أكدت وزيرة التنمية الاجتماعية د.فاطمة البلوشي سعي الوزارة لخلق منظومة عمل متكاملة داخل مملكة البحرين، بهدف مكافحة الاتجار بالأشخاص، لافتة إلى أن السعي باتجاه خلق هذه المنظومة بدأ منذ صدور قانون الاتجار بالأشخاص رقم 1 للعام 2008.
وأوضحت أن «القانون» وضع آليات محددة لهذه المكافحة في إطار من الشرعية وذلك بناءً على رغبة المملكة بأن تكون أعمال مكافحة الاتجار بالأشخاص في الإطار القانوني الصحيح من قبل كافة العاملين بإنفاذ القانون من رجال شرطة ونيابة عامة وقضاة، وكذلك الوزارات والجهات المعنية الأخرى التي تساهم في أعمال المكافحة.
جاء ذلك خلال ندوة «المرجع القانوني لمكافحة الاتجار بالأشخاص» نظمتها لجنة تقييم وضعية ضحايا الاتجار بالأشخاص التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، تضمنت تدشيناً للدليل القانوني لمكافحة الاتجار من تأليف مستشار وزيرة التنمية الاجتماعية القانوني د.أسامة متولي.
وأوضح المستشار القانوني د.أسامة متولي في ورقته «الدليل القانوني لمكافحة الاتجار بالأشخاص» أن أهمية هذا الدليل تأتي لكونه أول دليل يمكن من خلاله بيان التركيب القانوني للاتجار بالأشخاص كجريمة جنائية ولبيان الأجهزة المنوط بها المكافحة ودور كل منهم على وجه التحديد، وإمكانية استفادة الدول الأخرى من هذه التجربة العملية من حيث الممارسة سواءً شقها الموضوعي أو الإجرائي، مستعرضاً خلال الدليل جريمة الاتجار بالأشخاص والتجربة البحرينية في شأن الاتجار بالأشخاص.
وعرف المستشار «الجماعة الإجرامية المنظمة» بأنها جماعة ذات هيكل تنظيمي، مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر، موجودة لفترة من الزمن وتعمل بصورة متضافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة أو الأفعال المجرمة وفقاً لهذه الاتفاقية، من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى.
وأضاف: نظراً للاهتمام الذى يعد فوق العادة، سواءً على المستوى الدولي أو المحلي، لقضايا الاتجار بالأشخاص، فإن العديد من الدول باتت على هذا الاهتمام المكثف، ومنهم الدول العربية، لكون هذه الجرائم تطال الجميع، بل إن هناك من الدول العربية ما يعد من الأماكن الخصبة لهذه التجارة الإنسانية، نظراً للطبيعة التي تتصف بها هذه الدول، مثل دول الخليج العربي التي تعتبر من الدول المستقطبة لهذه التجارة، لافتاً إلى أنه قد تصل هذه الجرائم من البشاعة وانعدام الإنسانية إلى أقصى مدى لها، فلا يقف الأمر معها إلى حد معين، فالبعض من أنواعها يتمثل في نقل الأعضاء بين البشر بدون مسوغ أو مبرر قانوني أو أخلاقي، مما لا يمت للقيم الحضارية والإنسانية بصلة.
ورجح متولي أن تكون هذه الجريمة نتاج طبيعي للجريمة المنظمة التي تواجه أجهزة العدالة الجنائية في عصر العولمة، نظراً لانتشار عصابات الإجرام المنظم عبر الحدود الدولية، مما أدى إلى انتشار جرائم الاتجار بالأطفال واستغلالهم لغايات العمل والرذيلة وكذا جرائم الاتجار بالنساء واستغلالهم في الإعلام الفاسد، وفي الأفعال الماسة بالأخلاق والآداب العامة وغيرها.
ولفت إلى أنه من أجل اعتبار أي نشاط إجرامي بكونه جريمة منظمة، يجب أن يرتكب بواسطة جماعة لها هيكل تنظيمي، يكون له سلطة كاملة على المنظمة التي تخضع في رأس الهرم إلى زعيم العائلة الإجرامية لقاعدة هرمية معقدة ودقيقة، حيث تراعى قواعد تسلسل القيادة بشكل حازم، بحيث لا يسمح للعضو بأن يتعامل إلا مع القيادات التي تعلوه مباشرة دون أن يعرف شيئاً بعد ذلك كما يجهل بقية هذه القيادات، والتي بدورها تتعامل مع القيادات الأعلى وهكذا.. وبهذه الطريقة يكون من شبه المستحيل على سلطات التحقيق أن تتبع خيطاً لكشف القيادات العليا لتلك المنظمة، مردفاً أن التخطيط والاحتراف يعد من السمات الأساسية التي تميز تلك الجريمة عن غيرها من الجرائم الأخرى، فعادة تشكل الجريمة المنظمة عبر الوطنية من مجموعة من المجرمين المحترفين ولهم خبرة في المجالات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية أو قد يستعينون بخبراء في مجال الحاسوب والهندسة والمال والأسلحة، فتأتي الجريمة المنظمة نتيجة لخطة متكاملة الحلقات بحيث تكمل كل حلقة فيها الحلقة الأخرى.
وواصل متولي: كان من المفروض عند تجريم الأفعال في جرائم الاتجار بالأشخاص أن يكون هناك توافق بين المصطلحات القانونية الواردة في قانون العقوبات المحلي لأي دولة وقانون الاتجار بالأشخاص الصادر منها، حتى ولو كان الأخير قد صدر تنفيذاً لاتفاقية الاتجار بالأشخاص، حيث ستظل الشخصية القانونية لقوانين الدولة هي جوهر أعمالها.
من جهتها قالت الوكيل المساعد للرعاية والتأهيل الاجتماعي بدرية الجيب إن قانون الاتجار بالأشخاص البحريني رقم 1 لسنة 2008 خص وزارة التنمية الاجتماعية كإحدى السلطات التنفيذية بالعديد من التكليفات المباشرة وفقاً لقانون الاتجار بالأشخاص، أولها إنشاء «لجنة تقييم وضعية الضحايا الأجانب للاتجار بالأشخاص»، وثانيها تنظيم مراكز إيواء لضحايا الاتجار بالأشخاص.
وبينت أن التكليفات غير المباشرة لوزارة التنمية الاجتماعية وفقاً للقانون الداخلي تتمثل في التنسيق مع السلطات القضائية، التنسيق العام مع جهات أعضاء «لجنة تقييم وضعية الضحايا الأجانب للاتجار بالأشخاص»، التنسيق مع وزارة الداخلية، والتنسيق العام لعمومية الاطلاع على ملفات الضحايا، وتتناول الندوة النقاط السابقة بالتفصيل طبقاً لمواد القانون.