«513800%» هو ليس رقماً فلكياً أو متخيلاً بل واقعياً استخدمه تقرير الرقابة المالية لتوثيق «سوء تقدير» وقعت به شركة نفط البحرين (بابكو) عندما حيث حددت كميات المواد والخدمات في وثائق المناقصات باختلاف السعر الفردي لكل مادة من عطاء مورد لآخر، مما أدى لتجاوز كميات التنفيذ ما تم تقديره سابقاً بنسب كبيرة وصلت إلى 513800% و70000% من التقدير الأصلي، وهو أمر قد يؤدي إلى أن لا يكون المورد الفائز هو الأقل سعراً فعلياً.
وأشار تقرير ديوان الرقابة المالية إلى عدم وجود بعض الأرقام التسلسلية للمستندات الإلكترونية الخاصة بطلبات أوامر الشراء واستلام المواد والخدمات وغيرها لدى شركة نفط البحرين «بابكو»، مما يؤدي إلى عدم إحكام الرقابة على المعاملات المتعلقة بالمشتريات.
وبين أن النظام الآلي يسمح للموظفين باعتماد طلبات شراء المواد والخدمات بمبالغ يفوق صلاحية الموظف وفقاً لجدول الصلاحيات المعتمد، فضلاً عن إجراء أوامر الشراء المفتوحة دون إجراءات تنظم تلك الأمور.
وأوضح التقرير أن النظام لا يحتوي على خاصية تتبع أثر العمليات المنفذة على العقود مما يضعف الرقابة على العقود وأوامر الشراء. وأوضح التقرير أن الشركة لم تتعلم من الأخطاء في المناقصات الجديدة لنفس الموضوع، حيث كانت الكمية المستخدمة فعليا في العقد الأول 8837، بينما قدرتها الشركة في المناقصة الجديدة بـ 2، رغم أن المرة الأولى شهدت سوء تقدير أيضا.
وبين التقرير أن هناك جمع موظف واحد لمهام متضارية، حيث منحت مراقب المخازن صلاحية إصدار وتعديل بيانات أوامر الشراء، مما يؤدي إلى مجال للتلاعب في استلام المواد، فضلا عن تعديله للكميات الواردة في أمر الشراء حال اختلافها عن الكميات الفعلية المرسلة من الموردين قبل استلامها، بدلاً من قيامه بإخطار دائرة المشتريات للتنسيق مع الجهة الطالبة والمورد.
6.7 مليون دولار مدفوعات زائدة
وقال التقرير إن النظام الآلي لموظفي الدائرة المالية يسمح بإضافة مبالغ على قيمة أمر الشراء، مما أدى إلى زيادة قيمة المدفوعات على مبالغ بعض أوامر الشراء، وتم حصر حوالي 6.7 مليون دولار أمريكي في الفترة ما بين 2009 – 2012.
وبيّن التقرير أن النظام الآلي يسمح بإجراء أوامر شراء بالرغم من توافر تلك المواد في المخازن لأكثر من 10 سنوات، بمبالغ وصلت أحيانا إلى 13 ألف دولار أمريكي.
وأوصى الديوان ببحث أسباب فقد تسلسل أرقام الاستمارات الإلكترونية الخاصة باستلام المواد والخدمات، بالإضافة إلى إحكام الرقابة على عمليات الشراء بالنظام الآلي، واعتمد إجراءات تنظم عملية إقفال أوامر الشراء.
وأوضح التقرير أن بعض المواد المخزنة تجاوزت الحد الأقصى المسموح بها للشركة، مما يؤدي إلى تجميد أمول الشركة دون جدوى وقد يتسبب في هلاك المواد قبل استخدامها. وبيّن التقرير وجود مواد مخزنة بقيمة إجمالية 15.35 مليون دولار أمريكي على ذمة 399 مشروعاً في مستودعات مؤقتة، دون إجراء جرد دوري أو مفاجئ لتلك المواد، مما قد يؤدي إلى سوء استخدامها او العبث بها دون اكتشاف ذلك. وأشار التقرير إلى وجود بعض الموظفين من شركات استشارية تم التعاقد معهم بعقود طويلة الأجل وصلت لـ 10 سنوات، وفي أماكن حساسة في بعض الأحيان، مما يجعل معلومات سرية عرضة للانتهاك والتسريب، فضلا عن عدم صلاحية دائرة الموارد البشرية بالتأكد من الحضور والانصراف مما قد يؤدي إلى تحميل الشركة مصروفات تزيد عن حاجتها. وبيّن التقرير أن بعض الموظفين يمنحون أرقامهم السرية لموظفين آخرين للقيام بأعمالهم مما يشكك في مدى قانونية المعاملات التي تم إجراءها ووصلت في بعض الأحيان قيمة المبالغ لـ 66 ألف دولار أمريكي.
6736 أمر شراء مفتوح
وأشار التقرير إلى وجود 6736 أمر شراء مفتوح لم يقفل في النظام الآلي لشركة بابكو، بمجموع مبالغ 83.2 مليون دولار أمريكي، مما يؤدي إلى استغلال القيمة المتبقية من العقود في شراء مواد وخدمات بعد انتهاء فترتها، فضلاً عن استلام مواد وخدمات قد لا تحتاج الشركة لها.
وتابع التقرير أن الشركة لم تستلم قيمة خدمة بلغت 80 ألف دولار أمريكي في بعض الأحيان، فيما أوصى التقرير بضرورة حصر أوامر الشراء المفتوحة والبحث في أسباب بقائها، ووضع آلية لغلقها. وأكد التقرير أن الشركة أجرت أوامر شراء بتواريخ لاحقة للشراء الفعلي، مما يشير إلى أن «أمر الشراء كان صوري فقط» حيث بلغت قيمة تلك الفواتير في العام 2009، 75 مليون دولار أمريكي و13 مليون دولار في العام 2012. وبيّن التقرير أن الشركة لا تحتفظ بحوالي 67% من أوامر شراء عقود الخدمات مما يخالف دليل إجراءات العقود، فضلا عن قيام الدوائر التي تطلب الخدمة داخل الشركة بالشراء دون العودة إلى قسم المشتريات فيها.
وأوضح تقرير ديوان الرقابة أن الشركة تخالف قانون «الشراء لمرة واحدة»، حيث اشترت من بعض الموردين لأكثر من مرة دون تأهيل مسبق مما يخالف قانون المناقصات، فيما بلغت قيمة تلك المشتريات حوالي 17 مليون دولار أمريكي. ولاحظ ديوان الرقابة المالية أن الشركة لا تعد محضر فتح صندوق العطاءات من قبل اللجنة، وأن أحد أعضاء اللجنة يفرز العطاءات منفردا، مما يؤدي لإمكانية وجود تلاعب، فضلا عن إفشاء المعلومات حول العطاءات المستلمة في المناقصات نظرا لكون جميع العطاءات توضع في صندوق واحد وليس في صناديق منفصلة.
ولاحظ الديوان أن الشركة لم تلتزم ببعض قرارات مجلس المناقصات، حيث لا تقوم الشركة بتضمين وثائق بعض المناقصات الأوزان النسبية لمعايير التقييم واقتصارها على التقييم المالي فقط دون التقييم الفني، وعدم التأكد من المستوى المطلوب من قبل الموردين والمقاولين، وذلك في مناقصات بلغت إحداها 165 ألف دينار.
74 ألف دولار زيادة لمورد
وأشار الديوان إلى أن الشركة أخرت عملية تقييم بعض العطاءات إلى ما بعد انتهاء مدة صلاحيتها، مما أدى إلى ارتفاع في الأسعار وطلب أحد الموردين زيادة بمبلغ 74 ألف دولار، وقبلت الشركة بذلك. وبيّن التقرير أيضاً أن الشركة تفتقر لإجراءات متابعة العقود، مما يؤدي إلى ضعف متابعة تواريخ انتهاء العقود، وهو الأمر الذي يعني استمرار العمل مع المورد الأول سواء بنفس السعر أو أسعار أكثر ارتفاعا، وذلك في عقود وصل بعضها إلى 288 ألف دينار.
وبيّن التقرير أيضا أن بعض العقود انتهت ولم تجدد على الرغم من كونها تتعلق بشراء مواد مخزنية تحتاجها الشركة بشكل مستمر بسبب عدم مراقبتها من قبل مراقب المشتريات، ومنها توفير سدادات ميكانيكية وقطع الغيار المتعلقة بها، والتي تصل قيمتها إلى 2.4 مليون دولار.
ولفت التقرير إلى أن الشركة تتأخر في إرسال طلبات تمديد العقود لمجلس المناقصات، وذلك في بعض العقود التي وصلت قيمة التمديد فيها بنسبة 93% من القيمة الأصلية للعقد. وأشار التقرير إلى أن الشركة أجرت بعض العقود التي يتم احتسابها بالساعة الواحدة للخدمات المقدمة، إلا أنها غيرتها لاحقاً لمبلغ مقطوع لتلك الأعمال، مما يعني أن المناقصة أصبحت صورية وحرمت الشركة من فرصة الحصول على أسعار وشروط أفضل، وذلك في مناقصات بلغت قيمة أحداها 420 ألف دينار. وقال التقرير إن هناك قصوراً في متابعة المقاولين الذين يعملون بنظام ساعات العمل اليومية، حيث يقضي التعميم الداخلي للشركة بأن لا تزيد مدة إدخال ساعات العمل على 3 أيام، بينما تأخر بعض المقاولين لمدد تجاوزت الـ 100 يوم، بنسبة 42% من إجمالي الاستمارات المدخلة، فضلاً عن عدم الاحتفاظ بحوالي 80% من استمارات العمل التي يقوم بها المشرف المسؤول عن العمل. وبيّن التقرير وجود تجاوز في المصروفات الفعلية لبعض عقود الأطعمة التي يتم توريدها للشركة بنسبة تجاوزت الـ 15% دون الحصول على موافقة مجلس المناقصات، حيث بلغت الزيادة في أحد العقود بنسبة 102% بمبلغ 50 ألف دينار. وقال إن هناك ضعفا في متابعة الشركة لضمانات العقود وتأمين العمل من قبل الشركات الفائزة بالمناقصات، وقبولها بضمانات تنفيذ لا تغطي فترة التعاقد بالكامل، وانتهى 14 عقد بوليصة تأمين من أصل 15 بوليصة التأمين الخاصة بها قبل انتهاء فترة العقد دون علم الشركة بذلك.