لبنان - (رويترز): بعد 30 عاماً من مولد ظاهرة التفجيرات الانتحارية في العاصمة اللبنانية، قاد مفجر انتحاري سيارته الملغومة صوب السفارة الإيرانية في بيروت لتتناثر الجثث المتفحمة في أنحاء المكان.
وكان الهجوم الذي وقع قرب السفارة الإيرانية وقتل فيه 23 شخصاً وأصيب 150 شخصاً تذكرة مروعة للبنانيين بماضيهم الدموي ونذير شؤم بمستقبل يسقط فيه الشرق الأوسط في دوامة مذابح طائفية.
ويقول الكثير من اللبنانيين إنهم يعتقدون حالياً أنه لا مفر من أن يكون بلدهم ساحة القتال القادمة للجهاديين السنة الذين يتطلعون إلى أهداف سهلة لتسديد ضربات لأنصار الرئيس السوري بشار الأسد من الطائفة الشيعية.
ويعاني لبنان بالفعل من تداعيات الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ عامين ونصف العام، إذ قتل العشرات في اشتباكات بين أنصار الأسد من الشيعة وأنصار المعارضة من السنة. لكن الهجوم الانتحاري الذي وقع الثلاثاء الماضي واستهدف سفارة إيران وأعلنت جماعة سنية متشددة مسؤوليتها عنه، دفع بالعنف إلى مستوى أعلى. فقد أحيا تكتيكات ولدت خلال الحرب الأهلية اللبنانية وأصبحت الآن السمة المميزة لحمامات الدم في دول الجوار.
وقال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وهو شيعي إن لبنان قد يتحول «ساحة للجهاد بحسب توصيف الجماعات المسلحة على غرار ما هو حاصل في العراق وسوريا».
وعبر في تصريحات لصحيفة «النهار» اللبنانية عن قلقه من أن «يغرق بلدنا في هذا النوع من العمليات». كما يساور القلق الطوائف الأخرى. فقد ألقى ائتلاف قوى 14 آذار المناهض للأسد -والذي يضم جماعات سنية ومسيحيين- باللوم على «حزب الله» الشيعي المدعوم من إيران، قائلاً إنه وراء إثارة أعمال العنف من خلال انضمامه إلى الحرب الدائرة في سوريا لمساندة قوات الأسد.
وأضاف الائتلاف أن هناك مخاوف من أن تدخل حزب الله المستمر في سوريا سيؤدي إلى «عرقنة» لبنان، وقال إن حزب الله دخل الحرب في سوريا ونقلها إلى لبنان.
وأدت الحرب السورية إلى حالة من الاستقطاب في لبنان والشرق الأوسط بين السنة والشيعة. ويساند السنة مقاتلي المعارضة الذي يسعون للإطاحة بالأسد، بينما يدعم الشيعة الأسد وهو من الطائفة العلوية الشيعية.
وتعزز موقف الأسد بعد أن أعلن حزب الله صراحة مساندته للرئيس السوري في ساحات القتال فضلاً عن تلقيه مساعدة من شيعة العراق وقادة إيرانيين. في الوقت نفسه تدفق سنة بينهم لبنانيون إلى سوريا لتقديم العون لمقاتلي المعارضة الذين تمدهم دول عربية بالمال والسلاح.
وقال المعلق السياسي رامي خوري الذي يقيم في بيروت إن «سيناريو المعركة الفاصلة» -حيث تقع المواجهة بين قوات ثورية شيعية إيرانية ومقاتلين سنة في أنحاء الشرق الأوسط- بات قريباً. وقال بول سالم من معهد الشرق الأوسط «هذا الهجوم زاد من حجم المخاطر»، مشيراً إلى أن الهجمات السابقة التي وقعت هذا العام سواءً بصواريخ أو قنابل استهدفت حزب الله وليس إيران.
واستطرد «لبنان جزء من حرب بالوكالة تجتاح الشرق بالكامل والتحالفات التي تدعم الفصائل في لبنان هي نفسها التي تدعم الجماعات المتناحرة في سوريا والعراق، يمكن أن يتطور نموذج ما كما حدث في العراق عامي 2005 و2006 وبعدها، حينما كانت التفجيرات الانتحارية والسيارات الملغومة أحد الأدوات الرئيسة في الصراع الطائفي بالوكالة».