كتب - الحسن طاهر صالح:
لم تعد النظرة للأعسر اليوم كشأنها بالأمس، سواء من ناحية اعتباره نادراً، أو وصمه بالذكاء. فالأعسر شأنه شأن الإنسان الطبيعي، وحتى لو صادفته مشكلات ما فإنها لا تشكل هماً حقيقاً يوجب الحل!.
يؤكد طالب إعلام بجامعة البحرين محمد القاسمي أنه ومنذ طفولته كان يجد صعوبات في تقبل الجمهور العام باعتباره نادراً، لكن مع السنين أصبح لديه شعور أن هناك عدداً مقبولاً من الناس الذين يكتبون باليد اليسرى، وأنهم يندمجون، مضيفاً: أتعامل إيجابياً مع الأدوات ولا أشعر بأي خلل أثناء استخدامها.
وتبين طالبة إعلام بجامعة البحرين خولة الحسن أن بعض المعلمات يجبرن الطلبة على الكتابة باليد اليمنى لأن هذا هو المتعارف عليه، مما يجعل الطفل يشعر بالنقص والخلل، لافتة إلى أن ذلك يجعله متميزاً.
وتضيف: بسبب سيطرة الجزء الأيمن من الدماغ تكون طريقة التفكير مختلفة وإبداعية، وشخصياً أشعر أني أبدع من ناحية الجوانب الفنية كالرسم والتصوير والتصميم أكثر من النواحي الأخرى كعلوم الرياضيات وغيرها».
وتشير طالبة إعلام شريفة السيادي إلى شقيقها وشقيقتها الذين لديهما صعوبة في استخدام بعض الأدوات خصوصاً الحادة منها كالمقص والسكين، مردفة أن قبضتهم تكون مصممة لأصحاب اليد اليمنى ويمكن أن تسبب هذه الأدوات خطورة وأذى إذا تم استعمالها بطريقة عكسية.
بدوره يوضح أستاذ القانون الدولي لحقوق الإنسان بجامعة البحرين علي المصراتي أن هناك نوعين من الذين يستخدمون اليد اليسرى، الذين ولدوا خلقة وجرت العادة لديهم باستخدام اليد اليسرى ويعتبر هؤلاء من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث إنه يجب مراعاتهم والاهتمام بهم وتوفير مكان ملائم للجلوس، وتوفير أدوات استخدام معينة وهذا النوع الغالب، والذين يولدون وهم يعتمدون على استخدام اليد اليمنى بشكل طبيعي، لكن بعد فترة زمنية يصاب بحادث أو مرض يؤدي به إلى اضطرار استخدام اليد اليسرى، وتصنف هذه الحالة ضمن الإعاقات المتأخرة ويحتاج المصاب فيها لعناية خاصة وإعادة تأهيل وتدريب على استخدام اليد اليسرى.
ويضيف المصراتي أن هناك ما يجمع بين هاتين الحالتين وهو قانون 47، الذي يقول إن «الشخص الذي يعاني من نقص في بعض قدراته الجسدية أو الحسية أو الذهنية نتيجة مرض أو حادث أو بسبب خلقي أو عامل وراثي أدى إلى عجزه كلياً أو جزئياً على العمل أو الاستمرار به وأضعف قدرته على القيام بإحدى الوظائف الأساسية الأخرى في الحياة يحتاج للرعاية أو التأهيل من أجل دمجه أو إعادة دمجه في المجتمع»، لافتاً إلى أن جامعة البحرين تتعامل مع الإعاقة الحركية والبصرية وغيرها وتوفر لهم الخدمات وسهولة التنقل بين المباني والمرفقات، لكن على ما يبدو أن الانتباه لاحتياجات هؤلاء تنقص وأنه من الضروري الالتفات إليهم، فهذا يعتبر واجباً يقع على عاتق الجامعة لأن هذا النوع من الطلاب يحتاج إلى اهتمام وانتباه خاص، وذلك من خلال جعل بند في بيانات الجامعة يدل على أن هذا الطالب أعسر، ليتم توفير كرسي مريح له أثناء جلوسه في الامتحان ليحله بشكل سهل وميسر.
من جانبه يؤكد أستاذ علم النفس والإحصاء والقياس بجامعة البحرين أحمد جلال أن نسبة الذين يستخدمون اليد اليسرى لا تزيد عن 10% في العالم، مشيراً إلى أن الموضوع له علاقة بسببين إما بسبب عامل وراثي، أو بعلاقة تحكم جزئي المخ الأيمن المتحكم بالعمليات الوجدانية والتعبيرية كالفنون والآداب والموسيقى، نافياً مقولة البعض بأن الذين يستخدمون اليد اليسرى يتميزون بالذكاء والعبقرية والطفرة.
ويرى مدرب الفنون القتالية عبدالله الدوي أن العسراويين غالباً ما يتميزون بألعاب الفنون القتالية عن نظائرهم الذين يستخدمون اليد اليمنى، فهم يمتازون بالثبات والسرعة والسيطرة وأنهم أقدر على المواجهة.
أما رئيس جامعة البحرين د.إبراهيم جناحي فينفي إجراء الجامعة إحصائية تدل على عدد الطلاب الذين يكتبون باليد اليسرى، لكنه أكد أنه سيبحث الموضوع.
فيما أكد رئيس التسجيل بالجامعة نبيل البلوشي، أنه لم يتم التأكد بعد عن توافر خانة خاصة باستخدام اليد اليسرى في البيانات الخاصة بالطالب. كذلك ذكرت المرشدة الاجتماعية لكلية الآداب بجامعة البحرين وفاء أن الجامعة تقدم خدماتها عن طريق عمل ركن لهم في الكلية، مشيرة إلى أن المجال مفتوح لأي طالب يحتاج للمساعدة، وبمقدوره التوجه إليهم وسؤالهم، لكن لا يوجد ركن أو شيء خاص لمساعدة هذه الفئة.