عواصم - (وكالات): تواصل قوات النظام السوري عملياتها في منطقة القلمون الاستراتيجية شمال دمشق في محاولة لاستكمال السيطرة عليها، ما سيشكل، إن حصل، تطوراً بالغ الأهمية في سير المعركة، في وقت أعلنت الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين السوريين ارتفع إلى أكثر من 3 ملايين منذ بدء الأزمة قبل نحو 33 شهراً، فيما أكدت أن «الأطفال يدفعون ثمناً باهظاً للحرب الأهلية في البلاد».
وكانت قوات النظام مدعومة من «حزب الله» اللبناني أحكمت الخميس الماضي سيطرتها على بلدة دير عطية المجاورة للنبك بعد استعادتها السيطرة على بلدة قارة إلى الشمال، وهي مصممة على طرد مقاتلي المعارضة من النبك للتوجه بعدها نحو بيرود. وتقع هذه البلدات الأربع على خط واحد على طريق حمص دمشق السريع.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «تدور معارك عنيفة على محور النبك التي دخلتها قوات النظام مدعومة من حزب الله اللبناني»، مشيراً إلى أن مقاتلي المعارضة «أفشلوا خلال الساعات الماضية محاولة تقدم لهذه القوات».
وأضاف أن قوات النظام «قررت اعتماد القوة التدميرية لدخول النبك، وهو أمر تجنبته في مدينة دير عطية التي أحكمت سيطرتها عليها الخميس الماضي، كون الأخيرة موالية بغالبيتها للنظام، ولا يزال معظم سكانها موجودين فيها». وتعتبر منطقة القلمون الجبلية الحدودية مع لبنان استراتيجية لأنها تشكل قاعدة خلفية للمعارضة المسلحة تزود منها معاقلها في ريف دمشق وبعض المناطق المتبقية لها في حمص بالسلاح والرجال. كما أنها أساسية للنظام، لأنها تؤمن له التواصل بين وسط البلاد والعاصمة.
وأفاد المرصد السوري أن 17 عنصراً من حزب الله قتلوا في معارك في ريف دمشق، خاصة في معركة الغوطة الشرقية التي تسير بالتوازي مع معركة القلمون، والتي يحاول مقاتلو المعارضة من خلالها فك الحصار المفروض على الغوطة منذ أكثر من سنة. كما أشار إلى مقتل 11 عنصراً في معارك ريف دمشق من لواء أبو الفضل العباس المؤلف من مقاتلين شيعة معظمهم عراقيون يقاتلون إلى جانب قوات النظام أيضاً. ونعى حزب الله خلال الأيام الماضية العديد من قتلاه الذين سقطوا وهم «يقومون بواجبهم الشرعي» على حد زعمه.
ويرى محللون أن نجاح النظام في إنهاء معركة القلمون قبل مؤتمر جنيف 2 سيتيح له الجلوس إلى طاولة التفاوض من موقع قوة. ويفترض أن يعقد المؤتمر الذي سيشارك فيه ممثلون للنظام والمعارضة السورية ودول معنية بالنزاع في 22 يناير المقبل بهدف إيجاد حل لازمة مستمرة منذ نحو 33 شهراً أسفرت عن وقوع أكثر من 120 ألف قتيل وملايين النازحين داخل البلاد واللاجئين إلى خارجها.
ميدانياً، قتل 4 أشخاص وجرح 26 لإثر سقوط قذائف هاون أمام الجامع الأموي في دمشق القديمة، بحسب ما ذكر التلفزيون السوري. ومنذ أسابيع، تصاعدت وتيرة إطلاق قذائف الهاون على العاصمة. وعلى صعيد مشكلة اللاجئين، أعلن مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس من عمان أن الأمم المتحدة باتت تقدر عدد السوريين الذين فروا من بلادهم بـ «أكثر من 3 ملايين سوري» لجأوا خصوصاً إلى الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر.
وقال إن الدول المجاورة لسوريا التي تستقبل اللاجئين تحتاج إلى مساعدة دولية ضخمة، مضيفاً «ما لم يحصل دعم إضافي كثيف لدول المنطقة، على المجتمع الدولي أن يدرك أنه ليس أكيداً أن تتمكن هذه البلدان من مواصلة استقبال عشرات آلاف وربما ملايين اللاجئين السوريين».
ويشكل الأطفال نصف عدد اللاجئين المسجلين لدى الأمم المتحدة. وأفاد تقرير صدر أمس عن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن عشرات آلاف الأطفال من اللاجئين السوريين يعيشون منفصلين عن عائلاتهم، من دون تعليم، ويتحولون إلى معيلين لعائلاتهم في دول اللجوء. وجاء في التقرير بعنوان «مستقبل سوريا أزمة الأطفال اللاجئين» والذي تناول معاناة الأطفال اللاجئين في لبنان الذي يستضيف أكثر من 820 ألف لاجىء سوري والأردن حيث يبلغ عدد اللاجئين السوريين نحو 600 ألف، «هناك أعداد صادمة حول الأطفال السوريين اللاجئين الذين يكبرون في عائلات مفككة ويفقدون فرصة التعليم ويصبحون المعيل الرئيسي لأسرهم».
ويعيش ما يزيد عن 70 ألف عائلة سورية لاجئة من دون الآباء، وأكثر من 3700 طفل لاجئ غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم، بحسب التقرير الذي يضيف «يقوم عدد لا يحصى من العائلات اللاجئة التي تنعدم لديها الموارد المالية بإرسال أطفالها للعمل لتأمين احتياجاتها المعيشية الأساسية. وفي كل من الأردن ولبنان، وجد الباحثون أطفالاً صغاراً تبلغ أعمارهم 7 أعوام يعملون لساعات طويلة مقابل أجر ضئيل، وأحيانا في ظروف يتعرضون فيها للخطف والاستغلال».
سياسيا، وصل رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي إلى إيران، أبرز حليف للنظام السوري، لإجراء «محادثات بشأن الأزمة السورية والتطورات» في سوريا.
من جهة أخرى، قال مسؤولون أمريكيون إن إدارة الرئيس باراك أوباما تبحث حالياً خطة لتدمير الأسلحة الكيميائية السورية على متن سفينة أمريكية في البحر، وذلك في ظل التحديات الأمنية والبيئية التي تحدثت عنها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المنوطة بها عملية التدمير.
وقالت مصادر مطلعة إن العمل جار على إعداد خطة تقضي باستخدام سفينة «إم في كيب» التابعة لسلاح البحرية الأمريكية، موضحة أنه سيتم وضع وحدة متنقلة لتدمير الأسلحة الكيميائية على متن السفينة.