قال صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء إنّ الأحداث الجارية في بلدان عربية أخرى دفعت البعض في البحرين إلى محاولة الاستفادة من هذه الأجواء، حيث اندلعت الأحداث المؤسفة دون أسباب موضوعية، فالبحرين تعيش خياراً ديمقراطياً وبرلمانياً متميزاً، معتبراً أن البحرين تواجه مؤامرة تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد بكافة الوسائل، منها العنف والإرهاب من خلال قتل رجال شرطة ووضع المتفجّرات وقطع الطرق بهدف ضرب الاقتصاد.ودعا صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، في حديث موسع مع مجلة فالور أكتوييل (Valeurs Actuelles) الأسبوعية الفرنسية المعروفة في عددها الأسبوعي الأخير، المنظمات والجهات التي توجّه الانتقادات لمملكة البحرين في الشأن الحقوقي، بأن توجه اهتمامها إلى الانتهاكات التي تقوم بها المجموعات الإرهابية التي تستغلّ الأطفال في ارتكاب أعمال العنف.وأكد مدى ارتباط عمليات العنف والإرهاب التي تشهدها البحرين في الفترة الأخيرة بأجندات طائفية تدعمها قوى خارجية.وأشار سموه إلى ما تعيشه البحرين من أجواء انفتاح وديمقراطية قائلاً: «إننا نعيش ديمقراطية تتمثل فيها كافة القوى السياسية في ظل وجود مجلس منتخَب يتمتّع بالسلطات التشريعية والرقابية وفقاً للدستور».هنا، لم يصل أثر الربيع العربيوتناول سموه العديد من القضايا المحلية والإقليمية والدولية، حيث اتسمت رؤية سموه بعمق التحليل ورصانة الطرح، مما يجسد الحنكة وبعد النظر الذي يتصف به سموه في التعامل مع مختلف الأمور.وأشارت المجلة في تقديمها للحديث إلى أن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء رجل قوي ضمن النظام في البحرين التي تعد إحدى أقدم دول الخليج والتي يناهز عدد سكانها الـ 1.3 مليون نسمة، وهي بلد تتميّز عادة بالهدوء إلا أنها تواجه منذ عام 2011 اضطرابات وتهديدات إرهابية.ونشرت المجلة صوراً لصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، أحدها وسموه يلوح بذراعيه للمواطنين في واحدة من الزيارات الميدانية العديدة التي يحرص سموه على القيام بها ضمن نهج سموه للتواصل المباشر مع المواطنين، وقد كتبت تحتها «الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة في شوارع المنامة.. هنا، لم يصل أثر الربيع العربي».ولقد تميز حديث صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء مع المجلة الفرنسية بأعلى درجات الصراحة والوضوح في تسمية الأشياء بمسمياتها، سواء عند تناول سموه للوضع الداخلي في البحرين ومدى ارتباط عمليات العنف والإرهاب التي تشهدها البحرين في الفترة الأخيرة بأجندات طائفية تدعمها قوى خارجية، أو حينما تطرق سموه إلى القضايا الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأوضاع في البحرين سياسياً واقتصادياً.فعلى الصعيد المحلي أكد سموه أن مملكة البحرين تتميز بأنها بلد هادئ ومنفتح على العالم، ومعروف عنها التسامح والتوافق بين كافة الأديان والإثنيات والطوائف التي تعيش في تلاحم اجتماعي فريد، يحظى فيه الجميع بالاحترام والتقدير.وأشار سموه إلى أن جهود مملكة البحرين في مجال مواجهة الإرهاب، بالتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لافتاً سموه إلى أن البرلمان بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الشورى قدم في يوليو الماضي توصيات إلى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خلية عاهل البلاد المفدى من أجل مكافحة الإرهاب الذي كلف الحكومة بتطبيقها، ومن ثم قامت الحكومة باتخاذ إجراءات تهدف إلى ضمان الأمن والاستقرار، وكانت النتائج إيجابية، وما تبقى من أعمال عنف وتخريب في بعض الأماكن فإنه يبقى على نطاق محدود.واهتم سموه في حديثه بتوضيح الصورة الحقيقية لواقع حقوق الإنسان في البحرين، إذ شدد سموه على أن مملكة البحرين دولة قانون تحترم حقوق الإنسان وتصر على حمايتها وتتعامل مع الملف الحقوقي بكل موضوعية وشفافية، وتقدّم كافة الضمانات القانونية للأشخاص المتقاضين.وأشار سموه إلى أن في البحرين مؤسسة لحقوق الإنسان تتبع مبادئ باريس المصادق عليها من قبل منظمة الأمم المتحدة وتعمل باستقلالية تامّة من أجل مراقبة كل ما يتعلّق بوضع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.خدمات توازي ما تقدّمه البلدان الأكثر تطوّراًوكان الشق الاقتصادي حاضراً في حديث سموه، حيث تناول مظاهر النمو الاقتصادي والاجتماعي المستمر الذي تشهده البحرين بفضل الأسس الاقتصادية المتينة التي تحظى بها والتي مكنها من تخطى الأزمة التي مرت بها بأقل قدر ممكن من الخسائر، ومكنتها أيضاً من الحفاظ على معدل نمو اقتصادي كان من ملامحه ارتفاع عدد الشركات والفروع والمؤسسات الدولية التي اتخذت من البحرين مقراً لها خلال الأشهر الأخيرة.وبين سموه أن الحكومة تقدّم للمواطنين خدمات توازي ما تقدّمه البلدان الأكثر تطوّراً في المجالات الصحية المجانية، والخدمات الاجتماعية، والخدمات التعليمية، والخدمات الإسكانية من خلال تقديم مساكن للمواطنين ذوي الدخل المحدود، إضافة إلى أن الحكومة لا تتقاضى أية ضرائب على الأفراد أو الشركات، إضافة إلى أن البحرين تتميز بالانفتاح الاقتصادي وتقدم مختلف التسهيلات المختلفة للمستثمرين ولديها مناخ جيد للأعمال وكفاءات بشرية عالية التدريب ونظام مالي ومصرفي فعّال.أما على صعيد علاقات المملكة الخارجية، ورؤية سموه للأوضاع الإقليمية في أعقاب انتخاب الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني وإمكانية أن يسهم ذلك في تغييّر المعطيات في المنطقة، أكد سموه أن همّ مملكة البحرين الأول هو إقامة علاقات طيّبة مع كافة البلدان على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخّل في شؤون البلدان الأخرى. وعرج سموه في الحديث إلى العلاقات البحرينية الفرنسية، حيث قال سموه إن «فرنسا هي تاريخياً بلد صديق، ونتشارك بالمواقف نفسها والمقاربة الاستراتيجية نفسها بشأن أوضاع إقليمية ودولية». وأعرب سموه عن تطلعه إلى أن تستمرّ فرنسا بتوطيد علاقاتها مع دول الخليج، خصوصاً مع البحرين بما في ذلك على المستوى الاقتصادي والاستثماري، مؤكداً سموه ترحيب البحرين الدائم بالشركات والسياح الفرنسيين.البحرين.. نهج سياسي معتدلونشر رئيس تحرير الشؤون الدولية بالمجلة فريديريك بونس مقالاً تحت عنوان «البحرين: أرخبيل استراتيجي»، أكد فيه أنّ البحرين هذه الدولة الصغيرة التي تربطها علاقات متميزة مع الولايات المتحدة والناتو وفرنسا هي مفتاح أمن منطقة الشرق الأوسط التي تشهد توترات قوية، وأنه تأكّد له من خلال الحديث مع سموه أن هناك العديد من المعطيات الدائمة لهذا البلد الصغير البالغة مساحته 711 كلم2، والذي يتميّز بكثافة سكانية منخفضة قدرها 1,3 مليون نسمة، من ضمنهم حوالى 54% من المقيمين الأجانب.وقال إن مملكة البحرين اعتمدت نهجاً سياسياً معتدلاً رغم التوترات الطائفية، وأنه منذ العام 2011 تتمتّع بنوع من الانفتاح السياسي يتمثل في حق التصويت والانتخاب وتسامح حقيقي لأصحاب الديانات، كما أنّ النظام الضريبي المشجّع والنمو البالغ 4% تقريباً جعلا من البحرين مركزاً مصرفياً مهماً يبرّر وجود العديد من الشركات الأجنبية. وأوضح فريديريك بونس أن البحرين بلد معروف بحضارة دلمون العريقة وبموقع صيد اللؤلؤ المدرج ضمن التراث العالمي لليونسكو وبحلبة سباق الفورمولا1، مشيراً إلى أن البحرين تمثل «حجر استراتيجي» ملتصق بالمملكة العربية السعودية وأنها تستعد لمرحلة «ما بعد البترول» من خلال توطيد أســس قاعدة مصرفية دولية قوية، وقد استطاعت أن تحقق مؤشراً مرتفعاً جداً في مجال التنمية البشرية. وأشار إلى أنّ فرنسا متواجدة في البحرين من خلال حجم تبادلات يبلغ حوالي مليار يورو (مع رصيد إيجابي بقيمة 184 مليون يورو)، وأنها اليوم تستعيد أنشطتها التي كانت قد تضاءلت منذ فبراير 2011. جدير بالذكر أن مجلة «فالور أكتوييل» (Valeurs actuelles) هي مجلة أسبوعية فرنسية معروفة، أسّسها ريمون بورجين (Raymond Bourgine) عام 1966، من خلال الاعتماد على مضمون المجلة الأسبوعية Finances التي كانت تتركّز بشكل أساس على معلومات خاصة بالبورصة، وهي تابعة لمجموعة Valmonde التي أصبحت اليوم ملكاً لـPierre Fabre مؤســس مجموعة مختبرات تحمل اسمه. وتتميز المجلة بأنها ذات طابع أكثر شمولاً وتعالج كافة المواضيع الاجتماعية، أما على المستوى السياسي فهي ذات توجّه يميني ونظرتها للشؤون الدولية تتميّز بنوع من السياسة المحافظة الليبرالية، ومنذ تأسيسها وحتى اليوم، عرفت المجلة تطوّرات عديدة. وقد باتت تصدر مئة ألف نسخة منذ 17 يناير 2013. وبعد ذلك، زادت مبيعاتها بنسبة 50% في حين كانت مجلات رئيسة أخرى تشهد ركوداً في الفترة نفسها.