بغداد - (أ ف ب): قررت المرجعية السنية في العراق إغلاق مساجدها في بغداد استنكاراً لعدم قدرة الحكومة على وقف استهداف رموزها ومساجدها، فيما قتل 20 شخصاً في هجمات متفرقة استهدف أغلبها أمس مناطق سنية في البلاد. وتصاعدت أعمال العنف خلال الأشهر الماضية بشكل متواصل، وأدت إلى مقتل نحو 200 شخص خلال الأسبوع الماضي، الأمر الذي دفع بغداد لطلب دعم من المجتمع الدولي في محاربتها للجماعات المسلحة، قبل أشهر قليلة من موعد إجراء انتخاباتها البرلمانية.
وعبر مسؤولون عراقيون عن قلقهم جراء تصاعد نشاط القاعدة بسبب النزاع في سوريا المجاورة، ما وفر للمسلحين شبكات وأوكاراً للتخطيط لتنفيذ عمليات في العراق. وبالتزامن مع موجة العنف أعلنت المرجعية السنية في العراق غلق المساجد السنية في بغداد وإيقاف الصلاة فيها استنكاراً لتعرض رموزها ومساجدها لأعمال عنف وعدم قيام الحكومة بجهود للحد من ذلك.
وجاء في بيان صدر أمس الأول، إنه «احتجاجاً على استهداف المساجد وأئمتها وروادها تغلق مساجد أهل السنة في الصلوات الخمس في بغداد من بعد صلاة الجمعة ليوم غد وحتى إشعار آخر». وأضاف البيان أن «الديمقراطية في العراق أفرزت مشروعاً بشكل أو بآخر، يرمي إلى تغيير مفاهيم عدة ويفتح باباً لصراعات وحروب ترمي إلى إقامة دولة طائفية تستهدف مكوناً بعينه في وجوده وهويته ورموزه ومؤسساته وفي مقدمتها المساجد». ويعد «المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء» أكبر مرجعية لرجال الدين السنة في العراق.
وحمل البيان حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي المسؤولية بالقول إن «دولة القانون تمارس خرقاً يومياً برفضها الاستجابة للمطالب التي خرج لأجلها المعتصمون، بل وتفسح المجال لمليشيات حليفة لتصفية رموز أهل السنة». وقال الشيخ زكريا التميمي إمام وخطيب جامع عمر المختار في منطقة اليرموك في بغداد «سنلتزم بقرار المجمع الفقهي، والكرة اليوم في ساحة الحكومة وسنرى هل ستغير من أسلوبها».
وتؤكد السلطات العراقية أن العمليات التي تنفذها قواتها الأمنية تعتمد على معلومات استخبارية، وهي ضد أهداف محددة وتؤدي إلى إحراز تقدم في حملة مكافحة المسلحين. ودفع استمرار العنف رئيس الوزراء نوري المالكي إلى مناشدة المجتمع الدولي المساعدة في محاربة الإرهاب الذي بلغ أسوأ معدلاته منذ عام 2008. من جهة أخرى، يقول دبلوماسيون ومحللون سياسيون وآخرون من منظمات حقوق الإنسان إن السلطات العراقية لا تبذل جهوداً كافية لمعالجة أسباب العنف من جذورها، خصوصاً الإحباط الذي يشعر به العرب السنة في البلاد. في شأن متصل، أكد خطباء ساحات الاعتصام في المحافظات الغربية والشمالية العراقية المحتجة تصميمهم على الاستمرار بحراكهم الشعبي حتى تحقيق مطالبهم، واتهموا القادة السنة بالالتفاف على قضاياهم والتصارع على المناصب، فيما دعا ممثل للمرجع السيستاني إلى المشاركة في الانتخابات العامة المقبلة من أجل التغيير رافضاً أي تأجيل لها.
وأدت الهجمات التي وقعت أغلبها أمس في مناطق سنية، في بغداد وحولها إضافة إلى مدينة الموصل شمال بغداد، إلى مقتل 20 شخصاً وإصابة 25، وفقاً لمصادر أمنية وطبية. ففي بغداد، قتل 6 أشخاص في هجمات متفرقة استهدف أحدها مسجد سنياً، فيما قتل 3 آخرون في أبوغريب والطارمية، كلاهما ذات غالبية سنية. وقتل 4 أشخاص، ضابط في الجيش وجندي واثنان من الشرطة، في هجومين منفصلين قرب مدينة الموصل.
وتعد موجة العنف التي تضرب عموم العراق الأسوأ منذ الحرب الطائفية التي ضربت البلاد بين عامي 2006 و2008.
وقتل أكثر من 400 شخص في أعمال عنف متفرقة في عموم العراق خلال نوفمبر الجاري. ولقي أكثر من 5800 شخص مصرعهم منذ بداية العام في أعمال عنف منهم 964 في أكتوبر الماضي، الشهر الأكثر دموية منذ أبريل 2008.
ولم تتبن أي جهة مسؤولية الهجمات الأخيرة، والتي غالباً ما تعلن جماعات متشددة ترتبط بتنظيم القاعدة المسؤولية عنها.