لم يتصور أحد أن يكون السكن الصيفي والمتنزه الربيعي لأمير دولة الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح رحمه الله (1921 ـ 1950) هو المقر الرئيس للمؤتمرات الدولية التي تستضيفها الكويت اليوم، وهو قصر بيان الذي افتتح في العام 1986 بمناسبة انعقاد مؤتمر الدول الإسلامية الخامس.
أمس استضاف قصر بيان بالعاصمة الكويتية القمة الخليجية في دورتها الرابعة والثلاثين، ورغم كل ما قيل قبل هذه القمة من أنها قمة خلافات وانقسامات إلا أنها بدأت بهدوء شديد، وخروج لافت عن التقاليد البروتوكولية التي اعتادت عليها قمم الخليج منذ مطلع الثمانينات من القرن العشرين.
قمة الكويت بدأت تأسيس أعراف جديدة على الصعيد الخليجي، والأهم فيها أنها قمة حرصت على نقل الصوت الشعبي الخليجي لقادة دول مجلس التعاون، وهو عرف يعكس العلاقة والتفاعل بين الحاكم والمحكوم، وضرورة تمثيل الإرادة الشعبية في المنظومة الخليجية.
كانت المفاجأة السماح لرئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم بتوجيه كلمة إلى قادة دول المجلس، ورغم دقة الكلمة ووضوح رسائلها، إلا أنها أكدت ضرروة الشراكة بين القيادات الخليجية وشعوب دول المنطقة لرسم المستقبل.
الأجندة كثيرة في هذه القمة، فهناك مشاريع التعاون الإقليمي المشترك، وفي مقدمتها العملة الخليجية المشتركة، ولكن الأهم هو الانتقال لمرحلة جديدة يكون الاتحاد أبرز ملامحها رغم تفاوت المواقف والآراء.
التحديات تشترك فيها جميع دول مجلس التعاون الخليجي دون استثناء سواءً رأت فيه مستقبلاً أم لم تر فيه كذلك، وبالتالي لا مجال للمساومة أو الحياد إذا تعلق الأمر بمواجهة هذه التحديات.
هناك طلبات عربية للحصول على دعم من دول المجلس، كما هو الحال بالنسبة للرسالة التي بعثها الرئيس اليمني إلى أمير الكويت، ولكلمة رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا التي ألقاها أمام المجلس الأعلى بعد مرور ألف يوم على الثورة السورية. هذا الاهتمام العربي يؤكد حاجة مجلس التعاون لدور مختلف عن الأدوار التقليدية التي قام بها خلال الفترة الماضية.
قمة مجلس التعاون ـ التي تنتهي اليوم ـ بحاجة إلى قرارات شجاعة تحمي المصالح الخليجية، وتحقق التطلعات الاستراتيجية بتغيير شكل التعاون الحالي القائم الذي لم يتناغم مع طموح الشعوب الخليجية حتى الآن، فمهما تعددت القرارات التي تستهدف التكامل المشترك ومشاريعها، فإن العمل الخليجي المشترك سيظل محدوداً في ظل الظروف الصعبة والمعقدة خليجياً وعربياً.
يوسف البنخليل