كتب – وليد صبري:
حولت الرؤية الثاقبة والاستراتيجية الاقتصادية لقادة الإمارات العربية المتحدة، دبي التي تعد ثاني أكبر الإمارات بالدولة، من مجرد ميناء هادئ وصغير على ساحل الخليج تحت الشمس الحارقة، في خمسينيات القرن الماضي، إلى القلب النابض للاقتصاد والاستثمار في الشرق الأوسط، ومركز إقليمي للنقل والسياحة والتجارة والخدمات المالية، فيما يسعى حكام البلاد إلى جعل دبي أن تصبح مركزاً للتمويل الإسلامي. ويصنف الخبراء دبي على أنها العاصمة الاقتصادية للإمارات، وقد تطورت تطوراً كبيراً خلال السنوات الماضية، وبلاشك فإن الاقتصاد الحر والنشط في الإمارة وعدم وجود نظام ضريبي لعب دوراً كبيراً في جذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم، وتتميز الإمارة بأن دخلها الاقتصادي لا يعتمد على الإيرادات النفطية بشكل أساس على عكس باقي دول الخليج العربي حيث يعتمد اقتصاد الإمارة على التجارة والعقارات والخدمات المالية وأيضاً على السياحة، والنفط والغاز يشكلان 6% من إجمالي الاقتصاد. وجلبت النهضة الاقتصادية والعمرانية الكبيرة التي في دبي شهرة عالمية للإمارة لتحتل مكانة مرموقة عالمياً. وتحتضن الإمارة أكبر مطار وأكبر ميناء في المنطقة وتقوم ببناء مطار جديد هو مطار آل مكتوم والذي يفترض أن يصبح الأكبر في العالم مع قدرة استيعابية تصل إلى 160 مليون مسافر في السنة.
كما تحتضن على أرضها أعلى برج في العالم هو برج خليفة وعددا من أفخم المراكز التجارية والجزر الصناعية، وتستقطب نحو 10 ملايين سائح في السنة. ومنتصف نوفمبر الماضي، انطلق معرض دبي للطيران بزخم كبير مع تقدم شركات الطيران الخليجية بطلبيات ضخمة والتزامات لشراء مئات الطائرات من صانعي الطيران الأمريكي «بوينغ» والأوروبي «ايرباص»، بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 140 مليار دولار. وأعلنت شركة طيران الإمارات التابعة لإمارة دبي، وهي الأكبر بين شركات الطيران في الشرق الأوسط، طلبيتين ضخمتين لشراء 150 طائرة بوينغ 777 اكس و50 طائرة ايرباص ايه 350 العملاقة. وذكرت بوينغ أن الطلبيات القادمة من طيران الإمارات هي «التزامات» وقيمتها 55.6 مليار دولار فيما ترتفع قيمة الطائرات إلى 76 مليار دولار مع احتساب قيمة المحركات. أما قيمة الصفقة مع إيرباص فتبلغ 20 مليار دولار. وأعلن الطلبيتين رئيس الشركة الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم في اليوم الأول من معرض دبي.
وقبل أيام استضافت الإماراة القمة العالمية للتمويل الإسلامي وشارك فيها ما يزيد على 2000 مسؤول ورجل أعمال ومستهلك من أنحاء العالم. واعلن نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خططاً لتحويل الإمارة إلى مركز للتمويل الإسلامي. وذكر الرئيس التنفيذي لغرفة دبي للتجارة والصناعة حماد بوعميم أن «الإمارة ترى فرصة سانحة في هذا القطاع».
وقال بوعميم «إذا نظرنا إلى اقتصاد إسلامي ما في مدينة أو دولة نستطيع أن نقول إنه هي فعلا المركز الاقتصادي الإسلامي، ودبي تطمح إلى هذا الشي، وهناك مجموعة مبادرات تغطي جميع المحاور الرئيسة سواء الجانب المالي أو جانب التأمين أو جانب صناعة الحلال أو السياحة، وغيرها من الموضوعات التي نتوقع أن تساهم في دعم مكانة دبي أن ترتقي أكثر وتكون عاصمة الاقتصاد الإسلامي». وتبذل دبي أول جهد منظم في العالم للاستفادة من قطاع السلع والخدمات «الحلال» أو المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بوضع معايير دولية تنظم القطاع ومنح شهادات اعتماد للجهات المتوافقة مع تلك المعايير.
وآخر الإنجازات التي حققتها الإمارات فوز دبي باستضافة معرض «اكسبو 2020» في ختام 3 دورات من التصويت شارك فيها مندوبو المكتب الدولي للمعارض في اجتماع عقد في باريس. وبعيد إعلان فوز دبي، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «نجدد وعدنا بإبهار العالم في 2020. إن دبي ستحقق رؤيتنا: تواصل العقول وصنع المستقبل». وأضاف الشيخ محمد «هدفنا هو بناء مستقبل أفضل لشباب المنطقة، الإمارات ستحقق ذلك من خلال التعاون»، مؤكداً أن «استضافة الإمارات للمعرض الذي يقام مرة كل 5 سنوات «سيعيد إلى الحياة الدور القديم للشرق الأوسط كنقطة التقاء للثقافات وللإبداع».
وقالت وزيرة الدولة الإماراتية ريم الهاشمي المسؤولة عن ملف الترشيح «حصولنا على شرف استضافة المعرض، سيشكل ذلك سابقة للعالم العربي، وكذلك لأفريقيا وجنوب آسيا». وقدرت ريم الهاشمي كلفة بناء المجمع الخاص باستضافة المعرض بنحو 6.5 مليارات يورو. وسيقام في منطقة جبل علي جنوب إمارة دبي، على مقربة من إمارة أبوظبي.
وتوقعت دبي أن تبلغ استثماراتها المباشرة في اكسبو 2020 نحو 6.8 مليار دولار على أن يستقطب الحدث العالمي 25 مليون زائر وأن يساهم في خلق نحو 280 ألف وظيفة، وسيكون لهذا الأمر تأثيراته الإيجابية على العديد من الدول في الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية وجنوب آسيا. أما العائدات المتوقعة فهي بحدود 38 مليار دولار ستضاف إلى إجمالي الناتج المحلي لدبي، وتمثل هذه الإضافة ما يوازي 44% من الناتج المحلي للإمارة في 2012.
وتبلغ مساحة الموقع الذي اختير لبناء منشآت المعرض عليه نحو 438 هكتاراً، وهو على مسافة متساوية بين مطاري دبي وأبوظبي عاصمة الإمارات. وقالت كبيرة المحللين الاقتصاديين في بنك «اي اف جي هيرميس اميريتس» للاستثمار مونيكا مالك إن «نجاح ملف دبي لاستضافة الاكسبو يفترض أن يلعب دور الشرارة التي ستحفز مزيداً من النمو في الاستثمار في دبي، بما يؤدي إلى تعزيز قدرة الاقتصاد ككل». وبحسب مالك، فإن نمو اقتصاد الإمارة يفترض أن يكون بين 5.5% و6% في 2014 مقارنة بـ 4.9% في 2013.