يقدم البارح للفنون التشكيلية لأول مرة بالبحرين المعرض الشخصي بعنوان «الهرب والانغلاق»، للفنانة اللبنانية «آني كركديجيــــان» 8 ديسمبر المقبل، ويستمر المعرض مفتوحاً حتى الثلاثين من ديسمبر كنافذة مؤقتة يمكن أن تختفي في أي وقت وتتركنا وراءها، بعيدين جداً، في الظلام.
وبعد الانطلاقة التي حققتها مع البارح في أرت دبي العام 2013، تعود الفنانة اللبنانية بلوحاتها الفريدة التي تعرف عنها، لتحقق في الانتهاكات التي يخضع لها جسم الإنسان نتيجة للعنف والقلق. بناء على رؤية مستنبطة مما وصفته بـ«عربدة بيروت»، مستوحاة من عدد من قراءات في السينما والفلسفة والأدب، لا يجنبنا عملها مشهد الرعب المباشر. ومع ذلك، فالرؤية مجزأة؛ تكمل الرؤية عناصر غائبة تتنافس مع الخيال من خلال إشارات مرمزة. وبعد التأثر بالحرب الأهلية في لبنان، يتحول هنا عمل إحياء الذكرى وفعل الفَقد داخل الإطار، إلى البحث عن فاعل ، وشيء، مسجلَين كمفقودين إلى الأبد.
القماش في هذا المعرض ليس مجرد شكل، بل علامة من المستحيلات البصرية. وقد تبنت كركديجيان وجهة النظر الأكثر الخارجية: ماذا يعني أن تتم رؤية المرء؟ تحول التحقيق الذي تجريه من كونه تجربة صرف ورواية قصص إلى استقبال وإدراك. بعد انكشاف الفاعلين ودواخلهم، كيف تنظر هذه الشخصيات إلى نفسها؟ وبدلاً من مجرد إعلامنا عن عملية إعادة تشكيل الجسم، تشيح شخصيات كركديجيان بأنظارها عنا. هذه الشخصيات الغريبة بعيدة كل البعد عن الغياب، مسجونة خلف الإطار وداخله، وتخضع للمراقبة باستمرار، ومع ذلك فهي في حالة هرب دائم، وعلى علم بوجودها الكلي، تطلب أن يتم فكها من الأسر.
المخلوقات الحية تدرك موقفها غير المستقر، وبالتالي، تحرك أبصارها في الاتجاه المعاكس، ساعية للوصول إلى المجهول، وهي معلقة في لا محدودية مكان لا يمكننا الوصول إليه؛ تقع فريسة لغموض، شهواني أحياناً، ومنفر أحياناً أخرى. وإذا تعذر الهرب من الجريمة العلنية، وهي التعرض للإبصار، يتبع الأمر انغلاقاً كاملاً ويختفي المجال البصري، ما يتركنا مع جملة غير مكتملة تعبر عن نوايا الفنانة. وبمناسبة الحديث عن الهرب والانغلاق تفحص اللوحات حدود القماش كموقع للتعبير الشخصي وتفتح مساحات دافئة للألفة والانكشاف.
تحتفظ آني كركديجيان بتركيبتها الفريدة من الفكاهة والجدية الأخلاقية، وانشغالها الحاد بآثار خلفها التاريخ على الجسد.
ولدت الفنانة في بيروت، لبنان العام 1972، تعيش وتعمل في بيروت؛ حائزة على «جائزة جهينة بدورة» للعام 2012. وخلال معايشتهـــا سنوات الحرب الأهلية المضطربة، درست الفنون الجميلة وعلم النفس في الجامعة اللبنانية، واللاهوت في جامعة القديس يوسف. وشاركت كركديجيان في العديد من المعارض الجماعية في كل من جاليري صادر، اليونسكو، صالون سرسق، المدرسة الملكية للفنون في لندن، بينالي الفنون خارج المعايير في ليون، وغيرها.
عام 2005 أقامت معارض منفردة في معهد «غوتــــه»، العــــام 2006 «بالمركـــز الثقافي الفرنسي»، 2007 في «السطـــح الحـــر»، 2008 في «زيكو هاوس»، 2010 في «المشغل 109»، 2012 فـــي «اسبـاس بيرتـن بواريه، وفي العام 2013 عرضت أعمالها في «آرت دبي» ومعرض «منصة للفن ببيروت».