الكويت – وليد صبري:
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي العزب الطيب الطاهر أن هناك «3 سيناريوهات محتملة لتحول دول مجلس التعاون إلى مرحلة الاتحاد الخليجي»، مشيراً إلى أن «ثمة ترقب أن تتحول القمة الخليجية الـ34 المنعقدة بالكويت إلى قمة تذليل الصعوبات وصولاً إلى مرحلة الاتحاد التي نص عليها ميثاق تأسيس مجلس التعاون والذي حظي بدفعة قوية في ضوء المقترح الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في قمة الرياض الـ32 قبل عامين، خاصة مع ارتفاع سقف الطموحات الشعبية في تعزيز الوحدة بين دول منظومة مجلس التعاون واتخاذ المزيد من خطوات التكامل الاقتصادي والتنمية البشرية».
وأضاف الطاهر في تصريح لـ «الوطن» إنه «يمكن تصور 3 سيناريوهات فيما يتعلق بمستقبل مشروع الاتحاد الخليجي وجميع تلك السيناريوهات مؤسس على المدى الزمني القريب والمتوسط، وفي ضوء إدراك طبيعة صناعة القرار الخليجي والمواقف السابقة للدول»، موضحاً أن «السيناريو الأول هو الإعلان عن اتحاد شامل تدريجي، وهذا الاحتمال ينبع من إدراك دول المجلس الست لصعوبة إعلان إحداها رفضها لمشروع اتحادي، يقوم بالأساس على النظام الأساسي للمجلس منذ 32 عاماً، أما السيناريو الثاني فهو الإعلان عن صيغ اتحادية أدنى، تقتصر على الإعلان عن اتحاد بين السعودية والبحرين، على أن يطرح ويعلن على أنه مجرد بداية سوف تلحق بها باقي الدول، فيما يتبنى السيناريو الثالث الاتحاد وفق الاختيار والتخصيص، بمعنى أن الاتحاد الجديد هو لمن يختار الدخول فيه، على أن تبقى صيغة المجلس لكل الدول كما هي تؤدي ذات الغرض، وهنا تتيح صيغة الاختيار للموافقين والمعارضين بابا لحرية الحركة، ومبرراً أمام الرأي العام والشعب في الداخل لموقف الرافض أو المعارض، فضلاً عن أنه يفتح الباب له لدخول الاتحاد وفق مستجداته وظروفه، والاتجاه الآخر ضمن السيناريو الثالث أن يؤسس الاتحاد على أساس تخصيص مجالات محددة للاتحاد الكامل، ومجالات أخرى تبقى عند ذات المستوى غير الاتحادي، بأن يتم تعميق الاتحاد الاقتصادي مثلاً دون الاتحاد الأمني أو السياسي، على نحو ما تميل وجهة النظر القطرية بالأساس. وهذا يمكن قادة دول المجلس من الوقوف عند ذات المواقف، وإمهال أنفسهم فرصة لصناعة القرار الداخلي بتأنٍ». ورأى الطاهر أن «الوصول إلى مرحلة الاتحاد الخليجي من شأنها أن تحد الكثير من المعوقات وتدفع إلى المزيد من التفاعل وتنفيذ الخطط والتصورات المؤجلة لتحقيق نقلة نوعية في منظومة مجلس التعاون الذي ولد ليبقى وفقاً لتعبير الأمين العام السابق للمجلس عبدالرحمن بن حمد العطية، وبالتأكيد ستكون خلاصة الدراسة التي شكلتها قمة البحرين في العام المنصرم على جدول أعمال قمة الكويت، على الرغم من أن «الاتحاد المقترح لن يستلزم تصفية أي من الدول الأعضاء في مجلس التعاون أو إلى أن يقود إلى رئاسة مشتركة أو علم واحد، بل إنه سيعمل باعتباره اتحاداً كونفيدرالياً يضع سياسة مشتركة فيما يتعلق بالاقتصاد والعلاقات الخارجية والدفاع».
وقال الطاهر إنه «ينظر إلى هذا الاتحاد باعتباره وسيلة لإنهاء اعتماد الخليج على مورد سرعان ما سينضب وعلى مظلة أمنية غربية، لاسيما أن اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على الخليج فيما يتعلق بسد احتياجاتها من الطاقة ربما يتراجع».
وذكر الطاهر أن «هناك شبه إجماع من المراقبين والمحللين والخبراء على أن المرحلة المقبلة من مسيرة التعاون الخليجي، واعدة بالمزيد من المُنجزات، تتويجاً لما تشهده حالياً من مشاريع استراتيجية ترمي إلى تعميق التكامل، خاصة في المجالات التي تخدم الإنسان الخليجي بالدرجة الأولى وتحقق تطلعاته لاسيما أن ما تحقق حتى الآن على هذا الصعيد يقترب من نسبة 92% من إجمالي قرارات العمل الخليجي المشترك، وفق ما أعلنه قبل أيام وكيل وزارة الخارجية الكويتي خالد الجارالله».
وأشار إلى أنه «منذ تأسيس منظومة مجلس التعاون الخليجي في عام 1981، تحققت إلى حد كبير العديد من التحولات المهمة على هذا الصعيد بالرغم من تشعب الرؤى السياسية واختلافها، وطغيان المشكلات الأمنية كثيراً على غيرها من جوانب التعاون غير الأمنية التي يمكن أن تحقق مكاسب ملموسة للمواطنين الخليجيين».
وقال إنه «في ظل الاضطرابات السياسية الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، يبدو جلياً أن هناك تحديات جمة أمام دول المجلس من أجل تلبية احتياجات المواطنين والمقيمين في المنطقة خاصة أن الدول الأعضاء الست في مجلس التعاون الخليجي تواجه مجموعة من التحديات الداخلية المشتركة إضافة إلى المخاطر الخارجية»، على حد قوله، موضحاً أن «الدول الأعضاء تعاني من الاعتماد على الأنشطة المرتبطة بالمواد الهيدروكربونية وتضخم القطاع الحكومي والاعتماد على استيراد العمالة والمواد الغذائية الأساسية».
وصرح الطاهر أنه «في ضوء ذلك تتطلع جميع الدول الخليجية إلى تنويع اقتصاداتها والتشجيع على العمل في القطاع الخاص، ويمكن أن يكون تعظيم التعاون بين دول الخليج وسيلة فعالة للإسهام في تلبية هذه الاحتياجات، فمن الممكن أن يقدم مجلس التعاون لدول الخليج العربية مزايا عملية للمواطنين والمقيمين في الخليج في مجالات المواصلات والتوظيف والاتصالات والتعليم والتدريب والأمن الغذائي والمائي».
ودعا الطاهر «دول مجلس التعاون إلى سرعة إطلاق الاتحاد الجمركي وإطلاق العملة الخليجية الموحدة»، لافتاً إلى أن «خطة تأسيس اتحاد نقدي خليجي تباطأت خاصة مع انسحاب سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة من خطة تبني عملة مشتركة في عامي 2006 و2009، كما أعلن عن مشروع للسكك الحديدية يربط بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في القمة الـ24 لمجلس التعاون في عام 2003، لكن المشروع تأجل مراراً نتيجة لخضوعه لدراسات مكثفة مازالت مستمرة».
وأشار الطاهر إلى أن «دول التعاون تحتاج إلى إعادة التفكير في هياكل المجلس خصوصاً تأكيده على النزعة الحكومية الإقليمية واعتماده على صيغة الإجماع في صنع قراراته، ولاشك في أن مجلس التعاون الخليجي يحتاج إلى نموذج أكثر قابلية للحياة والتطبيق يخدم مصالح شعب الخليج. لكنه إذا كانت الدول الأعضاء في المجلس تستطيع التغلب على انقسامات الماضي والتنسيق فيما بينها بشأن التحسينات العملية التي يمكن إدخالها على مستوى الحياة في منطقة الخليج، فإن هذه الدول مجتمعة تصبح بلا شك قوة مؤثرة في عملية التنمية بالشرق الأوسط».