أظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة أنباء البحرين «بنا» مع عينة عشوائية تضم 28 عضواً من أعضاء مجلسي النواب والشورى أن 46% منهم يرون أن سياسة الدعم الحكومي المتبعة حالياً بحاجة إلى مراجعة تامة، وذلك بإعادة توجيه الدعم ليكون قائماً على أسلوب دعم المواطن مباشرة دون دعم السلع الأساسية والمواد الغذائية.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 46% من العينات كذلك ترى أن الدعم الحكومي المتبع حالياً بحاجة إلى مراجعة في بعض جوانبه، أي إلى مراجعة جزئية، في حين رأى 7% من الأعضاء المستطلعة آراؤهم أن سياسة الدعم الحالية عادلة وتفي احتياجات المواطن البحريني.
واتخذ استطلاع الرأي الذي شمل 17 نائباً و11 شورياً، اتخذ منتج الديزل، الذي يعد أحد المشتقات النفطية المدعوم حكومياً إلى جانب مشتقات نفطية أخرى، كحالة لتطبيق الدراسة. فقد رأت فئة تشكل حوالي 86% من المستطلعة آراؤهم أن الدعم الحكومي الموجه لمنتج الديزل لا يصل إلى مستحقيه من المواطنين. في حين رأت فئة تشكل 14% فقط من إجمالي العينة العشوائية أن هذا الدعم يصل إلى مستحقيه.
وتباينت الحلول التي اقترحتها الفئة التي رأت أن الدعم الحكومي لمنتج الديزل لا يصل إلى مستحقيه من المواطنين والبالغة نسبتهم 86% من إجمالي العينة العشوائية، فارتأت فئة تشكل ما نسبته 8% رفع الدعم كلياً عن منتج الديزل. أما فئة تمثل ما نسبته 42% فارتأت ضرورة تعديل سعر البيع المحلي عن المطبق حالياً والذي يبلغ 100 فلس للتر الواحد.
في حين ارتأت فئتان تشكل كل واحدة منهما نسبة 25% أن الحل لضمان وصول الدعم الحكومي لمنتج الديزل إلى مستحقه من المواطنين مباشرة يكمن في تعديل سعر البيع المحلي ورفعه إلى مستوى سعر البيع العالمي والذي يُقدر بحوالي 260 فلساً للتر الواحد. أما الفئة الأخرى والتي تشكل كذلك نسبة 25% فاقترحت حلولاً متفرقة من بينها ضرورة إجراء دراسة حول أفضل السبل لضمان وصول الدعم لمستحقيه، والحاجة إلى تطبيق آلية جديدة تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه مقارنة بالمطبقة حالياً والتي يمكن وصفها بـ «البدائية» - بحسب رأي أحد أعضاء مجلس النواب - الأمر الذي ينتج عن ذلك هدراً في المال العام وسوء استخدام المنتج وتهريبه إلى الخارج مما يتطلب اتخاذ مزيد من الإجراءات الرقابية المشددة لمنع تهريبه إلى الخارج في خطوة تعد مخالفة للقانون. كما طالب عدد من النواب بضرورة الاستعانة بمرئيات ومقترحات المجلس في هذا الشأن.
يشار إلى أن الحكومة الموقرة قد دعمت المنتجات النفطية في العام 2012 بواقع 288 مليون دينار بحريني، منها حوالي 83 مليون دينار بحريني قد تم توجيهها إلى منتج الديزل، أي بنسبة 29% من إجمالي دعم المنتجات النفطية. ويعتبر قطاع الإنشاء والنقل البري - بحسب إحصائيات العام الماضي - أكبر القطاعات المستهلكة لمنتج الديزل بنسبة 77%، في حين يمثل قطاع الصيادين ما نسبته 7% من إجمالي الاستهلاك لهذا المنتج.
وتقدم الحكومة في الوقت ذاته دعماً لحوالي 400 صياد مرخص، وذلك ببيع منتج الديزل بسعر خاص وهو 70 فلساً للتر مقارنة بسعر البيع العادي وهو 100 فلس للتر الواحد. وقد تم اعتماد آلية لتعويض الصيادين المرخصين والبالغ عددهم حوالي 400 صياد، وذلك عن فارق سعر البيع بمنحهم مبلغ دعم نقدياً مباشراً يتفاوت بين صياد وآخر بحسب حجم ونشاط سفينة الصيد. وبلغ إجمالي الدعم الحكومي الذي حصل عليه الصيادون خلال العام 2012 ما قيمته 1.2 مليون دينار بحريني.
ولم يخضع منتج الديزل في البحرين لأي تعديل في سعره منذ العام 1983 إلا لمرة واحدة في العام 2008، وذلك عندما تقرر تعديل سعر بيعه من 70 فلساً للتر الواحد إلى 100 فلس للتر، على الرغم من تعديل سعر بيع المنتج ذاته في العديد من دول الجوار، فضلاً عن عدم ثبات سعر البيع في السوق العالمية الذي يُقدر في الوقت الحالي بحوالي 260 فلساً للتر الواحد، الأمر الذي ترتب عليه العديد من الآثار التي حذَّر مختصون في وقت سابق من تفاقمها ما لم توضع لها الحلول المناسبة، ومن بين تلك الآثار سوء الاستخدام وتهريب وقود الديزل للاستفادة من فروقات الأسعار مع الدول الأخرى التي تبيعه بأسعار تزيد عن الأسعار المحلية، واستفادة قطاعات تجارية وأفراد غير مستحقين لمبالغ الدعم، وازدياد كلفة دعم بيع أسعار الديزل على الميزانية العامة للدولة بشكل متواصل سنوياً.
وطالب عدد من المختصين بإخضاع سياسة الدعم الحالي في مجملها إلى المراجعة، كونها لا تناسب التطور السكاني والاقتصادي الذي تشهده مملكة البحرين، مقترحين في موضوع سابق نشرته «بنا» بإعادة توجيه الدعم الحكومي ليكون قائماً على دعم المواطن مباشرة دون دعم السلع الأساسية والمواد الغذائية، وذلك باعتماد أسلوب التحويلات النقدية.