كتب – أحمد الجناحي:
بعد عرضين مسرحيين لمملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة ضمن مهرجان الخليج المسرحي الثالث لذوي الإعاقة، خطف العرض السعودي «الحبل» الأضواء عن ذوي الإعاقـــة، إلى الأصحاء الذين أدوا أدوار المسرحية.
عرض الوفد السعودي، أمس الأول مسرحيته بعنـــوان «الحبـــل» من تأليــف وإخراج خالــد خميس، تدور أحداثها حول قرية يسكنها أهلها منذ مئات السنين، كانت ولازالت تعتمد في داخلها على الصناعات والحرف اليدوية القديمة، يسمع من جانبها صوت النهام الذي يستعد لبدء رحلة جديدة ومغامرة خطيرة عبر عرض البحر، إلى جانب مجموعة من الأطفال تلف المكان بأهازيجهم الشعبية وألعابهم البسيطة، وفي سوق القرية الذي يحتوي على بضائع مختلفة ويعج بالساكنين والبائعين والقوافل نظراً لموقع القرية الجغرافي المهم، تصبح القرية على حبر ممدود في وسطها قادماً من الخارج، حبل ذو شكل غريب وطول عجيب، حتى تنقسم القرية بين مستغرب وخائف!!، ومستثمر، والبعض لم يراع للحبل أي بال، هذا الانقسام كون أثراً كبيراً على القرية كلها.
بهـــذه القصـــة وباستخـــدام اللغــة العربيــة الفصحـــى في الحوارات حاول المخرج معالجـــه كثير من عادات المجتمع ابتداءً من الانفتاح والانغلاق وانتهاءً الإشاعات والعدل والمنطق النابعين من الصدق، لم يكن الحبل العنصر الأساسي للمسرحية لوحدة، فالممثلون من ذوي الإعاقة كانت لهم بصمة في العرض وإن لم يستخدم المخرج كل الطاقات الموجودة على الخشبة في التمثيل واكتفى باختيار جزء بسيط منهم ليقوم بأدوار مهمة والبعض الآخر كانوا كجزء من الخلفية، ألا أنه تلك الفئة أثبتـــت أنها قادرة على العطاء والإبداع رغـــم كـــل الظروف، وأعدت رسالة صرحية مفادهـــا أن التمثيل لايعرف سليماً أو معاقاً، التمثيل لايعرف سوى كلمة ممثل.
مؤلـــف مسرحيـة «باب البراحة» مرعي الحليان أكد أهمية نص مسرحية الحبل، «موضوع النص مهم جداً بغض النظر عن أسلـــوب المعالجة في النص، قضية ضياع الإنسان الخليجي بين الانفتاح الحضاري والانكفاء علـــى الذات بدعوى المحافظة على الأصالـــة هم خليجي وصل لغاية المرض، الشخصية الخليجية أصبحت منشطرة في هذا الوقت مابين أنها تستسلم لريح التغيير ولهجمة الثقافات، أو أن توازن بين هذا وبين المحافظة على الأصالة وهو هم وطرح سيبقى لسنوات، أنا أحيي الكاتب على تناوله الموضوع، ولكـــن يبقى السؤال على ماعمل عليه في الإخراج، هناك تساؤلات كثيرة حول دواعي الحركة على المسح على اليمين وتوزيع الممثلين في الأداء، ومشاهد تجري وضعت بمؤخرة الخشبة ومشاهد متصلة كانت في الأمام، إلى جانب توزيع الممثلين الذين حجبت عنهم الرؤية في بعض الزوايا».
ورأى الحليان أنه كانت هناك مشكلة في الإخراج، حيث كان من المفترض إعداد وتنسق ذلك بشكل جدي أكثر، مردفاً: الأمر الآخر، ماكان يجب الخلط بطريقة غير محترفة اللهجة العامية الدارجة باللغة العربية الفصحى، حتى لوتنازلنا لإشباع رغبة الجمهور، لايمكن اللعب في منطقة اللهجة المحلية على حساب اللغة العربية الفصحى بهذا الأسلوب، خصوصاً وأن اللغة العربية لم تكن متقنه، فلا يجب المغامرة على دمج كلمات بالعامية لإضحاك الجمهور، المفارقة بين خطاب الفكرة وخطاب الأداء كان واضح، يجب على الأداء أن يرتقي لخطاب النص، أتمنى التأكيد على هذه النقطة، لأن العمل يحمل فكرة ويحمل هماً يجب الاعتناء فيه.
وأشار إلى أن هناك توزيعاً ظالماً لذوي الإعاقة على خشبة المسرح، «هناك توزيع ظالــم لذوي الإعاقة على خشبة المسرح، المهرجان مهرجانهم ولابد أن يكونوا في المقدمة، اعتمد المخرج على عدد من الممثلين الأصحــاء وقليل من ذوي الإعاقة في الأدوار، وكان يجب الموازنة، ويفترض عدم ظلم المعاقين في مهرجانهم وإعطائهم أدواراً أساسية».
من جانبه عبر المخرج الإماراتي مروان عبدالله عن سعادته بتطور الأعمال السعودية مقارنة بالأعمال السابقة، مضيفاً: جهد مبذول وتطور العمل السعودي مقارنة بالأعمال السابقة، واتجاه صحيح بوجود كمية من الممثلين المتميزين.
وتابع: إن كل عرض رغم تميزه لابد وأن يحمل هفوات، وبرأيي وجود العدد الكبير من الممثلين من ذوي الإعاقة على الخشبة دون الاستفادة منهم ووضعهم في أدوار ثانوية بسيطة والمهرجان مهرجانهم أمر كان من الممكن تفاديه وعدم استغلالهم من أجل فقط الالتزام بقوانين المهرجان.
وبين عبدالله أن الهفوات اللغوية باللغة العربية الفصحى متوقعة وليست بالخطأ الكبير خصوصاً وأن حتى كبار الفنانين يقعون بها نظراً لعدم استمرارية الأعمال الدرامية، مردفاً: في نص باب البراحة كتب النص بلهجة إماراتية شعبية بحتة، وفي الحوارات هذه تتوه لجان التحكيم إن كانت من منطقة مختلفة أو دولة عربية بعيدة عن الخليج العربي، وأنا شخصياً مع وضد استخدام اللغة العربية، مع عرض الهوية الشعبية المتكاملة وضد التقيد بالزي الشعبي والكلام الفصيح، ومع المحافظة على اللغة العربية الفصحى، وكلها تجارب ونأخذ الخبرة منها، والقادم أفضل.
من جهته قال المخرج والفنان البحريني عادل جوهـــر: إن العرض السعودي تطرق للمســـرح المدرسي، وكان من الواضح أن هناك توجهاً من المخرج للمثلين لذلك وجدنا أن الممثلين لـــم يأخذوا راحتهم ولا مساحة على خشبـــة المسرح، العمل جميل يميل للمسرح المدرسي، واضح أن هناك مخرجاً يخرج العمل على عكس العمل البحريني المشارك بالمهرجان حيث كان التركيز على الراقصين أكثر من الممثلين أنفسهم، أخطاء اللغة العربية كانت واضحة كان من الممكن أن يعتمد المخرج على اللغة العامية مادام هناك أخطاء وعدم تمكن من اللغة العربية الفصحى.
وتســـاءل جوهــر عــن عـدم إعطاء ذوي الإعاقة مساحة أوسع للتمثيل رغم قدرتهم وتمكنهم من إعطاء المزيد على خشبة المسرح، مردفاً: تعاملت مع فئة ذوي الإعاقة في أعمال مسرحية واكتشفت أنهم قادرون على العطاء، ولكن أتساءل لماذا لم يعطوا الفرصة الكاملة في هذه الأعمال، أبسبب الخوف، أم أن الإنتاج يتدخل في الموضوع؟! هناك ممثلون أجانب مشهورون على مستوى العالم من ذوي الإعاقة أعطوا الفرصة وأبدعوا.
وشدد جوهر على ضرورة الاهتمام بالممثلين في أي عمل قبل الديكور والحركة، مشيراً إلى أن التمثيل لا يعرف سوى كلمة ممثل، ولا ينظر للشخص إن كان معاقاً أو سليماً.