صافح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس (الثلاثاء) راوول كاسترو رئيس كوبا، العدو اللدود للولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة، خلال حفل تأبين نلسون مانديلا في سويتو.
ومد أوباما يده للمصافحة قبل التوجه إلى المنصة لإلقاء كلمته في الحفل، وذلك في مؤشر جديد على استعداده للتواصل مع أعداء الولايات المتحدة، بحسب ما ذكره مسؤول أمريكي.
وشاهد ملايين الأشخاص الذين كانوا يتابعون المراسم في بث حي في أنحاء العالم، المصافحة بين الرئيسين.
وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعي أوباما تنفيذ وعده بالتواصل حتى مع أشد خصوم الولايات المتحدة.
إلى ذلك؛ خطف أوباما الأضواء في حفل التأبين الذي حضره عشرات الآلاف وشكل تجمعاً لا سابق له لكبار قادة العالم.
ووصف الرئيس الأمريكي مانديلا بأنه «أحد عمالقة التاريخ»، ولم يتردد في انتقاد القادة الكثر الذين «يقولون إنهم متضامنون مع معركة مانديلا من أجل الحرية لكنهم لا يتقبلون أي معارضة من قبل شعوبهم».
وقال أوباما الذي صفق له الحشد طويلاً «يصعب الإشادة برجل (...) والأصعب عندما يكون أحد عمالقة التاريخ وقاد الأمة إلى العدالة».
وعلى المنصة في مكان غير بعيد عنه، جلس ممثلو النظام الصيني أو رئيس زيمبابوي روبرت موغابي اللذان يوجه إليهما الغرب باستمرار انتقادات بسبب أدائهما في مجال حقوق الإنسان.
وكان الآلاف ومنذ ساعات الصباح الباكر قد اتخذوا أماكنهم في المدرج الواقع في سويتو، حيث كانوا يغنون تحت أمطار غزيرة أناشيد تعود إلى عهد التمييز العنصري عندما كان بطلهم مانديلا مسجوناً.
وروى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عند وصوله إلى الملعب «اقترحوا علينا ارتداء ربطة عنق سوداء». وأضاف «لكن عندما نسمع هذه الهتافات وعندما نرى أجواء الاحتفال السائد نتأكد أن أهل جنوب أفريقيا يريدون وداع هذا الرجل العظيم وكذلك الاحتفاء بحياته وإرثه».
وبدأ الحفل بالنشيد الوطني لجنوب أفريقيا، ثم تعاقبت الخطب والأغاني.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة من جهته إن «جنوب أفريقيا فقدت أباً والعالم فقد صديقاً عزيزاً وأخاً». وأضاف أن «نلسون مانديلا دلنا على طريق بقلب أكبر من هذا المدرج وابتسامة معدية يمكن أن تشعل الأضواء».
وتابع بأن مانديلا «كان يكره الكراهية (...) وأظهر قوة الصفح وقدرتها على توحيد الناس».
وقامت منسقة المؤتمر الوطني الأفريقي (الحزب الحاكم) بعد ذلك بغناء النشيد الوطني مع الحشد الذي كان يردد مقاطع منه.
وقد قوبل رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما بصيحات استهجان مع بداية مراسم التأبين.
وفي لقطات بثها تلفزيون جنوب أفريقيا، صدرت صيحات استهجان عن مجموعات من أنصار «مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية» (ايكونوميك فريدوم فايترز)، حزب الرئيس السابق لشباب المؤتمر الوطني الأفريقي جوليوس ماليما المناهض جداً لزوماً، الذي يعبئ خصوصاً الشباب العاطل عن العمل والذي غالباً ما تكون جماهيره غير منضبطة.
وعندما بدأ زوما يلقي خطابه، غادر قسم من الجمهور المدرج. وتعهد زوما في هذا الخطاب «بمواصلة» عمل نلسون مانديلا من أجل جنوب أفريقيا «ديموقراطية (...) وخالية من الفقر»، مشدداً على الطابع «الفريد» لابي «أمة قوس قزح».
وكرر مرات عدة «لا أحد مثل ماديبا، كان فريداً».
وتابع «على شرفه، سنواصل التزامنا بناء أمة أساسها القيم الديموقراطية والكرامة البشرية والحرية».
لكن حشود ستاد سوكر سيتي صفقوا ترحيباً بالرئيس السابق ثابو مبيكي، الذي دفعه زوما إلى التنحي عن الحكم في 2008- ونائب الرئيس غاليما موتلانتي الذي ترشح ضد زوما لقيادة المؤتمر الوطني الأفريقي.
وفي موسكو شبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نلسون مانديلا بالمهاتما غاندي والمنشق السوفياتي الحاصل على جائزة نوبل للآداب الكسندر سولجينتسين.
وصرح بوتين للصحافيين أثناء زيارته لسفارة جنوب افريقيا في موسكو أن مانديلا كان «دون أدنى شك صديقاً لشعبنا».