كتبت - مروة العسيري:
أقر مجلس الشورى أمس، الحساب الختامي لاحتياطي الأجيال القادمة للسنة المالية 2011، بعد تدقيقه من قبل ديوان الرقابة المالية والإدارية، بما يخالف رأي مجلس النواب الرافض لتمرير هذا الحساب.
ورغم احتجاج شوريين على غياب وزير المالية عن الجلسة، إلا أن المجلس توافق على إقرار الحساب الختامي «تماشياً مع توصيات اللجنة المالية بالمجلس التي أكدت ضرورة استثمار أموال احتياطي الأجيال القادمة من أجل انتفاع الأجيال القادمة من الثروات المتاحة، إضافة إلى سد احتياجات المستقبل، في ظل محدودية الموارد الطبيعية في المملكة». وانتقد رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية خالد المسقطي، غياب وزير المالية عن الجلسة، خاصة أن «الحساب رفضه مجلس النواب، وهناك كثير من الأسئلة، يتوجب أن يجيب عنها صاحب الشأن مباشرة».
وركز الشوريون في معرض أسئلتهم لممثل وزارة المالية على استفسارات حول «قيمة ما يدخل كمعدل يومي من الإيراد المستقطع من البراميل النفطية المصدرة للخارج»، فيما كانت إجابات ممثل الوزارة مقتضبة جداً. وأشارت اللجنة الشورية في تقريرها إلى أن «البيانات المالية تظهر بصورة عادلة، من كل الجوانب الجوهرية المركز المالي لاحتياطي الأجيال القادمة كما في 31 ديسمبر 2011 ونتائج عملياته المالية والتدفقات النقدية للسنة المالية المنتهية بذلك التاريخ وذلك وفقًا لمتطلبات المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية»،
إلا أن النائب الأول لرئيس المجلس العضو جمال فخرو كانت لديه تحفظات عديدة أبرزها «طريقة استثمار الأموال الموجودة في هذا الحساب» إذ قال فخرو إن «مبلغ 200 مليون دينار ليس قليلاً حتى يستثمر فقط عن طريق إيداعه كودائع قصيرة الأجل وعلى فوائد بسيطة خوفاً من المخاطرة كما يعلل القائمون على الصندوق في ملاحظاتهم».
وأشار فخرو إلى أن «احتياطي الأجيال يجب أن يستثمر ليزيد ليستوعب ويحقق الأهداف التي أنشئ على أساسها»، مستغرباً أن «الصندوق خلال خمس سنوات حقق فقط أرباحاً قدرها 13 مليوناً».
وتوافقت العضو دلال الزايد مع ما ذهب إليه زميلها، إذ قالت إن «جميع سياسات الدول تقوم على أساس احتساب احتياطي للأجيال القادمة عن طريق إيجاد مصدر للإيراد واقتطاع جزء منه»، مؤكدة «أن الودائع التي وضعت لاستثمار هذه المبالغ التي يجب أن تزيد بشكل مدروس لا تفي بالطموح المرجو منها».
وطالبت الزايد أن «يستمر عمل لجنتي المالية في كل من المجلسين النواب والشورى إلى أن يتم الأخذ بجميع الملاحظات من البرلمان البحريني لإيجاد حلول جذرية لهذا الصدوق والحساب، وأن لا يتم الاكتفاء فقط بنشر هذه الملاحظات في الجريدة الرسمية»، مؤكدة أن جميع هذه الملاحظات جاءت بعد دراسة يمكن للحكومة الاستفادة منها عبر استثمارها». ولم يكن العضو د.عبدالعزيز أبل بمنأى عن زميليه حين قال إن «الطريقة التي يعتمدها الصندوق مع حساب احتياطي الأجيال لا تفيد أحداً سوى البنوك التجارية التي يتم إيداع المبالغ فيها»، مشيراً إلى أن «الهدف ليس إفادة جهات أخرى وإنما الهدف هو استثمار مبلغ الاحتياطي ليزيد، لذلك وجب أن يتم التعامل مع بنوك استثمارية كبيرة وتعطي نسب فوائد أكبر أو إيداع المبالغ مع شركات لإدارة الأموال ويوجد الكثير منها في البحرين».
وأضاف أن «أي نوع من هذه التعاملات لابد أن تتم عن طريق إدارة صحيحة وذات خبرة يتم توظيفها في هذا الصندوق»، فيما قال العضو نوار المحمود إن «هناك تفاقماً بالدين العام من جهة ومن جهة أخرى نريد زيادة احتياطي الأجيال القادمة ما يجعلنا نفكر بشكل أعمق بضرورة إيجاد جهة استثمارية تراجع هذه السياسة المالية التي تتبعها وزارة المالية».
من جهته، تساءل العضو محمد الستري « ما هي المبالغ التي تدخل للحساب الاحتياطي كمعدل يوميي بسبب النفط المصدر للخارج في العام 2011؟، فلم ترفق هذه الأرقام بتقرير اللجنة وبمرئيات الجهات المسؤولة»، فيما عرج عضو اللجنة السيد حبيب هاشم على ما طرحه زملاؤه مبيناً أن «جميع الاستفسارات تم بالفعل طرحها أثناء عمل اللجنة إلا أن وزارة المالية وممثليها لم يجيبوا عن هذه الأسئلة واكتفوا بالإجابة عن الهيكل التنظيمي وعن اتفاقهم وتنسيقهم مع ديوان الخدمة المدنية لإيجاد موظفين يديرون هذا الصندوق»، منتقداً تقرير النواب «الرافض للمشروع من دون تضمين الأسباب».
وخلص رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى العضو خالد المسقطي «إن آراء وملاحظات الأعضاء جميعها مشتركة مع توصيات وملاحظات اللجنة بشأن التقرير، ولكن نحن بالتدقيق نعتمد السياسة التي يقوم عليها ديوان الرقابة المالية وبقوانينه للتدقيق في أي بيانات مالية، وبحسب هذه البيانات لا يوجد ما يثير الريبة في موضوع الحسابات، إلا أن المثير للجدل ويستحق الوقوف عنده هو كيفية استثمار الأموال في هذا الحساب بطريقة تعود بالنفع الأكبر».
بدوره أعرب رئيس المجلس علي الصالح عن تخوفه من «كيفية الحصول على استثمار آمن مع الحفاظ على القيمة الشرائية لهذا الاحتياطي»، موضحاً أن «التضخم الحاصل في المردود الذي يدخل من احتياطي الأجيال تحول من 1% إلى 3% وقد يصل إلى 5% ما ينبئ بأن القيمة الشرائية لهذا الصندوق بعد 20 سنة لن تستطيع القيام بدورها ولن تستطيع أن تؤمن تغطية آنية ومستعجلة».
واكتفى ممثل وزارة المالية بالإجابة على تساؤلات الأعضاء بالتأكيد أن «احتياطي الأجيال القادمة تشكل في 2006 بمرسوم بقانون مع مواد بناء مجلس هذا الصندوق إلا أنه في العام 2012 تم الاتفاق مع ديوان الخدمة المدنية على تخطيط الهيكل التنظيمي لهذا الصندوق، كما إن الأزمة الاقتصادية لم تستطع التأثير على هذا الصندوق وظل محافظاً على رأس المال».
وانتقد رئيس اللجنة خالد المسقطي عدم تعاون وزير المالية مع مجلس الشورى، إذ قال إنه «كان يتوجب على الوزير حضوره شخصياً لهذه الجلسة من باب التعاون ومن باب أهمية الموضوع، فكما يعلم الجميع أن مجلس النواب رفض هذا الحساب بالرغم من توصية لجنته بإقراره، إضافة إلى أن هناك أسئلة توجه للوزارة من دون إيجاد إجابات عليها».