كتب - حذيفة إبراهيم:
أقر مجلس النواب مشروع تعديل بعض مواد قانون المهن الهندسية، وحذف فقرة تجيز السماح للمهندس العامل بأجهزة الدولة، بالعمل بصفة جزئية لدى المكاتب الهندسية المرخصة خارج أوقات الدوام الرسمي وفي حالات يقدرها الوزير.
وشهدت المادة المعدلة مداولة مطولة في جلسة «النواب» أمس، حيث قال النائب علي الدرازي إن سلبيات الفقرة الأخيرة من المادة التاسعة من القانون تتلخص في تضارب المصالح بين المهندس العامل في الوزارة وجهات أخرى يمكن أن يعمل لديها.
وطالب الدرازي بحذف الفقرة، وقال «لا يمكن تقدير وفهم سبب إصرار الحكومة على التغيير بهذا الشكل، كونها ثغرة كبيرة داخل القانون»، فيما
رد مقرر اللجنة المختصة أحمد قراطة أن لجميع الفئات العمل وفق ما تسمح به اشتراطات ديوان الخدمة المدنية.
بدوره رأى النائب عبدالله بن حويل أن ديوان الخدمة المدنية سمح للموظفين البحرينيين بالعمل بعد الدوام شرط أن يكون المكتب مرخصاً، لافتاً إلى أن رفض المادة يعني وجود تمييز بين الموظفين.
وأيد النائب عدنان المالكي تعديل المادة بغية تطوير المهن الهندسية، وقال «يجب الافتخار بالأيدي البحرينية بدلاً من الطعن فيها»، مشيراً إلى أن شبهات الفساد موجودة حتى وإن لم يعمل المهندس خارج دوامه.
وقال النائب عيسى الكوهجي إنه ليس ضد أي مواطن بحريني يريد أن يتثقف ويتعلم، مستدركاً «الطبيب والمحامي لا أسرار لديهم، مثل المناقصات الهندسية مثلاً، حيث يمكن إفشاء الأسرار حولها».
من جانبه، أشار النائب محمود المحمود إلى أن السماح للمهندس بالعمل بنظام جزئي، يزيد من العاطلين عن العمل، عدا الازدواجية الممكن حدوثها في مثل هذه الحالة.
من جانبه، رأى النائب سمير خادم ضرورة الاطلاع على قوانين الدول المجاورة بهذا الخصوص، ورد عليه أحمد قراطة أنه تم الاطلاع على قوانين السعودية والكويت والعراق وفلسطين وغيرها من الدول، وجميعها تسمح للمهندس بالعمل خارج الدوام الرسمي.
من جانبها، رأت النائب سمية الجودر أنه وبعد معاناة تداخل الطب الخاص مع العام يجب تفاديها، حيث إن الطبيب والمهندس يتم توظيفهما على درجة التخصص، وبقية الموظفين ليسوا بهذه الدرجة.
ونبهت إلى أن السماح للمهندس بالعمل لدى المكاتب الخاصة يؤدي بالضرورة إلى ازدواجية مع عمله الحكومي، مستشهدة بتجربة الطب في القطاعين الخاص والعام.
وفي السياق ذاته قال النائب جواد بوحسين إن هناك طابوراً من المهندسين العاطلين عن العمل وهم بحاجة إلى عمل ومورد رزق، موضحاً أن الموافقة على إقرار هذه الفقرة والمادة ينطوي على ضرر كبير يلحق بشريحة واسعة من المهندسين العاطلين والباحثين عن عمل.
ورد أحمد قراطة «لماذا التركيز على المهندسين فقط في مسألة البطالة؟ الطوابير ليست لديهم، يجب أن يكون عمل المهندس خارج وقت الدوام في النور وليس في الظلام».
من جانبه، قال رئيس لجنة مزاولة المهن الهندسية في وزارة الأشغال عبدالمجيد القصاب، إن لجنة مزاولة المهن الهندسية راجعت القانون مراراً وناقشت جميع تفاصيله، آخذة بعين الاعتبار التساؤلات المطروحة من المجلس. ونبه إلى ما أسماه «سوء فهم للمادة»، حيث إن العمل الجزئي لموظفي الحكومة في القطاع الهندسي يكسبهم خبرة عالمية لا توجد في الوزارات، ويغني عن استقدام الخبرات الخارجية.
وبين أن «الطوابير» لا تداخل فيها مع طلب السماح للمهندسين بالعمل خارج أوقات الدوام، فضلاً عن أن العمل سيكون بدوام «جزئي».
من جهته، دعا النائب عادل العسومي إلى ضرورة حفظ جميع حقوق المواطنين مع الانتباه إلى شبهات الفساد، لافتاً إلى أن القانون لن يخدم البحرين أو المهندسين.
ونبه النائب أحمد الساعاتي إلى تضارب واضح في المصالح، لأن المهندس الحكومي يشرف على أداء الشركة الهندسية أثناء عمله في الوزارة، مضيفاً «لا يمكن فتح الباب أمام تلك المخالفة الواضحة».
بدوره قال النائب عثمان شريف أن هناك غموضاً يكتنف القانون وعدم وضوحه فيما يخص العمل بعد الدوام، مشيراً إلى أن القطاع الخاص لديه قوانينه في مجال العمل الجزئي وتداخله مع العمل في الجهات الحكومية.
أما النائب جمال صالح فأشار إلى أن الحكومة لا تبرر القوانين التي تريد تمريرها، مبيناً أنه وبالمقارنة مع وضع الأطباء، فإن الأخير لا يتم السماح له بالعمل كاستشاريين إلا بعد السفر وأخذ الخبرات الخارجية وليس من البحرين، ما يعني أن رفع مستوى الخدمات يتطلب ابتعاث المهندسين إلى الخارج.
وتساءل «هل المكاتب الهندسية في الخارج معتمدة كمعاهد تدريب؟ هل نأخذ الموظف الحكومي ونضعه في مكاتب غير معتمدة؟ ألم نر ما يجري من سوء تنفيذ في أقنية الصرف والجسور والحوادث الحاصلة وغيرها؟»، داعياً إلى ابتعاث المهندسين إلى الهند أو أمريكا أو كوريا الجنوبية لاكتساب الخبرات.
ورد صالح ارتفاع الدين العام إلى التضخم في الوظائف الحكومية.
بدوره قال وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل، إن المادة مرتبطة بقوانين ديوان الخدمة المدنية وسبق أن مرت من خلال السلطة التشريعية، مشيراً إلى أن وزير العمل نفى وجود مهندسين عاطلين، وأن رئيس جمعية المهندسين يؤكد وجود عجز في المهندسين بالبحرين.
وأردف «اللجنة وصلت إلى تعديل صحيح ودقيق للقانون، حيث حصر الترخيص للعمل خارج الدوام بيد الوزير فقط، مع ضوابط منها ألا يتعارض مع عمله الرسمي، وإذا منعنا الأمر ربما يحدث ما يخشاه النواب، على الأقل فإننا نعلم أين يعمل وعند من، الأطباء اليوم يعملون في كذا مكان، ولا يجوز أن نميز مهنة عن أخرى».
ورد أحمد قراطة «لا نريد خلط الأوراق، الطبيب يحتاج إلى سنتين امتياز، كيف يمكن أن نوصل المهندسين للأداء الكامل؟ نستطيع ذلك فقط من خلال التدريب والاحتكاك بمختلف الأعمال».
من جانبه، قال النائب محمد العمادي إن المادة جاءت لمصلحة المهندسين، حيث القيود الموجودة في القانون تحد من الفساد، إلا أن الهدف من المادة نبيل سواء من خلال زيادة دخل المهندس أو تدريبه، أما باقي التساؤلات فهي تخوفات مشروعة، فيما رأى النائب عبدالحميد المير أن من يريد زيادة دخله من المهندسين في القطاع العام فليفتح له مكتباً خاصاً.
وعاد علي الدرازي ليتداخل «المشكلة ليست في حسن النية والأهداف، نحن معها ولكن تشريع ثغرة بهذا الشكل من أجل التدريب أمر غير مقبول، نحن نعمل في القطاع ونعرف ما يجري فيه، التضارب واضح».
ورفض مجلس النواب اقتراح علي الدرازي حذف الفقرة الأخيرة من المادة، ليوافق بعدها على فصل المادة إلى مادتين ثم التصويت عليها بعد مداخلة رئيس لجنة مزاولة المهن الهندسية عبدالمجيد القصاب، والذي أكد أن الفقرة الأولى من المادة تم إقرارها في جلسات سابقة، وأن لجنة مزاولة المهن لا تتدخل في تسجيل المهندسين في الوزارات والهيئات بحسب القانون السابق، إلا أن التعديل الحالي يلزم الوزارات والهيئات بذلك.
ووافق المجلس على المادة الأولى، ورفض السماح للمهندسين بالعمل خارج أوقات الدوام الرسمي، وأحال القانون إلى مجلس الشورى. وقال وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل إن إلغاء الفقرة الثانية يعني العودة إلى قانون الخدمة المدنية في مجال العمل خارج الدوام الرسمي، بينما التعديل الحالي يضع ضوابط أفضل من الرجوع إليها.