بيروت، بعلبك - (وكالات): انتقد الرئيس اللبناني ميشال سليمان «استقلال أطراف لبنانية عن منطق الدولة»، و»تخطي الحدود والانخراط في نزاع مسلح»، في إشارة إلى حزب الله الذي يقاتل في سوريا إلى جانب قوات النظام. وقال سليمان في الذكرى السبعين لاستقلال لبنان «لا يمكن أن تقوم دولة الاستقلال، إذا ما قررت أطراف أو جماعات لبنانية بعينها الاستقلال عن منطق الدولة، أو إذا ما ارتضت الخروج عن التوافق الوطني، باتخاذ قرارات تسمح بتخطي الحدود والانخراط في نزاع مسلح على أرض دولة شقيقة، وتعريض الوحدة الوطنية والسلم الأهلي للخطر».
وجاء ذلك بعد يومين من تفجيرين انتحاريين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت، ما تسبب بمقتل 25 شخصاً وإصابة 150. ورأى سليمان أن هذه التفجيرات تؤكد «ما بات يتهدد الوطن من مخاطر فتنة وإرهاب مستورد». وحمل سياسيون لبنانيون من خصوم حزب الله الحزب جزءاً من المسؤولية عن التفجيرين بسبب تورطه في النزاع السوري. وكانت مجموعة جهادية تطلق على نفسها اسم «كتائب عبدالله عزام» أعلنت مسؤوليتها عن التفجيرين، مطالبة بانسحاب حزب الله من سوريا. وقال سليمان في كلمة بثتها مباشرة شاشات التلفزة اللبنانية «لا يستقيم الاستقلال ويعتبر ناجزاً، إذا لم ننجح في تحييد أنفسنا عن التداعيات السلبية للأزمات الإقليمية، من طريق رهن مصالح لبنان العليا بالمشيئة الإقليمية أو بالإملاءات والمصالح الخارجية». ودعا سليمان «أمام المأزق السياسي والوطني الذي تعاني منه البلاد» إلى «عدم السماح بإيصال البلاد إلى حال من الفراغ»، متخوفاً من عدم التمكن من إنجاز الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو المقبل. وقال متوجهاً إلى اللبنانيين «لا يدفعنكم أحد إلى المكابرة أو المغامرة في الشأن الوطني، فالمغامرة كالمقامرة لا تحسب حساباً للخسارة، ونحن شعب لم يعد يتحمل عبء الخسائر المجانية والحروب العبثية والمجازفات». وفي وقت لاحق، فكك الجيش اللبناني أمس الأول سيارة مفخخة بكمية كبيرة من المتفجرات في منطقة البقاع شرق لبنان، وذلك بعد 3 أيام من تفجيرين انتحاريين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت، بحسب ما ذكر مصدر أمني. وقال المصدر «فكك الجيش اللبناني سيارة من طراز أمريكي سوداء كانت معدة للتفجير على طريق البقاع الشمالي بين بلدتي مقنة ويونين». وأشار إلى أن السيارة كانت مفخخة بـ«400 كيلوغرام من المتفجرات». وأوضح أن الجيش اشتبه بالسيارة وحاول اعتراضها. وخلال الملاحقة، أطلق ركابها النار على الجيش الذي رد بالمثل، لكن المسلحين تمكنوا من الفرار. ثم عثر الجيش على السيارة متوقفة إلى جانب الطريق عند طرف مقنة. وأوضحت الوكالة الوطنية للإعلام أن «السيارة مصابة بطلقات نارية في إطاراتها». وتعتبر منطقة مقنة يونين منطقة نفوذ لحزب الله. ويأتي ذلك وسط حالة من القلق تسود البلاد نتيجة تقارير إعلامية ترجح استمرار مسلسل التفجيرات في المناطق اللبنانية. وشهد لبنان منذ يوليو الماضي 4 تفجيرات ضخمة حصدت عشرات القتلى، اثنان في الضاحية الجنوبية لبيروت بفارق 3 أسابيع، واثنان في طرابلس ذات الغالبية السنية وقعا في اليوم نفسه بفارق دقائق.
واتهم حزب الله «مجموعات تكفيرية» بتنفيذ تفجيري الضاحية، بينما كشف القضاء اللبناني عن تورط مسؤول أمني سوري في تفجيري طرابلس.
وينقسم اللبنانيون حول النزاع السوري بين مؤيد للنظام ومتحمس للمعارضة، ويدرج السياسيون والمحللون هذه التفجيرات في إطار تداعيات النزاع السوري على لبنان البلد الصغير ذي التركيبة السياسية الهشة. ويحمل خصوم حزب الله الحزب الشيعي مسؤولية هذه التداعيات بسبب تورطه في القتال إلى جانب النظام السوري داخل سوريا. وتنتشر في مناطق عدة من لبنان جزر أمنية بينها طرابلس شمال البلاد، حيث تتحكم مجموعات مسلحة سنية وعلوية بالوضع الأمني، وتشعل جولات عنف متنقلة. ويملك حزب الله ترسانة من الأسلحة يطالب خصومه بوضعها في تصرف القوى الشرعية، ويرفض الحزب التخلي عنها بذريعة مقاومة إسرائيل. وبسبب الانقسام الحاد في لبنان حول الأزمة السورية، لم يتفق الأطراف اللبنانيون على تشكيل حكومة منذ 7 أشهر.