كتبت ـ شيخة العسم:
تدفع حصة غانم 150 ديناراً شهرياً أجرة سيارة للذهاب إلى عملها، بينما لا يتعدى راتبها 430 ديناراً، وتقتطع كلثم عبدالله من راتبها المتواضع (370 ديناراً)، 110 دنانير للمواصلات.
وتخسر زوجة علي الزايد 30 ديناراً فقط من أجرها لقاء المواصلات في الذهاب لعملها فقط، بينما يتولى الزوج مهمة إيصالها إلى المنزل ظهراً، وتستلم أم جاسم 50 ديناراً كبدل مواصلات إضافة لراتبها، بينما تدفع لسيارة الأجرة 170 ديناراً.
أم حصة سائقة تتولى مهمة توصيل الموظفات لمقار أعمالهن، تؤجر باصاً بـ240 ديناراً شهرياً، وتدفع للبترول نحو 170 ديناراً، وتسأل «كيف لا تكون أجور المواصلات مرتفعة؟».
ثلث الراتب مواصلات
150 ديناراً ليس مبلغاً تقدمه حصة غانم كمصروف لأولادها، أو تدخره لليوم الأسود، بل هو مبلغ يدفع شهرياً لامرأة توصلها يومياً إلى مكان عملها.
تعمل حصة في إحدى الشركات الخاصة ولا تحمل رخصة قيادة «بسبب ظروفي فأنا أحتاج لوظيفة تعينني على المصاريف اليومية، ما اضطرني إلى الاستعانة بامرأة لإيصالي إلى العمل».
تقطن حصة بمنطقة الرفاع الشرقي بينما تعمل في المنطقة الدبلوماسية، ولم تجد أرخص من 150 ديناراً تدفعها لإحداهن لإيصالها يومياً إلى عملها ذهاباً وإياباً «المبلغ كبير جداً مقارنة براتبي المتواضع، أنا أستلم 430 ديناراً، ثلث الراتب يذهب للمواصلات، ولا أستفيد من هذا المبلغ بشيء بدل أن أضعه قسطاً لسيارة مثلاً أو إيجار شقة».
الرجال أرحم
وفي معاناة أخرى تقول كلثم عبدالله «كنت أتمنى تسليط الضوء على معاناتنا نحن العاملات اللاتي لا نملك سيارة أو رخصة قيادة، أعمل في إحدى المدارس الخاصة بمنطقة مدينة عيسى وأسكن في الرفاع، وكان زوجي يوصلني عندما كان يعمل بذات المنطقة ولكن وبعد نقله إلى المنامة لم يعد بوسعه ذلك».
اضطرت كلثم للبحث عن سيارة توصلها لعملها، وانصدمت بالمبالغ التي تطلبها النساء، فاستعانت بسائق باص للمشاوير الخاصة طلب 110 دنانير، بينما كانت النساء يطلبن 160 ديناراً كأقل تقدير.
وتواصل كلثم «لولا احتياجي للوظيفة لما قبلت أن أدفع هذا المبلغ الكبير لقاء المواصلات، راتبي لا يتعدى 370 ديناراً، وحالياً أبحث عن مدرب حتى أحصل على رخصة سياقة وأتخلص من نهب السائقين».
لا ثقة
هناك أزواج يعجزون عن إيصال زوجاتهم إلى أعمالهن كما يقول علي الزايد «كل يوم أحمل أنا وزوجتي هم توصيلها للعمل لعدم امتلاكنا لأكثر من سيارة، عندما أوصلها صباحاً أتأخر كثيراً عن عملي بطبيعة الحال، وفي آخر مرة أنذرني مسؤولي بسبب تأخري المتواصل».
زوجة علي الزايد تذهب اليوم إلى عملها بصحبة إحدى زميلاتها لقاء مبلغ رمزي 30 ديناراً، أما في العودة فيتولى المهمة الزوج ولا يصلون للمنزل قبل الساعة الثالثة والنصف.
ويقلق بعض الآباء على إرسال بناتهم مع أشخاص لا يعرفونهم شخصياً كما يقول بو يوسف، حيث رفض عمل ابنته بسبب بعد المسافة وعدم إيجاد شخص موثوق به لإيصالها.
ويقول «كانت ابنتي تعمل في إحدى العيادات قرب المنزل وتوصلها والدتها لأنها لا تسوق السيارة خوفاً، وبعد فترة حصلت على وظيفة براتب أعلى ولكن في منطقة بعيدة جداً، ووالدتها تخاف أن تخرج من المنطقة»، ويضيف «رفضت الوظيفة بسبب عدم وجود شخص أثق به لتوصيلها».
بدل المواصلات
أم جاسم موظفة لا تحمل رخصة قيادة «إذاً لا أستطيع العمل، هذا الواقع تكشفه المرأة عندما تريد العمل ولا تملك سيارة أو رخصة، لأنها ستكتشف أن أسعار المواصلات يقتطع أكثر من ثلث راتبها.
وتتمنى أم جاسم تخصيص باصات لإيصال الموظفات إلى أعمالهن سواءً بالقطاع العام أو الخاص «أستلم خمسين ديناراً بدل مواصلات ولكن السائقة تتقاضى مني 170 ديناراً أي أكثر من ضعف المبلغ المخصص للمواصلات»، وتسأل «أليس هذا المبلغ مبالغاً فيه؟ وما يحدث أنه كلما بعدت المسافة كلما زاد المبلغ وهكذا».
ذنبك على جنبك!
وفي المقابل تقول أم حصة وهي تعمل سائقة للمشاوير الخاصة مبررة ارتفاع أسعار المواصلات «أنا أعمل في توصيل المشاوير الخاصة منذ ثمانِ سنوات تقريباً، في بداياتي كنت أوصل الأولاد للمدرسة، وبسبب المسؤولية الكبيرة والمشاكل بهذا المجال توجهت لتوصيل النساء الموظفات لأعمالهن».
وتضيف «الكثير ينصدم من المبلغ المطلوب للتوصيل ولكن جهدي ليس سهلاً، فأنا أؤجر ميني باص بـ240 ديناراً شهرياً، ويكلفني البترول يومياً 5 إلى 6 دنانير، ما يعني 150 إلى 170 ديناراً شهرياً، إضافة إلى المشاوير المتعبة من منطقة إلى أخرى وبأوقات مختلفة، فإنها تستدعي المبلغ الذي أطلبه، وفي النهاية نحن لا نلزمهم، فمن احتاجت للمشوار لا بد أن تدفع، جميع أسعار المواصلات بهذه الأسعار، وتتبع المسافة المطلوبة للتوصيل».