عواصم - (وكالات): تفاقمت الأزمة التي نشأت بين مصر وتركيا مع عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي أمس، حيث طردت القاهرة السفير التركي لديها وخفضت تمثيلها الدبلوماسي في أنقرة التي أعلنت عن خطوة مماثلة. وهو الإجراء الدبلوماسي الأكثر حدة الذي تتخذه مصر منذ ثورة 30 يونيو. واستدعت مصر أمس سفير تركيا في القاهرة لإبلاغه بأنه بات «شخصاً غير مرغوب فيه» بعد تصريحات لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان دان فيها قمع السلطات المصرية للإسلاميين.
واستدعي السفير التركي حسين عوني بوتسلي إلى وزارة الخارجية لإبلاغه بأنه «يعتبر شخصاً غير مرغوب فيه استنكاراً لتصريحات رئيس الوزراء التركي الأخيرة حول الشأن الداخلي في مصر» كما أعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان. وقالت الوزارة إن تلك التصريحات «تمثل تدخلاً في الشأن الداخلي للبلاد فضلاً عما تتضمنه هذه التصريحات من افتراءات وقلب للحقائق وتزييف لها بشكل يجافي الواقع منذ ثورة 30 يونيو».
ووصف رئيس الوزراء التركي عزل الجيش المصري لمرسي في 3 يوليو الماضي بأنه «انقلاب» وهي العبارة التي تجنبت بقية العواصم وفي مقدمها واشنطن استخدامها.
ومنذ فض اعتصامين لمناصري مرسي في 14 أغسطس الماضي كثف أردوغان التنديد بحملة السلطات المصرية متحدثاً عن «مذبحة خطيرة» بحق متظاهرين «مسالمين».
والخميس الماضي أعلن أنه لا يكن «أي احترام لهؤلاء الذين اقتادوا مرسي أمام القضاء» في إشارة إلى محاكمة أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر التي بدأت 4 نوفمبر الجاري بتهمة «التحريض على قتل» متظاهرين.
وفي بادرة تؤكد استمرار تحديه للسلطات المصرية الجديدة، لوح أردوغان مجدداً أمس بإشارة «رابعة» خلال مؤتمر جماهيري لحزبه في مدينة ترابزون شمال تركيا.
وكرر أمس أن حكومته لن تحترم «أبداً» مسؤولين يعينهم الجيش، ومن يصل إلى السلطة إثر انقلاب، وذلك في تصريحات أدلى بها بعيد قرار مصر بطرد السفير التركي.
من جانب آخر، أعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان «تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع تركيا من مستوى السفير إلى مستوى القائم بالأعمال».
واتهمت الوزارة تركيا بـ «محاولة تأليب المجتمع الدولي ضد المصالح المصريــــة، وبدعـــــم اجتماعـــــات لتنظيمات تسعى إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد».
من جهتها، ردت أنقرة على الخطوة المصرية باعتبارها السفير المصري في تركيا عبد الرحمن صلاح الدين «شخصاً غير مرغوب فيه»، وأعلنت وزارة الخارجية التركية أنها خفضت مستوى العلاقات الثنائية مع القاهرة إلى مستوى القائم بالأعمال. وتوترت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد أن عزل الجيش مرسي في يوليو الماضي بعد 3 أيام على نزول ملايين المصريين إلى الشارع للمطالبة برحيل الرئيس المنتخب ديمقراطياً، لاتهامه بالسعي إلى أسلمة المجتمع بالقوة وبالسعي إلى إحكام السيطرة على السلطة لصالح جماعة الإخوان المسلمين.
وغداة مقتل أكثر من 600 شخص بحسب مصدر رسمي حين فض الجيش اعتصامين لمؤيدي مرسي في القاهرة في 14 أغسطس الماضي، أعلنت القاهرة وأنقرة استدعاء سفيريهما للتشاور. في المقابل حرص الرئيس التركي عبد الله غول على تهدئة الأجواء وقال في مقابلة تلفزيونية إن الوضع «مؤقت» معرباً عن الأمل في أن «تستعيد العلاقات مسارها». من جانبه، قال السفير التركي في مصر إنه «سيواصل الدعاء بالخير لمصر» مؤكداً أنه «مــــن المهـــم للغايـــة للمنطقـــة وللعالم أن تستمر مصر في طريق الديمقراطية». وفي سياق متصل، أفادت مصادر قضائية مصرية أنه تم تمديد حبس طالب تركي احتياطياً لاتهامه بالمشاركة في «تظاهرات عنيفة» في القاهرة. من جهة أخرى، أعلن وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم توقيف العديد من المتهمين بارتكاب اعتداءات على قوات الجيش والشرطة، في أخطر هجمة إرهابية تواجهها البلاد، واتهم جماعة الإخوان المسلمين بتمويل «عناصر تكفيرية» مرتبطة بتنظيم القاعدة. وقال إبراهيم في مؤتمر صحافي إنه أمكن ضبط أكثر من 50 متهماً ينتمون إلى مجموعات «تكفيرية» وعلى صلة بالقاعدة ممن نفذوا اعتداءات ضد رجال الشرطة والجيش بعد عزل مرسي. وأكد أن «تنظيم الإخوان قام بدعم وتمويل من التنظيم الدولي «للإخوان» بحشد عدد من العناصر الإرهابية المتطرفة التي تعتنق الفكر التكفيري المتطرف من مختلف التنظيمات والعناصر المتشددة بقطاع غزة ودفعهم عقب ثورة 30 يونيو للقيام بسلسلة من الأعمال الإرهابية لترويع الآمنين من أبناء الوطن». وأضاف أن من بين من تم القبض عليهم أشخاص كان تم إطلاق سراحهم من السجون بعد قرارات «عفو أصدرها» مرسي وآخرون على ارتباط بتنظيم «أنصار بيت المقدس» في سيناء وبتنظيم «أنصار الشريعة» في ليبيا. كما أكد أن من بين المتهمين الذين تم توقيفهم محمد الظواهري شقيق زعيم القاعدة أيمن الظواهري.
من جهة أخرى، تم توقيف 39 شخصاً بينهم أمريكي ووضعوا قيد الحبس الاحتياطي لمدة 15 يوماً بتهمة حرق عربة ترام في ضاحية مصر الجديدة بالقاهرة أمس الأول أثناء تظاهرات للإسلاميين، بحسب مصدر قضائي.
وفي واشنطن، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي استمرار بلادها في تشجيع الحكومة المصرية على تطبيق خارطة الطريق التي وضعتها واحترم المبادئ الديمقراطية. اقتصادياً، وصل إلى القاهرة أمس الأول مدير عام الإدارة الفنية للصندوق السعودي للتنمية حسن بن محمد العطاس على رأس وفد، في زيارة تستغرق 6 أيام يلتقي خلالها عدداً من كبار المسؤولين لمتابعة حزمة مساعدات تقدمها السعودية ـمصر بقيمة 1.45 مليار دولار.