كانت البدايات الفعلية لحركة المصارف الإسلامية عام 1975 حيث تأسس أول بنك إسلامى تجاري فى دبي، ثم توالى تأسيس البنوك الإسلامية فى مصر والكويت والبحرين، بعدها انتشرت البنوك الإسلامية فى العالم الإسلامي ثم في غيرها من دول العالم.
كانت البدايات صعبة كأي فكرة جديدة تطرح وكانت المنتجات المالية محدودة، وكان همنا ندرة في المتخصصين، ولكن التطور كان أكبر مما تصوره البعض وإقبال المتعاملين على هذه البنوك ليس لكونها إسلامية فقط، بل لأنها أكثر نفعاً للفرد وأكثر تحريكاً لاقتصاد السوق.
فى منتصف التسعينات كان مجموع أصول البنوك الإسلامية 150 مليار دولار، وبنهاية 2013 يتوقع أن تصل إلى 1.8 ترليون دولار، ما يعني أن معدل الزيادة السنوية 12.5% ولا نتوقع أي انخفاض في نسبة النمو، فمن المتوقع أن تصل أصول البنوك الإسلامية إلى 3.2 ترليون دولار بعد 5 أعوام.
أهم منتج انتشر ومازال وبسرعة “الصكوك الإسلامية”، فقد عبر هذا المنتج القارات فوصل إلى أستراليا وهونغ كونغ والهند وكينيا ونيجيريا وسلطنة عمان -والتي لحقت متأخرة بمسيرة المصارف الإسلامية فى الخليج- وسيرلانكا وتونس وتركيا وبريطانيا.
ولم يقتصر اجتذاب العمل المالي الإسلامي للفئة المسلمة فقط، بل تعداها إلى جميع الفئات مسلمة وغير مسلمة، وتذكر الإحصائيات أن 70% من المتعاملين مع المصارف الإسلامية فى بريطانيا من غير المسلمين، وهذا يعود إلى وعي المتعامل هناك وثقته بالقوانين وسلامة تطبيقها.
وبعد تفكك الدول الشيوعية التفتت بعض هذه الدول إلى الشرق ومنها من سعى لاجتذاب حركة المصارف الإسلامية، وحسبما ورد فى مجلة الاقتصاد الإسلامي عدد أكتوبر الماضي، وضعت وكالة الاستثمار “بتترستان” بالتعاون مع وكالة “تومسون رويترز” خطة خمسية لتأسيس مركز إقليمى للتمويل الإسلامي في روسيا ورابطة الدول المستقلة مركزها قازان عاصمة تترستان.
ووفقاً للتقديرات فإن بلدان رابطة الدول المستقلة يمكنها فى غضون السنوات الـ5 المقبلة، جذب 28 مليار دولار على شكل استثمارات من ماليزيا ودول الخليج، ومن المتوقع إنشاء مصرف إسلامي فى قازان.
ويتوقع “ستاندرد آند بورز” أن يتجاوز إصدار الصكوك لعام 2013 حاجز 100 مليار دولار بنهاية 2013. وتشير الإحصائيات إلى أن حصة ماليزيا من إجمالي الصكوك فى العالم تصل إلى 60.4%، ونتوقع أن تستفيد دول أخرى عديدة من الصكوك لأنها أفضل أداة تعمل على تعجيل حركة النمو الاقتصادي في أي بلد.
وعند الانتقال للتكافل الإسلامي، بدأت حركته من دبي حيث تأسست أول شركة تكافل وهى الشركة العربية الإسلامية للتأمين فى السبعينات. أما في البحرين فقد تأسست شركة البحرين الإسلامية للتأمين “التكافل الدولية حالياً” العام 1989.
وتوالى إنشاء شركات التأمين، إلا أن انتشارها لم يكن بسرعة انتشار المصارف والصكوك، حيث بلغ مساهمتها في إجمالي الناتج المحلي في دول مجلس التعاون سنة 1997 أقل من 1% ويبلغ معدل حجم النمو فى هذه الصناعة حوالى 23% سنوياً. أما حجم الأقساط فهى 13.75 مليار دولار حصة مجلس التعاون منها 5.7 مليار دولار أي 41%، ومثل هذا التطور يعتبر بطيئاً لصناعة فى بداياتها.
ومن الملاحظ أن الصناعة المالية الإسلامية بدأت في دول التعاون إلا أن النشاط فى هذا المجال بدأ يتباطأ، حيث كان من المفترض أن تكون للمؤسسات المالية الإسلامية فى الخليج الريادة العالمية في هذه الصناعة، وأن تغتنم فرص الاستفادة بما يعود على المنطقة بالنمو، هذا في حد ذاته تحدٍ لمؤسساتنا التأمينية والمؤسسات المعنية الأخرى فى دولنا، إلا أننا تقاعسنا فصودرت الريادة منا.
أما التحديات الأخرى تشمل: شح الموارد البشرية، حيث لم يواكب حركة النمو فى المصارف الإسلامية تربية للقيادات البشرية من مفكرين استراتيجيين وشرعيين متخصصين فى الاقتصاد الإسلامي، وهذا سيكون له تأثير سلبي على مسيرة العمل.
أما دور البنوك المركزية فى دول مجلس التعاون، فإنها تقاصر فى دعم البنية الأساسية للمؤسسات المالية الإسلامية، ولم تلتفت كثيراً إلى العمل على تنمية هذه المؤسسات رغم أهميتها.
وفى الآونة الأخيرة ظهرت فى الساحة دول أخرى تسعى لاحتضان المؤسسات المالية الإسلامية نظراً لقدرتها على اجتذاب الاستثمارات وخلق المناخ الاستثماري، فبدأ نوع من التحرك ونرجو أن يكون هذا التحرك محفزاً ومطوراً لمؤسساتنا المالية الإسلامية.
هناك أدوات مالية تستخدمها قلة من المصارف الإسلامية مثبطة للفكر التطويري للأدوات المالية الإسلامية، مثل التورق الذي لم توافق عليه المجامع الفقهية وأدوات أخرى تستخدم فى شراء الدين، ومثل هذه الأدوات تؤثر سلباً على محافظ البنوك ويظهر أثرها بعد فترة من الزمن.
عبداللطيف عبدالرحيم جناحي
رئيس مجلس إدارة شركة الصفوة الدولية للاستشارات