كتبت ـ سلسبيل وليد:
يمكن ببساطة تلخيص علاقة البحرين بشقيقتها الإمارات العربية المتحدة بجملة واحدة «درب من الحب لا درب من الحجر»، وعليها تتأسس العلاقات على المستويات الرسمية والأهلية.
البحرين كعادتها في الوقوف إلى جانب شقيقاتها الخليجيات بالسراء والضراء، تكتسي باللون الأبيض احتفاءً باليوم الوطني الـ42 لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتقدم تحية شكر وعرفان لمواقف الإمارات الداعمة لأمن البحرين واستقرارها وبناء نهضتها.
ما يجمع البلدين والشعبين الشقيقين حكاية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، ولا تقتصر على متانة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بل تتعداها إلى روابط الأخوة والمصاهرة والنسب ووحدة المصير والهدف المشترك، وزيادتها قوة وصلابة ومنعة يوماً إثر يوم. دلالات قوة الروابط بين البلدين يصعب حصرها، والبحرين تطرب على أنغام احتفالات الإمارات بيومها الوطني، وكذا تفعل الإمارات في احتفالات البحرين بعيدها الوطني كل عام.
أخذت العلاقات بين البلدين طابعها الرسمي المتأصل، منذ إعلان الإمارات استقلالها عن الحماية البريطانية 2 ديسمبر 1971، وتوقيعها على معاهدة صداقة مع الحكومة البريطانية، وفي نفس العام أعلنت البحرين استقلالها على يد المغفور له صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة.
ولا يقتصر احتفال البحرين باستقلال الإمارات على الحكومة فقط، بل يتعداه إلى شعب البحرين، تقديراً لموقف الإمارات المشرف وإسنادها للبحرين إبان أزمة 2011، والمملكة اليوم تستعد لرد الجميل بإعلان اليوم الإماراتي «يوماً أبيض».
المصير المشترك
وترتبط البحرين بالإمارات بروابط النسب والمصاهرة والمحبة والدم الواحد والمصير المشترك، وكان صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، قال في وقت سابق إن العلاقات بين البلدين والشعبين لها خصوصية تتأكد يوماً بعد آخر.
وأكد رئيس الوزراء في لقاء سابق مع وزير الخارجية الإماراتي سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، أن العلاقات بين البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، تاريخية تمتد جذورها إلى عقود طويلة أسسها الآباء والأجداد، وترعاها وتسهم في تطورها الثوابت والرؤى المشتركة بين البلدين، لافتاً إلى أنها علاقات يعززها على الدوام صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وأخوه رئيس دولة الإمارات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وقال سموه «البحرين تنظر بإعجاب إلى النهضة والتطور اللذين تشهدهما دولة الإمارات العربية المتحدة إكمالاً لمسيرة تنموية بدأها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وما وصلت إليه اليوم من تطور ملحوظ على جميع الصعد».
من جانبه، قال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء خلال اللقاء، إن علاقات مميزة تربط بين عاهل البلاد المفدى وأخيه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
من منظور رسمي
وقع البلدان عدة مذكرات تفاهم في مجالات متعددة، بينها مذكرة للاعتراف بالشهادات الأهلية بين المؤسسة العامة لموانئ البحرين والهيئة الوطنية الإماراتية للمواصلات، والتعاون والتنسيق في مجالات البيئة والموارد البحرية والحياة الفطرية، وتوقيع برنامج تنفيذي في المجال التربوي والتعليمي للأعوام 2010 ـ 2012.
وكان البلدان شكلا لجنة عليا مشتركة للتعاون بينهم 4 أبريل 2000، وعقدت اللجنة دورتها السادسة في البحرين واختتمت بتوقيع عدة مذكرات تفاهم، بينها مذكرة تفاهم للاعتراف بالشهادات الأهلية بين المؤسسة العامة للموانئ البحرية في البحرين والهيئة الوطنية للمواصلات الإماراتية، وأخرى بشأن التعاون والتنسيق في مجالات البيئة والموارد البحرية والحياة الفطرية بين الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية ووزارة البيئة والمياه بالإمارات العربية المتحدة، وتوقيع البرنامج التنفيذي في المجال التربوي والتعليمي للأعوام 2010 - 2012.
واتفق البلدان على دراسة مشاريع مذكرات التفاهم في مجال حماية المستهلك، والاتجار في الأحجار ذات القيمة والمعادن الثمينة ودمغها تحضيراً لتوقيعها في أقرب فرصة ممكنة، واتفقا على تفعيل مجلس رجال الأعمال المشترك وتكثيف الزيارات بين الوفود التجارية وأعضاء غرف التجارة والصناعة وممثلي الشركات وقطاعات التسويق، بهدف التعرف على فرص الاستثمار المتاحة في البلدين.
وأشاد الجانبان بالتعاون المستمر والمثمر في مجال الطاقة والمتمثل بمشاركة شركة «مبادلة» بالإمارات، في مشروع تطوير حقل البحرين، ومذكرة التفاهم الموقعة بين الهيئة الوطنية للنفط والغاز وشركة «مصدر» بالإمارات العربية المتحدة. وعرض الجانب البحريني خلال أعمال الدورة السادسة، عدة مشروعات تنوي هيئة الكهرباء والماء تنفيذها، في مجال تطوير شبكة نقل الطاقة والمياه، والدراسات الاستشارية في مجال تطوير النظام الكهربائي واستخدام الطاقات المتجددة، ومشاريع الإسكان الحكومية، فيما أبدى الجانب الإماراتي رغبته في الاستثمار بهذا المجال.
واتفق الجانبان على زيادة عدد المنح الدراسية لطلبة البحرين في الجامعات الإماراتية.
التبادل التجاري
شهد حجم المبادلات التجارية غير النفطية بين البلدين الشقيقين ارتفاعاً هائلاً من 246 مليون دولار أمريكي عام 2000 إلى نحو 2،47 مليار دولار في 2009، منها 618 مليوناً صادرات بحرينية. وتبلغ قيمة القروض والمنح والاستثمارات الإماراتية في البحرين 13 مشروعاً تزيد قيمتها عن 319 مليون دولار.
ويسهم البلدان بالتعاون ليس على المستوى المحلي وإنما الغربي أيضاً، حيث أعلنت الهيئة الوطنية للنفط والغاز وشركة «أوكسيدنتال بتروليم كوربوريشن» الأمريكية وشركة «مبادلة» للتطوير الإماراتية 20 نوفمبر الحالي، عن تأسيس شركة تحمل اسم شركة «تطوير البترولية» لتطوير وتنمية حقل البحرين.
ومن المقرر أن تعمل الشركة بموجب اتفاقية التطوير وتقاسم الإنتاج الموقعة بين الشركاء الثلاثة أبريل الماضي، وبعد أن صادق عليها جلالة الملك المفدى.
السياحة التبادلية
وبلغ إجمالي أعداد السياح الإماراتيين القادمين إلى المملكة العام الماضي نحو 15 ألف زائر، وكانت شركة «طيران الخليج» قالت في وقت سابق إنها تسير نحو 11 رحلة طيران يومية إلى الإمارات.
وفي تصريح سابق للمدير التنفيذي لقطاع سياحة الأعمال في دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي حمد بن مجرن، أكد أن دبي تستهدف استقطاب حوالي 475 ألف سائح من البحرين بحلول عام 2015. وقال في مؤتمر صحافي إن دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي، تسعى إلى توثيق علاقات التعاون مع موانئ منطقة الخليج والشرق الأوسط لتطوير قطاع السياحة البحرية في المنطقة بما يسهم في زيادة عدد السياح البحرينيين القادمين عبر موانئ المنطقة.