كتب مهند أبو زيتون:
يبدو أن الجمعيات الخمس لم تشأ إعلان انسحابها بوضوح من الحوار السياسي القائم، فاختارت تخريجة تقيها إحراجاً دولياً، خصوصاً بعد دعوات الأطراف الفاعلة دولياً إلى التعامل بإيجابية مع الحوار. وفي حين اتخذت التخريجة اسم «مبادرة» لم تحوِ ما يشير إلى اسمها، إذ كررت الجمعيات شروطها السابقة بالتركيز على أجواء التمهيد للحوار، وكأنها تعود إلى ما قبل 9 أشهر. الأمر الذي رأى فيه تجمع الوحدة الوطنية وجمعيتا «الأصالة» و«المنبر» خطاباً موجهاً للخارج وعودة لنقطة الصفر.
وتشير الوقائع إلى أنه لم يعد للجمعيات الخمس «أنياب» تستطيع أن تفرض بها شروطاً خارج إطار التوافق وتحت طاولة الحوار، وبشكل يتيح لها تجاهل مؤسسات الدولة القائمة، فلا استدعاء التدخل الخارجي يبدو مجدياً في ظل متغيرات كبرى بالمنطقة، ولا استخدام ورقة الحريق في الشارع قادر على أن يحرق غير أصابعها، ولا حوامل سياسية تمكنها من اللعب خارج إطار معركة لفظية تخوضها بتكتيكات مثل «مبادرة» بدل «انسحاب»، وحوار «ذي مغزى» اللفظ المستل من دهاليز أدوات الضغط الخارجية، و«استفتاء» على اتفاق نهائي يتجاهل ميثاقاً وطنياً أقر بإجماع شعبي وبرلمان يعبر عن غالبية النصف زائداً واحد في أقل التقديرات، ودستوراً قائماً جرى تعديله في 2012 بإرادة طاولة الحوار نفسها.
وبينما يعتبر المنخرطون في مؤسسات الدولة كل هذه «المرتكزات» مشروعاً قائماً للدولة، افتقدت «مبادرة» الخمس إلى مشروع يخرجها من أزمة وقعت فيها منذ انسحابها من المؤسسات أولاً والحوار أخيراً، خصوصاً بعد فشل الرهان على تعميم «الأزمة» لتشمل الدولة.
منذ تفويت «الوفاق» فرصة الحوار في فبراير 2011، تبدو كمن يلحق بالجزرة بعد أن يدرك متأخراً أنها جزرة، فهل تضيع الجزرة الأخيرة؟!