كتب - حذيفة إبراهيم:
كشف شبان بحرينيون لـ»الوطن» عن تعرضهم لابتزاز نتيجة تورطهم في علاقات افتراضية مع فتيات مجهولات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، تبدأ بطلب صداقة ودردشات وتنتهي بأفعال مخلة تتم غالباً عن طريق موقع «سكايب»، إذ تسجل الفتاة فيديو للشاب وهو بوضعيات مخلة، لتبدأ بعدها رحلة الابتزاز بمبالغ تصل إلى ألف دينار.
«الخوف من الفضيحة» كان سبباً كافياً لجميع هؤلاء الشبان للانصياع إلى التهديد والابتزاز، حتى وصل الأمر بإحدى الفتيات ابتزاز الشاب م.ر شهرياً، فيما أنقذت الصدفة م. خ لأن وجهه لم يظهر واضحاً في التسجيل، بينما وقع ر.س بشباك شاب ادعى أنه فتاة. فيما كشف خبير في الأمن الالكتروني لـ»الوطن» وقوع حوالي 15 – 20 شاباً يومياً في «مصيدة سكايب»، مشيراً إلى أن العصابات الإلكترونية في الغالب إما من دول شرق أوروبا أو شمال أفريقيا.

وقعت في شر أعمالي
ويروي م.ر قصته قائلاً «لم أكن مهتماً كثيراً ببرامج الدردشة عبر الإنترنت، إلا أنني وجدت فيها سهولة كبيرة في التواصل مع «الجنس اللطيف» خصوصاً وأننا في مجتمع محافظ إلى حد ما ولا نستطيع أن نتواصل مع الفتيات.
وأشار إلى أن إحدى «الفتيات الجميلات» أرسلت طلب إضافة عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وتحدثت معه قليلاً ثم طلبت منه الانتقال إلى المحادثة عبر سكايب للمزيد من التعارف، بحجة أن «الفيس بوك ثقيل في الدردشة».
وتابع م.ر أنه ظل يحادثها لمدى يومين كاملين، قبل أن تمارس عملية الإغراء عبر الكاميرا، ليبدأ بالتجاوب معها، معلناً استسلامه لغريزته.
وأوضح أنه وبعد الانتهاء من المحادثة، أرسلت له تلك الفتاة رابط إلكتروني يحتوي على الفيديو الذي سجلته له من دون علمه، وطلبت منه مبلغ وصل إلى ألف دينار قبل أن يتم التفاوض وإيصاله إلى مبلغ 400 دينار فقط.
وأشار إلى أنه وخوفاً من الفضيحة، قام بدفع ذلك المبلغ في اليوم التالي بعد أن اضطر للاستدانة من زملائه، مبيناً أن الاتصالات لم تتوقف من قبل الفتاة التي تطلب منه بين الحين والآخر بعض المبالغ مقابل عدم نشر الفيديو، رغم تعدها في المرة الأولى بأنها ستقوم بمسحه حال دفعه للمبلغ.
وتتشابه قصة م. خ مع سابقه من حيث بداية الوقوع كضحية، إلا أن م. خ قال لها «لم يظهر وجهي عبر الفيديو، وإن قمت بنشره فلن يهمني ذلك في شيء»، مشيراً إلى أن الصدفة وحدها هي من أنقذته من ظهور وجهه في الفيديو الذي تم تسجيله.
وتابع أن الاتصالات توالت من قبل تلك الفتاة والتي كانت من إحدى دول شمال أفريقيا، مبيناً أنها لم تقم بنشر الفيديو كونه لم يتجاوب معها.

150 ديناراً
بدوره، قال ر.س إنه دفع 150 ديناراً لقاء عدم نشر «الفيديو المخل بالآداب» الذي تم التقاطه له من قبل «شخص ادعى بأنه فتاة».
وتابع «لم أكن أعلم أن تجربتي الأولى في عالم الخطأ ستكون قاسية بالنسبة لي، حيث وقعت في شر أعمالي نتيجة لسلوكي الطريق الخاطئ، فاضطررت لدفع مبلغ مادي أثقل كاهلي، وتحمل المخاوف من نشر الفيديو من قبل الشخص المعني».
وأشار إلى أنه وخلال المحادثة عبر «سكايب» رفضت الفتاة فتح الصوت واكتفت بالصورة، ليكتشف لاحقاً أن ما تم عرضه هو فيديو غير حقيقي، وأن الشخص الذي كان يحاوره هو «رجل». وأكد أنه اضطر لدفع المبلغ خلال أقل من 3 ساعات، حيث هدده الجاني بأنه سيتم نشر الفيديو له، ليتم ابتزازه مرة أخرى بعد حوالي شهر، إلا أنه لم يدفع هذه المرة، وتستمر المحاولات لمدة شهرين قبل أن ييأس الجاني من الدفع.
العقوبات القانونية
من جانبها، قالت عضو مجلس الشورى جميلة سلمان إن «الجرائم الإلكترونية» ظاهرة مستحدثة في علم الإجرام وتشمل هذه الجرائم جميع السلوكيات الخاطئة والإجرامية التي ترتكب عن طريق استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة العنكبوتية أو أحد الوسائل الحديثة.
وأضافت سلمان أنه نتيجة لذلك شرعت الدول والمنظمات الدولية والإقليمية إلى وضع تشريعات جنائية خاصة لمكافحة هذه الأنواع من الجرائم، حيث أنشأ ميثاق الاتحاد الأوروبي لجرائم الإنترنت رقم (185) لسنة 2001م يحوي على قوانين دولية رئيسة تحد من جرائم الإنترنت لما سببته هذه الجرائم وخطورتها من قلق عالمي على الأجيال القادمة. وأشارت سلمان إلى أن هذه الجرائم تصنف من الجرائم الجنسية لما تتمثل في ابتزاز الضحية من خلال اختراق جهاز أحد الضحايا والاستيلاء إلى صور ومعلومات شخصية بغرض ابتزازها للخروج معه واستدراج الضحايا والتغرير بهم، أو من خلال التعارف في برامج المحادثة ووثوق الضحية بالطرف الآخر وتسليمه صور وتسجيلات صوتية ومقاطع مخلة للآداب لتفاجأ بتهديد الطرف الآخر لها ونشر هذه المقاطع في مواقع إلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة الأمر الذي يؤدي إلى الإساءة إلى سمعة الضحايا وعوائلهم ويولد مشكلات مجتمعية كبيرة، خصوصاً بعد أن باتت هذه الوسائل الحديثة تحت متناول الجميع بمختلف ثقافاتهم وفئاتهم العمرية ومستوياتهم التعليمية دون قيود أو رقابة.
وأفادت سلمان أن الجاني يطبق عليه نصين من قانون العقوبات في حال ما استغل صور الضحية لابتزازها. كما نصت المادة 355 لقانون العقوبات يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن السنتين وبغرامة لا تتجاوز المائتين دينار أو بإحدى هذه العقوبتين كل من طبع أو استورد أو صدر أو حاز أو نقل أو عرض بقصد الاستغلال أو التوزيع أو العرض كتابات أو رسوماً أو صوراً أو أفلاماً أو رموزاً أو غير ذلك من الأشياء إذا كانت مخلة بالآداب العامة ويعاقب بالعقوبة ذاتها من أعلن عن شيء من الأشياء المذكورة أو أرشد عن طريقة الحصول عليها.
وأشارت إلى أن والمادة 92 من قانون العقوبات الفقرة الثالثة تكلمت عن الجرائم التي ترتكب بوسائل عدة ويتم نشرها، فهي تعتبر ضمن الجرائم التي تقع بطريقة إعلانية التي نصت عليها وحددتها في الفرقة الثانية من القانون نفسه الجرائم التي تعرض من خلالها صور وأفلام على العلن. ومن الممكن أن نطبقها على وسائل التواصل الاجتماعي والتي عن طريقها تنشر الصور والأفلام.
وأضافت سلمان كون هذه الأفعال تجرى وفقاً لقانون العقوبات الحالي إلا أنه يحوي على قصور في التشريعات لابد من تداركه بإصدار قانون خاص لمثل هذه الجرائم ،إضافة إلى أن قانون العقوبات يطبق على كل واقعة تخضع إلى نص من نصوص القانون أما بالنسبة للأفعال التي لم يجرمها قانون العقوبات فغالباً ما تفلت من العقاب وإن كانت تشكل جريمة كون أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
وحثت سلمان الجهات المعنية على ضرورة سن تشريع خاص يتعلق بهذه الجرائم الإلكترونية والتي أطلقت عليها جرائم «عابرة للقارات».