أكد محللون سياسيون مشاركون بمنتدى حوار المنامة 2013 أن البحرين واصلت تميزها بتنظيم هذا الحدث العالمي الذي بات منبراً سياسياً يلفت أنظار العالم أجمع من صناع قرار وحكومات وقيادات عسكرية، إلى نموذج البحرين الرائد في الكياسة السياسية والدبلوماسية ومساعيها الحثيثة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وشدد المحللون في تصريحات لوكالة أنباء البحرين (بنا)، على أن التقارب الإيراني – الأمريكي وما حصل في جنيف من اتفاق مرحلي بشأن الملف النووي الإيراني كان الموضوع الأبرز الذي طفا على سطح حوار المنامة بشكل كبير، وغلب على المناقشات التي اتسمت بعضها بالسخونة لمعرفة مدى تغير مصالح وأولويات واشنطن في المنطقة بعد احتواء أطماع طهران النووية بصورة مبدئية.
وأكد نائب رئيس الوزراء وزير الدولة السابق في المملكة الأردنية الهاشمية، أيمن الصفدي أن البحرين تعمل دائماً على وضع أسس حقيقية للأمن والاستقرار في المنطقة، لافتاً إلى أن البحرين ليس لديها أي هدف سوى أن تسهم بأن تكون العلاقات الإقليمية قائمة على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل والعمل على إيجاد بيئة إقليمية تسهم في تحقيق التنمية الحقيقية بما ينعكس إيجاباً على الجميع.
وزاد الصفدي بالقول: «البحرين مشكورة وفرت منبر حوار المنامة لمناقشة أبرز الملفات الإقليمية، طالما عرفت البحرين بأطروحاتها العقلانية التي تستهدف بناء منظومة من الاستقرار الإقليمي والدولي على أسس واضحة تعطي كل ذي حق حقه، وتحول دون أي تدخلات غير مقبولة لا سياسياً ولا منافية للقانون الدولي».
وتابع الصفدي: «تواصل البحرين تقديم أفكار هادفة لإيجاد بيئة إقليمية سالمة وآمنة تسمح بتحقيق تطور وأمن بمفهومه الكلي والشمولي، يتضح جلياً عمل البحرين بأهداف سامية تفيد الجميع».
ويرى الصفدي بأن الولايات المتحدة يجب أن تدرك بأن أولوياتها ومصالحها في المنطقة تستدعي أن تبني علاقات قائمة على احترام حقوق جميع الأطراف، وليس فقط التعامل مع الأفكار الآنية التي تملكها تجاه إيران.
ولفت الصفدي إلى أن القضية مرتبطة بمن يؤزم في سوريا ويدعم نظام قتل شعبه ودمر بلده، ومرتبطة أيضاً بقوى غربية يبدو أنها تعمل الآن على إعادة تحديد أولوياتها في المنطقة وفق رؤيا محدودة بحاجة إلى دراسة أكثر.
وبين الصفدي أن الاتفاق المرحلي بين إيران ومجموعة 5+1 قد فتح المجال لأسئلة مشروعة من دول المنطقة حول أولويات أمريكا وحلفائها الغربيين حول الإقليم، خاصة وأن الاتفاق تم بمعزل عن دول المنطقة وبخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، والتي يجب أن يكون لها دور كبير لأنها هي المعنية رقم واحد بالاتفاق.
وأردف الصفدي قائلاً: «لقد تعامل الاتفاق المرحلي مع السلاح النووي بمعزل عن قضايا إقليمية قد نراها من وجهة نظرنا أكثر أهمية من الموضوع النووي كما هو الحال بأزمة سوريا والصراع الذي ينمو بشكل كبير في لبنان».
واستطرد الصفدي: «هنالك قلق حاولت أمريكا طمأنة المنطقة بشأنه، خاصة وأن هناك حرصاً مشروعاً من دول المنطقة على أن يكون التعامل مع إيران بشكل يعالج جميع القضايا الشائكة، تمهيداً لمنطقة استقرار إقليمي وعلاقات حسن جوار حقيقية تضمن حق الجميع - بما فيها إيران - بأن تعيش ضمن منظومة إقليمية تنعم بالأمن والسلام».
بدوره، اعتبر المحلل السياسي من الإمارات العربية المتحدة والناشط في موقع (تويتر)، سلطان بن سعود القاسمي حوار المنامة من أهم الأحداث في الخليج التي يشارك فيها أناس ذو أهمية عالية من الغرب والشرق وكمحللين سياسيين نستفيد جداً من الاستماع لهم والتفاعل معهم أهم من الكلمات وهم موجودون تكلمهم بأوقات وصعب جداً في دولهم للتفاعل معهم. نشكر القائمين على هذه الفرصة.
وأوضح القاسمي بأن الملف النووي الإيراني موضوع مهم جداً بالنسبة لدول الخليج، بحيث إنه قد طغى على قضايا مركزية كسوريا وفلسطين المحتلة، لافتاً إلى امتعاض عدد من المسؤولين الخليجيين تجاه مسؤولين أمريكيين بسبب عدم إدخال دول الخليج في مشاورات اتفاق إيران ولم تدعَ حتى إلى طاولة المباحثات، ولم تعلم بما حصل في جنيف سوى عن طريق وسائل الإعلام.
وعن فرص حصول انفراجة بالدبلوماسية الإيرانية – الخليجية، استبعد القاسمي حدوث ذلك نظراً لتعنت الجانب الإيراني، مضيفاً: «كنا نطالب كخليجيين إيران بوضوح سياساتها الإقليمية منذ أكثر من 40 سنة، أي منذ أيام الشاه وقبل ما يسمى بالثورة الإسلامية، ولكن للأسف لا يوجد تفاعل إيراني إيجابي».
ويرى القاسمي بأنه على الرغم من التطمينات الأمريكية والأوروبية حيال توجهات إيران الإقليمية، إلا أن الموضوع ليس بأيديهم، فبالمحصلة النهائية إيران ستفعل ما تشاء.
وعن تبادل زيارات رفيعة المستوى بين وزراء خارجية الإمارات وإيران مؤخراً، أكد القاسمي وسطية سياسة الإمارات وسعيها الدائم منذ تأسيس الدولة إلى حل الأزمات بالطرق السلمية، حتى على مستوى الجزر الإماراتية الثلاث، ولكنه جدد شكوكه بمصداقية الجانب الإيراني، نافياً وجود أي نوايا صادقة قد تملكها طهران التي اعتادت المماطلة والتأجيل للكثير من القضايا بلا جدوى تذكر.
من جانبها، أكدت الكاتبة السياسية وكبيرة مراسلي دبلوماسيي نيويورك، راغدة درغام أن حوار المنامة دائماً متميز لأنه يأتي بالعالم إلى هذه العاصمة ليتحدث عن الأمن الإقليمي والأدوار الدولية بالأمن الإقليمي.
ولفتت درغام إلى أن التطور الأهم هذه السنة هو التطور الإيراني – الأمريكي وما طرأ عليها من علاقة جديدة وأبعادها وإفرازاتها على الخليج والمنطقة ككل، مشيرة إلى وجود عدة تساؤلات خليجية حول معنى العلاقة الأمريكية - الإيرانية من الناحية الأمنية.
وبينت درغام أن الولايات المتحدة ماتزال تتغاضى عن الإجابة على أسئلة محورية أبرزها لماذا لا تبحث واشنطن مع طهران أدوارها الإقليمية وبالذات في سوريا، وماذا عن العلاقة الأمريكية مع إيران ودول الخليج من الناحية الأمنية.
وتساءلت درغام: «الولايات المتحدة ترفض اللإجابة على تساؤل مهم وهو: لماذا تغمضون أعينكم عن الدور الإيراني العسكري في سوريا؟ مازالوا يريدون التركيز على الملف النووي الإيراني والتغاضي عن باقي القضايا المهمة».
وتابعت درغام بالقول: «هناك اختلاف وانعدام ثقة وتشكيك متزايد على مستوى المنطقة، وعلى الخليج التفكير ملياً بماذا يجمعها وماذا يفرقها خاصة وأنها على أعتاب القمة الخليجية في الكويت، عليها التفكير ملياً بكيفية التعاطي مع هذا الحدث بطريقة تخدم مصلحتها. هناك حاجة لحوار صريح ورؤية جريئة للنظر بالخيارات المتاحة بالشأن الإيراني الإقليمي».
وأشادت درغام بترحيب مملكة البحرين بالاتفاق الإيراني مع مجموعة 5+1، والذي يعكس إدراكاً جيداً بأن المنطقة لا يفيدها بأن تكون إيران دولة نووية واحتواء الطموحات النووية الإيرانية، لافتة إلى أنه دول الخليج والمنطقة ككل لا ترغب بأن يتناسى الغرب الطموحات الإيرانية الإقليمية سواء نحو البحرين أو لبنان أو العراق أو سوريا.