بقلم - الشيخ زياد السعدون:
ربما لا نستغرب من خلاف قد يقع بين زوجين أو طلاق يحصل بعد الزواج بشهور أو سنوات قليلة إذا كان الزواج تقليدياً، حينئذ نقول: «ربما لم يحصل بينهما توافق أو انسجام»، لكن العجب كل العجب، حين تسمع بطلاق أو خلاف مستعصٍ على الحل بين زوجين بينهما علاقة حب دامت سنين عدداً، وربما أغضب الشاب أهله والفتاة أهلها بسبب اعتراضهما على هذا الزواج، فتراهما يتحديان الأهل جميعاً، ويصران على هذا الزواج، والسبب قولهم: «أحنه نحب بعضنا، ولا يمكن أن نستغني عن بعض»، فأين ذهب هذا الحب بعد الزواج؟ لما لمْ يقدر هذا الحب أن يطيل عمر الزواج، أو يساعدهم في حل مشكلاتهم.
الحقيقة التي يجب أن نعيها جميعاً وخاصة الشباب أن بعض حالات الحب التي تنشأ قبل الزواج هي حالات حب شهوة وجسد، لا حب روح وأخلاق وأفكار، ويطلق عليه في معظم الأحيان حباً، لكن في حقيقته هو ميل فطري بين رجل وامرأة، ولا يصبح حباً حقيقياً إلا إذا انسجمت الأرواح وتوافقت الأفكار والأمزجة، فعندها يتحول الحب من الشهوة، إلى حب المودة والأنس بقرب المحبوب والحزن لفراقه والشوق للقائه، وكما قال الله تعالى: «وجعل بينكم مودةً ورحمة»، وهذا يفسر لنا ذهاب الحب بعد الزواج، لأن المقصود منه قد تحقق وهو قضاء الشهوة، لذا نرى بعض الأزواج الذين سبق حبهم زواجهم ينتهي زواجهم بسرعة غير متوقعة تحت ضغوطات الحياة وآلام الخلافات وعدم توافق الأفكار والطروحات، فمثلاً الزوجة تشعر بالفرق الكبير بين تصرف زوجها الآن وبين تصرفه عندما كان هو الحبيب، فلو قالت له عندي صداع، قال لها بكل برود: «خذي حبة بندول»، بينما لما كان الحبيب، وتقول له: «مصدعه»، تتغير ألوانه وتسمع منه عبارات الفداء، ويتمنى أن الصداع في رأسه بدل رأسها، وهكذا، فالمقارنة بين قبل الزواج وبعد الزواج معول يهدم الزواج، ويوغر الصدور، فلا يبقى للحب مكان.