراك الفرد للتصرف الخاطئ أو العادة السلبية، مشيرة إلى أنه من السهل أن نقرأ وتعجبنا المفاهيم والأفكار ونتضايق من الأخطاء، ولكن إمكانية التطبيق تعتمد على إدراكنا للتصرف الخاطئ أو العادات السلبية، فالتغيير يبدأ من الداخل. فنحن لا نستطيع أن نغير الآخرين من حولنا فعلينا أن نبدأ من أنفسنا فهذا ينعكس على الآخرين من حولنا. إذاً هو تحدٍّ لنا ولنتذكر قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
وواصلت أن الكتاب يعكس مجموعة من صور المجتمع التي اعتدنا على رؤيتها بشكل شبه يومي، فهناك مقولة: «السمك لا يرى الماء»، فنحن لا نرى عيوبنا أو الأخطاء التي نقوم بها. فالكتاب لم يقتصر على طرح المشاكل فقط بل بين الحل لكل قضية يطرحها. فطرح قضية التعامل مع الأبناء هي قضية مهمة فهي في النهاية تنعكس على المجتمع، فالطفل حتى عمر سبع سنوات يكتسب العادات والسلوكيات من الوالدين لذا عندما نعكس هذه الدراسة على قضايا الكتاب فهذا خطير ويعكس سلباً على المجتمع. فعندما يطرح الأبناء أسئلة كثيرة ما هذا إلا دليل الإبداع والتفكير الإبداعي وهو أيضاً يزيد الثقة بالنفس ويشجع على الحوار البناء الهادف في مستقبلهم.
ومن وجهة نظر فاطمة القلاف فإن «الكتاب سهل ويسير في القراءة، لكنه يحتوي على كثير من الأفكار والظواهر الاجتماعية، وقد تناول مواضيع منوعة ومنفصلة تخص مجتمعاتنا».
مقالات خفيفة
كتاب «كخه يا بابا « مجموعة مقالات خفيفة دونها الكاتب بين عامي 2004 و 2010، أما الغلاف الخلفي فحمل اقتباسات لشخصيات شهيرة كمقدم برنامج إضاءات على قناة العربية تركي الدخيل الذي يقول «إن هذا الكتاب أعطاني كثيراً من طاقة التفاؤل التي نحتاج إليها»، ومساعد رئيس تحرير الوطن عمر المضواجي الذي يقول «لو كان لي من الأمر شيء، لأوصيت وزارة التربية والتعليم بتوزيعه على الطلاب والطالبات»، وكذلك الأخصائية الاجتماعية في برنامج الأمان الأسري أماني العجلان التي تقول «كأني أحمل بين يدي دليل أخطائنا اليومية سطرها الكاتب برشاقة وسلاسة، وآخرون».
يضم الكتاب سلوكيات رسخت في مجتمعنا مُنذ الصغر، ويستهل الكاتب الحديث فيها بمواقف مترامية الأطراف في بقاع مختلفة وأماكن متعددة حول العالم من أشخاص بمجتمع واحد، يسهب في الحديث عنها بمهارة وسلاسة للغاية ويعكسها على الواقع العربي أو المجتمعي الذي نعيش فيه، ويقول الكاتب في مقدمته للكتاب إن أبرز مشاكلنا السلوكية والاجتماعية تبدأ في مجتمعاتنا مبكراً.. مبكراً جداً. فنحن نستقبل أطفالنا بعبارات: «كخه يا بابا»، و»أح ياماما»، و»عيب» حتى ينبت الشعر في شواربهم. هذه العبارات التي ترافق أطفالنا سنوات طويلة جعلت الكثيرين منهم لا يجيدون الحديث وارتكاب الأسئلة. تبدو جملُهم ناقصة وكأن أرتالاً من الفئران الشرهة انقضت عليها بأسنانها الحادة. في حين تبدو جمل الأطفال الآخرين أكثر دهشة وانشراحاً، منعنا أطفالاً مبكراً من المحاولة والخطأ، فحصدنا جيلاً مهزوزاً إلا من رحم الله.
ابتسم يا حمار
اختار الكاتب أن تكون فاتحة الكتاب بعنوان « ابتسم يا حمار «، ورغم أن العنوان يبدو محبطاً بعض الشيء، لكنه ينتقد صراحةً حال الآباء مع أبنائهم تحت وطأة العنف المبالغ حتى في اللحظات والأماكن الترفيهية، فعنوان الكتاب يحكي قصة أب استخدم هذه الكلمات ليجبر ابنه على الابتسام للكاميرا في أحد المنتزهات التي علق عليها الكاتب «أي صورة تلك التي سنحظى بها وسنودعها ألبومنا وذاكرتنا، أي ابتسامة هذه التي ستولد من رحم القمع والشتائم»، ولعل الصفحة التي تحمل عنوان «أتعس فتاة في الدمام « هي فعلاً أتعس صفحة في الكتاب، فهي تحكي قصة الفتاة التي امتنعت عن إكمال حلمها لتعيش باقي حياتها في أسى، والأهم من ذلك كله من هو الذي تسبب في إجهاض حلمها؟ ولماذا فعل ذلك؟، والعكس تماماً عندما نقف عند عنوان « أسعد رجل على وجه الأرض «، رجل يصنع من بسيط الأشياء سعادة تسع الكون وأكثر.
أكيد تحبني
« أكيد تحبني !! « هي عنوان لظاهره يعاني منها المجتمع الخليجي، ولا يخلو قطعاً أي مجتمع عندما تبتسم أي فتاة سواء كانت موظفة استقبال أو غيرها لشاب، يظن من الوهلة الأولى أنها أعجبت به وأنها تحبه، يقول الكاتب معلقاً على هذه الظاهرة «كثير من شبابنا لا يفتؤون يرددون في الداخل على مسامعنا « أكيد تحبني «عندما تبتسم أمامهم زميلة أو ممرضة أو مندوبة مبيعات أو حتى عاملة منزلية»، وينصح الكاتب بزرع عنوان وجملة واضحة في رأس كل يافع أن المرأة التي تقوم بتطبيبه وتدريسه أو العمل معه « أكيد ما تحبه « ولكنها تحترمه، ومن المفترض أن يقابل هذا الاحترام باحترام يدفع المجتمع إلى الأمام. وينتقد الكاتب عبر الكتاب كثيراً من الظواهر تحت عناوين مشوقة وجذابة وتعكس الموقف بالفعل مثل» فضيحة»، «حراس الكراسي».
اقتباسات من الكتاب
*أي صورة تلك التي سنحظى بها وسنودعها ألبومنا وذاكرتنا، أي ابتسامة هذه التي ستولد من رحم القمع والشتائم.
*هناك من يزرع وروداً في أرجاء بيته، أنا زرعت كتباً فقطفها أبنائي.
*علينا أن نزرع البسمة في منازلنا، ولا ندعو الحمير والثيران والأبقار لارتيادها، لأنها بساتين وليست حظائر .
*إذا لم نبدأ في ترميم سلوكياتنا ستتحول كل مشاريعنا النهضوية إلى أوهام وسراب .
*لا تحزن لأنك لا تملك حذاءً، بل أفرح لأن لديك جورباً.
*الشيخوخة ليست في الأعمار بل في العقول.
* ثمة أشياء صغيرة للغاية بوسعها أن تزرع حقول الفرح في صدرك.
* السعادة شعور مذهل يملؤك عندما تدخل السرور إلى قلوب الآخرين.
*الأنانية كريح الصحراء، إنها تجفف كل شيء.
* الانتصار لا يعانق من ينتحب، بل من يتكبد عناء السفر في سبيله
* ثمة مذاق خاص للأشياء التي تأتي متأخرة.
* المستحيل لا يقيم إلا في أحلام العاجز.
* الشيخوخة في الروح وليست في الجسد.
* إن من لا يجيد أصول اللعبة لن يخوضها.