قال ديوان الرقابة المالية في تقريره، إن صندوق العمل «تمكين»، نفذ ومول برامج ومشاريع لا تنسجم طبيعتها مع الأهداف التي أنشئ من أجلها الصندوق، على الرغم من ضرورة إعطاء الأولوية للمشاريع ذات القيمة الاقتصادية المضافة، منها تمويل دراسات جامعية وأنشطة شبابية ودورات تدريبية وشهادات احترافية لموظفي القطاع الحكومي ودعم البنية التحتية لمعهد البحرين للتدريب، إضافة إلى تنفيذ العديد من المشاريع الأخرى التي لا تعد من أولويات عمل الصندوق، بميزانية بلغت أكثر من 53 مليون دينار، صرف منها حتى سبتمبر 2012 حوالي 36 مليون دينار».
وأضاف التقرير، أن «صندوق العمل فوض صلاحية إقرار المشاريع التي لا تتجاوز قيمتها 5 ملايين دينار وغير المدرجة بالخطة السنوية التشغيلية للصندوق للرئيس التنفيذي، بشرط أن تتوافق مع الأهداف والسياسات والأولويات التي تقررها الخطة، بحسب القرار رقم «2» لسنة 2012، وأكد أن في ذلك مخالفة لعرض جميع المشاريع متضمنة كافة التفاصيل المتعلقة بها على مجلس الإدارة لإقرارها واعتمادها قبل البدء بتنفيذها، ورد الصندوق على طلب الديوان بإلغاء ذلك التفويض، بأن مجلس الإدارة يجتمع أربع مرات في السنة».
وأشار إلى أن الصندوق لم يلتزم في بعض الحالات بمستوى الصلاحيات المعتمدة بشأن اعتماد المشاريع، كما توجد مشاريع بدأ الصندوق في تنفيذها قبل اعتمادها من قبل مجلس إدارة الصندوق، وتم عرضها على المجلس لإجازتها لاحقاً، من بينها:» برنامج دعم الصيادين بميزانية تقدر بـ 5 ملايين دينار، ودعم المزارعين بحوالي 6 ملايين دينار، واعتمد كلاهما من قبل الرئيس التنفيذي، في حين لم يطلع المجلس على أهداف البرنامجين والاشتراطات المطلوبة لهما».
وأضاف التقرير، أن «دليل إجراءات المشاريع لم يحدد الإجراءات التفصيلية الواجب اتباعها لأداء دور ومسؤوليات كل إدارة من الإدارات المعنية بالمشاريع، عوضاً عن أنه لم يعرضه على مجلس الإدارة لإجازته حتى تاريخ انتهاء أعمال الرقابة في مارس 2013، مما يفقده صفته الإلزامية».
وتابع، أن» عدم وجود دليل شامل؛ أدى إلى عدم وضوح الصلاحيات المتعلقة باعتماد الأدلة التشغيلية لمشاريع الصندوق، وعدم تحديد صلاحيات اعتماد العقود المبرمة في إطار تنفيذ المشاريع، إضافة إلى غياب إجراءات ومعايير العديد من مشاريع دعم القطاع الخاص وتنمية الثروة البشرية المستدعية إعداد دراسات جدوى مسبقة، عوضاً عن عدم وضوح صلاحية اعتماد التعديلات الجوهرية التي يتم إجراؤها خلال مراحل التنفيذ».
التدقيق
أبرم الصندوق في يونيو 2011 عقداً مع إحدى شركات التدقيق بمبلغ 45 ألف دينار للقيام بأعمال التدقيق خلال السنوات الأربع من 2007 – 2010، إلا أن المعنيين بالصندوق أفادوا بأنهم استلموا في نوفمبر 2011 مسودة تقرير بنتائج أعمال التدقيق من الشركة المكلفة، ولم يتم حتى انهاء أعمال الرقابة في مارس 2013 إصدار التقرير المذكور في صيغته النهائية بالرغم من مرور سنة على استلامه، بينما رفض الصندوق إطلاع مدققي الديوان على مسودة التقرير التي استلمها بحجة أن التقرير ما زال في شكل مسودة وأنه قيد الدراسة مع الشركة، وجاء رد الصندوق على تلك الملاحظة؛ بأنه حريص كل الحرص على إطلاع الديوان على جميع المستندات والوثائق بشكلها النهائي المعتمد.
دراسة المشاريع
وأوضح التقريرأن عدم قيام الصندوق في بعض الحالات بدراسة مشاريعه قبل البدء في تنفيذها، أدى لإدخال العديد من التعديلات الجوهرية على إجراءات وفترات التنفيذ لبعض المشاريع وعلى أعداد المستفيدين منها والميزانيات المعتمدة لها بعد الشروع في تنفيذها، عوضاً عن إطلاق مراحل جديدة لبعض المشاريع نتيجة لزيادة في عدد المستفيدين، مضيفا أن ذلك يرتب عليه تحمل تكاليف إضافية بسبب طرح مناقصات جديدة، عوضاً عن إلغاء 14 مشروعاً بعد البدء في تنفيذها، ومواجهة 28 مشروعاً آخر صعوبات متعددة، تعلقت أهمها بعدم توفر العدد الكافي من المتقدمين لتلك المشاريع، أو توفر فرص كافية للتوظيف، وذلك حتى يناير 2013.
وقال إن الصندوق علل قيامه بذلك، بأنه يكتفى أحياناً بالحلقات النقاشية أو الزيارات الميدانية أو المسوحات أو إسناد الأعمال الاستشارية إلى جهة خارجية متخصصة، وجميع ذلك يعتبر من دراسات الجدوى، مشيراً «صندوق العمل» إلى أن بعض المشاريع درست جدواها بأكثر من طريقة ومن قبل أكثر من جهة خارج الصندوق وداخله، كما أن بعض المشاريع لا تتطلب دراسات جدوى معمقة.
إدارة المشاريع والرقابة عليها
وأشار تقرير الرقابة المالية إلى أن تمكين أسندت إدارة مشاريعها إلى جهات خارجية دون دراسة مدى إمكانية تنفيذها من قبل موظفي صندوق العمل نفسه، التي بلغ مجموع العقود المبرمة مع تلك الجهات حتى سبتمبر 2012 حوالي 13 مليون دينار.
وقال إن معظم الأعمال المسندة لمؤسسات القطاع الخاص، تتمثل في استلام طلبات الاستفادة من مشاريع الصندوق والتأكد من استيفائها للاشتراطات المعتمدة لكل مشروع والقيام بزيارات ميدانية للمستفيدين من الدعم، في حين كان يفترض أن تنفذ تلك الأعمال من قبل الصندوق، مضيفا أن الصندوق أظهر، ضعف إشرافه على أعمال الجهات المكلفة بإدارة مشاريعه، إذ لوحظ عدم التزام تلك الجهات في بعض الحالات بالاشتراطات المعتمدة بشأن الانتفاع بدعم الصندوق.
وأوصى التقرير الصندوق، بأنه إذا قرر الاستمرار في الاعتماد على مؤسسات القطاع الخاص، فيتعين عليه وضع إجراءات وضوابط لإحكام الرقابة على أعمال تلك المؤسسات، والتوقف عن تكليف جهات خارجية بمهام تقييم أداء المؤسسات التي تتولى إدارة مشاريع الصندوق وتوليه هذه المهمة.
مشاريع ليست
من اختصاص الصندوق
وقال التقرير، إن إجمالي ميزانية تقديم منح دراسية وتمويل دراسات جامعية لخريجي المرحلة الثانوية، بلغ 23 مليون دينار، توزعت على منح لكلية العلوم الصحية «الرعاية الصحية» في مجال التمريض بأكثر من 15.5 مليون دينار، ومنح لبوليتكنك البحرين في عدة اختصاصات بـ 1.4 مليون دينار، إضافة إلى تمويل برنامج بكالوريوس التمريض في جامعة البحرين الطبية «RSCI» بحوالي 6.3 ملايين دينار، فيما بلغ مجموع المصروف منها بشكل فعلي حتى سبتمبر 2012، حوالي 11 مليون دينار.
وأوضح أن ميزانية تمويل أنشطة شبابية أثناء العطل الصيفية ومعسكرات ومخيمات لأكاديمية الشرطة قدّرت بـ 1.8 مليون دينار، توزعت ما بين برامج شباب 2030 خلال الفترة من 2010-2012 بميزانية تفوق المليون دينار، وبرنامج المخيم الصيفي لأكاديمية الشرطة خلال نفس الفترة بميزانية 747.5 ألف دينار، بلغ إجمالي المصروف من تلك الميزانية الإجمالية حوالي 1.7 مليون دينار.
وأشار إلى أن تمكين مولت خلال الفترة من 2007-2010، مشاريع تابعة لوزارة العمل، ومعهد البحرين للتدريب بتكلفة إجمالية بلغت 20.35 مليون دينار، مما يتعارض مع المادتين «3» و»4» من قانون إنشاء الصندوق، التي تتعلق بدعم القطاع الخاص وتأهيل العمال البحرينيين.
وقال التقرير، إن: «صندوق العمل، منح دعماً لمشروع وزارة العمل بتأهيل وتوظيف العاطلين الجامعيين خلال عامي 2009- 2010، من خلال تحويل مبلغ 18 مليون للوزارة، صرف منها فعلياً حتى نهاية 2011 مبلغ 7 ملايين دينار، فيما كان يفترض بالعمل تحويل المشروع للصندوق ليتولى تنفيذه تفادياً للازدواجية».
وأضاف أنه «تمويل البنية التحتية لمعهد البحرين للتدريب، من خلال تحويل مبلغ 2.35 مليون دينار خلال الفترة من 2008 – 2010، وذلك بغرض بناء منشآت جديدة وتطوير بعض الورش والمختبرات التابعة للمعهد، وذلك ما يتعارض مع أهداف الصندوق.
وتبيّن أن تمكين لا تتوفر لديها أي بيانات حول أوجه استخدام المبالغ التي حوّلت لمعهد البحرين للتدريب ووزارة العمل، إذ أن الجهة الأولى لم توفِّ الصندوق بأوجه استخدام تلك المبالغ، كما أن الجهة الثانية لم تقدم تقارير دورية حول تقدم تنفيذ مشروعها».
وأشار إلى أن «الصندوق دعم ما لا يقل عن 820 موظفاً من القطاع الحكومي للمشاركة في دورات تدريبية في الإدارة والقيادة والحصول على شهادات احترافية، بتكلفة تقديرية تبلغ 742 ألف دينار، في حين أن مهمة تطوير قدرات منتسبي القطاع العام من المسئوليات الموكلة لمعهد الإدارة العامة».
وقال التقرير، إن «تمكين وجهت مشاريع لطلاب الجامعات والمدارس الإعدادية والثانوية، بالرغم من أنها فئات غير مستهدفة بموجب قانون إنشاء الصندوق، وبلغ إجمالي المشاريع التي شرع الصندوق في تنفيذها والتي تم إدراجها بالخطة التشغيلية لسنة 2013 حوالي 3.75 مليون دينار، وصرف منها بشكل فعلي حتى سبتمبر 2012 أكثر من 1.16 مليون دينار، مشيرا إلى صندوق العمل، رد على تلك الملاحظات بأنه لا يتفق معها، لأنه ليس مطلوباً منه تحقيق جميع الأهداف مجتمعة معاً في كل مشروع من مشروعاته، إذ قد ينظر الصندوق لتحقيق هدف واحد من بين أهداف تأسيسه دون الأهداف الأخرى، فيما لم يتطرق الرد إلى المشاريع المتعلقة بتمويل المنح الدراسية ومشروعي وزارة العمل ومعهد البحرين للتدريب.
التمويل الميسر
وأوضح التقرير، أن «الصندوق وافق على منح بعض القروض لطلبات لا تستوفي الاشتراطات المطلوبة للانتفاع بالمشروع المحددة بالعقود المبرمة مع بنكي البحرين للتنمية وإثمار، مشيراً إلى أن الصندوق تعاقد خلال الفترة 2007 -2011 مع 8 بنوك لتقديم تسهيلات تمويلية لمؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة، بلغت القيمة الإجمالية للمحافظ المعتمدة لجميع البنوك المتعاقد معها 197.5 مليون دينار، ومنح حتى سبتمبر 2012 «3852 قرضاً من قبل البنكين سالفي الذكر»، فيما بلغ عدد المقترضين المتوقفين عن السداد حتى ديسمبر 2012 «599» مقترضاً، من إجمالي عدد المقترضين الذين حل أجل تسديدهم للقسط الأول».
واشار إلى أن» قيمة الديون التي توقف أصحابها عن سدادها لنفس البنكين، بلغت حوالي 8.6 مليون دينار، منها 5.9 مليون استوفت اشتراطات تسديدها من قبل الصندوق للبحرين للتنمية وإثمار، إذ دفع الصندوق حتى نهاية يناير 2013 حوالي 1.59 مليون دينار من المبلغ المستوفي اشتراطات التسديد، ولم يلتزم البحرين للتنمية وإثمار باتخاذ إجراءات متابعة دفع الأقساط وفقاً للإجراءات المعمول بها لديهما، مثل توجيه الخطابات، بشأن المقترضين المتوقفين عن السداد، بالرغم من دفع الصندوق بعض الأقساط».
وأكد التقرير، عدم وجود ما يثبت قيام بنك البحرين للتنمية بالتأكد من عدم إدراج أسماء المستفيدين ضمن قائمة مصرف البحرين المركزي الخاصة بإساءة استعمال الشيكات، مضيفا أن بعض المقترضين المدرجة أسماؤهم في تلك القائمة هم من المتوقفين عن السداد، كما لم يلزم البنك المستفيدين بتقديم تسعيرات للأجهزة والمعدات المطلوب تمويل شرائها، ومنح أحدهم قرضاً بـ 150 ألف دينار.
وأشار إلى أن» صندوق العمل منح ضمن مشروع التمويل الميسّر نسبة كبيرة من القروض لمؤسسات لا يمكن تصنيفها ضمن المشاريع ذات القيمة الاقتصادية المضافة، مثل البرادات وصالونات الحلاقة والتجميل والكراجات والمطاعم والمقاهي وغيرها، إذ بلغت نسبة القروض المقدمة لها من قبل بنك التنمية حوالي 57% من العدد الإجمالي للمؤسسات المنتفعة بالمشروع، كما استفادت تلك المشاريع أيضاً من برنامج تطوير المؤسسات».
وقال التقرير، إن البند «5-2-5» من الاتفاقيات المبرمة بين الصندوق وممولي مشاريع التمويل الميسّر، ينص على أنه «لا يجوز أن تحصل المنشأة الواحدة والفروع التابعة لها على تسهيلات تزيد عن 500 ألف دينار لدى جميع الممولين المتعاقدين معهم، وخلافاً لذلك تبين منح قروض لمستفيدين زادت قيمتها عن الحد الأقصى المسموح به.
دعم الصيادين والمزارعين
وأكد التقرير أن الصندوق شرع في تنفيذ برنامجي دعم الصيادين والمزارعين سنة 2010، بميزانية إجمالية قدرت بحوالي 11 مليون دينار حتى سبتمبر 2012، دون إجراء الدراسات اللازمة لتحديد الجدوى من تنفيذهما، بالرغم من أن إجمالي المصروفات على البرنامجين حتى سبتمبر العام الماضي، بلغت حوالي 4.3 مليون دينار، منها 2.5 مليون لدعم الصيادين، و1.8 مليون لدعم المزارعين، بعدد مستفيدين للبرنامجين بلغ 1280 مستفيداً.
ولاحظ تقرير ديوان الرقابة، انتفاع العديد من الصيادين والمزارعين الحاصلين على رخص صيد أو بطاقة زراعية، لكنهم لا يمتهنون ذلك كمصدر دخل أساسي، مشيراً إلى انتفاع حوالي 100 صياد من برنامج دعم المؤسسات المتعثرة، إضافة إلى استفادة قطاعات مستثناة من دعم البرنامج.
وقال التقرير، إن مشروع التطور في السلم المهني لم يراع قيمة الراتب الأساسي للموظف، حيث لاحظ انتفاع العديد من الموظفين من ذوي الوظائف والرواتب العليا، كما أنه لم يتأكد من التزام أصحاب العمل بصرف الزيادة للموظفين المنتفعين من المشروع، وبلغت مدة تأخير بعضهم سنة كاملة.