دعا صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء القمة 34 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، المزمع عقدها في الكويت اليوم، إلى تصدير دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية إلى انتقال المجلس من «التعاون» إلى «الاتحاد الخليجي» وآليات تحقيقها، أولويات البحث في القمة مع إصدار قرارات تدفع بهذه المبادرة إلى حيز التنفيذ في أسرع وقت ممكن، مشدداً على أن الوقت قد حان لقيام «الاتحاد الخليجي» دون تأخير أو إبطاء».
وأكد سموه، في حديث لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» أن «التوقيت الآن هو المناسب لقيام الاتحاد الخليجي وهو رهان رابح يجب أن نتحرك نحوه بالمزيد من التلاحم نحو استدامة للأمن والاستقرار في المنطقة»، مشيراً إلى أن «المتغيرات في العالم، تجعل من انتقال دول المجلس من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد الخليجي مطلباً ملحاً في الوقت الحاضر أكثر من أي وقت مضي».
وأضاف أن «شعوب دول المجلس تتطلع إلى تحقيق ذلك الحلم، وترنو إلي اليوم الذي تصبح فيه الوحدة الخليجية واقعاً معاشاً، لاسيما وأنها تعد أحد المطالب المعلنة منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 1981 وحتى اليوم». وأوضح سمو رئيس الوزراء أن «التعاون الحالي بين دول المجلس لا يرقى لمستوى الطموح المنشود، من الناحيتين السياسية والاقتصادية، وأن إقرار الاتحاد الخليجي هو من سيؤطر كل هذه المسائل بما يلبي تطلعات شعوب دول المجلس»، داعياً إلى «التركيز على الوحدة الخليجية فهي ملاذ آمن له بعده السياسي والاستراتيجي على المدى البعيد، وعلى صناع القرار في المنطقة الدعوة إلى الامتزاج والانصهار بما تعنيه الكلمة من وحده شاملة تصنع مستقبل أجيالنا القادمة».
وأشار سموه إلى أن «شعوب دول المجلس تتطلع إلى المضي قدماً في التطبيق الفعلي للاتحاد الخليجي، والعملة الخليجية الموحدة، والمصرف المركزي الخليجي»، مقللاً من «تأثير بعض الاختلافات في الرؤى حول تلك الآليات الاقتصادية التي تسهم في تحقيق انطلاقة اقتصادية حقيقية لدول مجلس التعاون، وأكد أن «جميع دول المجلس بلا استثناء تضع مصلحة دول وشعوب المجلس فوق أي اعتبار آخر»، معرباً عن ثقته بأن «دول مجلس التعاون، ستتجاوز المعوقات والعراقيل التي قد تحد من تحقيق التكامل الاقتصادي والسوق الخليجية المشتركة».
وأضاف سمو رئيس الوزراء أن «قمة الكويت تشكل علامة مهمة في مسيرة مجلس التعاون، يجب أن تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل العمل الخليجي المشترك، لتحقيق المزيد من المكتسبات للمواطن الخليجي في مختلف المجالات، ولمواجهة التحديات العديدة التي تشهدها المنطقة والعالم». وتابع أن «انعقاد هذه القمة برئاسة صاحب السمو الأخ الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، وبمشاركة إخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، يأتي في ظل متغيرات تحتم التعامل بطرق غير تقليدية مع الواقع الجديد الذي تتشكل ملامحه في المنطقة والعديد من أقاليم العالم».
وعن توقعات سموه من قمة الكويت وأبرز الملفات التي يطمح سموه إلى تحقيقها في القمة أعرب صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، عن ثقته في أن «أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، سيخرجون من قمتهم القادمة بقرارات ونتائج مثمرة، تعزز وتدعم ما تحقق في المسيرة الخيرة والمباركة لدول المجلس»، مشيداً بـ»جهود أمير دولة الكويت في احتضان العمل الخليجي المشترك ودعمه وتوجيهه نحو ما يعزز من روابط الوحدة والتكامل»، مؤكداً أن «شعوب دول المجلس تتطلع إلى قرارات يتخذها قادة دول المجلس يتلمسون من خلالها تطلعاتهم في غد أكثر إشراقاً، ومستقبل يحمل الخير لكل الدول الأعضاء في مجلس التعاون». وشدد سمو رئيس الوزراء على أن «الكل يتجه الآن إلى الوحدة ولدينا العديد من النماذج الناجحة إقليمياً ودولياً، ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، فضلاً عن تجارب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وغيرها من النماذج في العديد من أقاليم العالم»، مشيراً إلى أن «قمة الكويت فرصة لتفعيل دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للانتقال من التعاون إلى مرحلة «الاتحاد» بتعمق وأن يتم اتخاذ الآليات التي تكفل تحقيق هذا الاتحاد، استجابة لتطلعات شعوب دول المنطقة التي تتوسم من قادتها الإعلان عن قيام الاتحاد».
وأكد سموه أن «ما تتعرض له البحرين هو خطر على دول الخليج أيضاً وأن الاتحاد هو القوة في ظل الأوضاع والتطورات الإقليمية والعالمية»، مؤكداً أن «الأمن والاستقرار في المنطقة ركيزة أساس في ظل زمن التحولات الرامية إلى إعادة رسم وصياغة الدول والأنظمة وإحداث خلل فيها، ما يوجب علينا أن تكون سياستنا أكثر وضوحاً في إحداث التغيير الذي نريده لا ما يريده الغير، فالمرحلة الحالية وصلت للذروة في التفكك والتشرذم العربي، والملفات مازالت عالقة، ونحن نسيج واحد متداخل ومترابط، وعلينا أن نتبع السياسة التي نريد، فالمسألة والهوية العربية مسألة تاريخية محضة».
ودعا سمو رئيس الوزراء إلى أن «يعيد المجلس رؤيته تجاه العديد من القضايا والملفات، وبما يتواكب مع التطورات الحاصلة إقليمياً ودولياً من خلال تجديد الرؤى ومواجهة التغيرات السريعة في العالم».
وحول مدى رضا سموه على مسيرة مجلس التعاون منذ تأسيسه قال إن «المفاهيم قد تغيرت في ظل التحولات في المواقف، وعلينا أن نواجهها بالتجديد في الفكر وفي المفهوم حتى نجتاز هذه المرحلة، كما إن علينا الابتعاد عن أي تحفظات، فالمرحلة لها متطلباتها ومقتضياتها العاجلة التي تحتاج إلى إنجاز يمنع أي تردد في المواقف»، داعياً إلى «التوجه بخطاب إعلامي حديث يحض على الاتحاد ويشرح أهميته، ويتجاوز كل ما هو قديم في الطرح والأسلوب، وذلك يتطلب كسر أي جمود في هذا الخطاب ليتواءم مع متطلبات المرحلة الحالية».
وأكد سموه أن «دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عليها في هذه المرحلة أن ترتب في ما بينها ومن منظور جماعي تنفذ به إلى جوهر المستقبل وتأمين الحياة للأجيال القادمة، ليس على الصعيد الاقتصادي فحسب، بل على كل الأصعدة (..) وعلينا أن نجدد في خطوات التعاون في ما بيننا وندفع باتجاه توسيع علاقتنا مع دول العالم، فنحن أمام مرحلة عصرية جديدة، نرى بدايتها ولا نعرف نهايتها».
وعن تطلعات سموه إلى تطوير التعاون الاقتصادي بين دول المجلس، وأبرز العراقيل التي تعترض عملية تسريع التكامل الاقتصادي والسياسي الخليجي، قال إن «التكامل الاقتصادي وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية، أمر لا ينبغي التعامل معه ببطء، وأن الواقع من حولنا وما يشهده العالم من تكتلات وكيانات اقتصادية عملاقة، يتطلب منا الإسراع في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من خطوات لتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء».
وأشار إلى أن «من يتابع مسيرة مجلس التعاون منذ تأسيسه وحتى اليوم، يدرك مدى قدرة دول المجلس على تجاوز العديد من العقبات، والتغلب على المصاعب، وتقريب الاختلافات في الرؤى من أجل المصلحة العليا لتلك الدول».
وحول إمكانية أن يخرج مجلس التعاون بقرارات اقتصادية تسهم بتعزيز المكانة الاقتصادية خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية، دعا سموه إلى «وعي جماعي جاد للوضع الذي نعيشه، يواكبه تطور وتجديد في كل القضايا التي تهم مجتمعاتنا، والنأي بها عن الوهن والتشتت، وأن يكون لنا قوة نوعية اقتصادية وسياسية مؤطرة تؤمن الاستقرار وتقف بوجه أي صدمات يفتعلها عالمنا المعاصر الرامي إلى تفتيت وتجزئه الكيانات القائمة».
وأكد سمو رئيس الوزراء «ضرورة تكثيف الاجتماعات بين قادة دول المجلس وعلى أكثر من مستوى مع التركيز على اتخاذ القرارات وتدارس مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية».
وحول الأوضاع التي تشهدها المنطقة، أكد سموه، أن «دول المنطقة هي المعنية في المقام الأول بتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، من أجل الانطلاق في تنفيذ الخطط التنموية».
وقال سموه إن «التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الدول والتمسك بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، هي مبادئ ثابتة في العلاقات الدولية بين مختلف دول العالم، وأن الالتزام بها في منطقة الخليج العربي سيساهم في تحقيق الأمن والاستقرار، ويؤدى إلى ازدهار دول المنطقة بعيداً عن الصراعات والحروب التي عانينا منها جميعا، وتسببت في حالات التوتر التي ألقت بظلالها على المناخ العام، وأعاقت دول المنطقة عن المضي في تنفيذ العديد من المشروعات التنموية التي تحقق الصالح العام لشعوبنا».
ودعا سموه دول المنطقة إلى أن يكون شعارها «لا للصراعات ونعم للتنمية»، فقد حان الوقت لكي تهدأ تلك المنطقة الحيوية من العالم، وأن يرفع الآخرون أياديهم عنها، وأن تكون «المصلحة المشتركة» هي العنوان الرئيس للمرحلة المقبلة.
وفي ما يخص العلاقات البحرينية - الكويتية، أشاد بالعلاقات الأخوية التي تربط بين مملكة البحرين ودولة الكويت، وما تتمتع به هذه العلاقات من خصوصية، مشيداً بالدور الحيوي والمهم الذي تقوم به دولة الكويت الشقيقة، منذ انطلاق مسيرة مجلس التعاون وحتى الآن، وبمواقف الكويت وإسهاماتها في دعم التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين.
وأعرب صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، عن أمنياته للقمة الخليجية بالتوفيق والنجاح في تحقيق تطلعات وآمال المواطنين، داعياً الله العلي القدير أن يسدد خطوات أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على طريق الحق، وأن يحققوا لشعوبهم المزيد من المكتسبات، وأن تكون هذه القمة علامة جديدة من العلامات التاريخية في مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.