كتب - اسماعيل الحجي:
بعد نصف قرن قضاها يشاكس قادة مصر وزعمائها وكبار فنانيها، لملم «الفاجومي» شاعر العامية الكبير آخر أوراقه ورحل، وقبلها مرر قلمه اللاذع على جمال عبدالناصر وأنور السادات وأم كلثوم والرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون.
شحذ الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم لسانه لنقد الظواهر السلبية في مجتمعه، وسيرته تحفل بالمواقف والطرائف، فإبان سجنه فوجئ بالأمن المصري يداهم زنزانته، وحينها اعترف أنه يحمل قطعة حشيش بجيوبه، فسخروا منه وقالوا إنهم يبحثون عن قلمه!
شكل نجم مع المطرب إمام عيسى ثنائياً مزعجاً للسلطات المصرية، أودت بهما في غياهب السجون إبان حكم عبدالناصر ثم السادات، وكانت أولى قصائده تسخر من عبدالناصر بعد احتلال سيناء ويقول فيها «يا أهل مصر المحمية بالحرامية.. الفول كتير والطعمية والبر عمار»، قبل أن يرثيه بقصيدة عند وفاته.
ويصف السادات بقصيدة أخرى باسم «شحاته المعسل»، وفيها يقول «نقدم إليكم ولا تقرفوش/ شحاته المعسل بدون الرتوش/ يفضل يهلفط ولا تفهموش». وفي عام 1974 استقبل نجم خبر وصول الرئيس نيكسون إلى مصر بقصيدة قال في سطورها «شرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الووترجيت/ عملوا لك قيمة وسيما سلاطين الفول والزيت».
عاد نجم إلى مشاغباته في نهاية حكم الرئيس حسني مبارك بقصائد ساخرة منها «ألف سلامة لظهر سيادتك»، وشارك في الانتفاضة الشعبية ضد حكم مبارك يناير 2011، ثم كان من أشد المعارضين لحكم الرئيس المعزول محمد مرسي. المجموعة العربية لمكافحة الفقر اختارت نجم سفيراً لفقراء العالم إلى جانب الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، وأعلن نجم حينها أنه سيشكل حكومة عالمية من وزرائها المسيح عليه السلام وعلي بن أبي طالب وأبو ذر الغفاري.
بعد رحلة طالت 84 عاماً وصل «الفاجومي» الشاطئ الأخير، وضع قلمه جانباً وصمت لأول مرة وأسبل جفنيه إلى الأبد.